الخميس، 25 ديسمبر 2025

07:53 ص

محمد طلعت يكتب: تطبيقات النقل الذكي وأسئلة مشروعة حول معايير الأمان

الأربعاء، 24 ديسمبر 2025 03:47 م

محمد طلعت

محمد طلعت

بينما يضغط أي شخص على زر طلب الرحلة في هاتفه المحمول ويطمئن لرؤية صورة السائق وتقييمه المرتفع قد لا يخطر بباله أنه ليس وحده من يراقب الطريق فخلف المقعد الأمامي قد يجلس شخص يحمل سجلا جنائيا سابقا سمحت له المنصة بالقيادة.

هذا ليس مشهدا من فيلم بل حقيقة اعترفت بها شركة أوبر داخل الولايات المتحدة وكشفها تحقيق استقصائي لصحيفة نيويورك تايمز ما أثار تساؤلات واسعة حول مفهوم الأمان الذي تسوقه تطبيقات النقل الذكي حول العالم.

كشف التحقيق أن أوبر توظف بشكل روتيني سائقين أدينوا سابقا بجرائم عنف من بينها الاعتداء وإساءة معاملة الأطفال بشرط مرور 7 سنوات على الجريمة وتبرر الشركة هذه السياسة بأنها تمنح المخطئين فرصة ثانية لإعادة الاندماج في المجتمع لكن السؤال الذي يفرض نفسه هل يجب أن يكون ثمن هذه الفرصة هو تعريض الركاب للخطر؟

الأرقام الواردة في تقارير الشركة نفسها تشير إلى تلقي بلاغ عن تحرش أو سلوك جنسي غير لائق بمعدل بلاغ كل 32 دقيقة وهو رقم يضع سياسة الفرصة الثانية تحت مجهر أخلاقي وقانوني، إذا كانت هذه الثغرات موجودة في بلد المنشأ حيث الرقابة القانونية والتكنولوجية مشددة فماذا عن دول مثل مصر؟

تعتمد شركات النقل التشاركي في مصر على صحيفة الحالة الجنائية عند تسجيل السائق لأول مرة لكن يظل السؤال مطروحا هل يتم تحديث هذه البيانات بشكل دوري؟ وهل توجد آلية تمنع سائقا ارتكب جريمة لاحقا في محافظة أخرى من الاستمرار في القيادة؟

فالحوادث التي شهدها الشارع المصري خلال السنوات الأخيرة من قضايا قتل إلى محاولات تحرش واختطاف تجعل هذه الأسئلة أكثر إلحاحا وتفتح باب التساؤل حول ما إذا كانت السياسات العالمية للشركات تُطبق محليا دون مراعاة للخصوصية الأمنية والمجتمعية.

ولدي سؤال موجه  لشركة أوبر مصر على وجه الخصوص هل يتم تطبيق نفس سياسة الـ7 سنوات التي تطبقها الشركة الأم في الولايات المتحدة ؟ وهل تسمح لمن لديهم سوابق عنف بالقيادة طالما مر الزمن على جريمتهم؟

فالحوادث الأخيرة التي هزت الرأي العام المصري من قضية حبيبة الشماع إلى محاولات الاختطاف والتحرش المتكررة تجعلنا نتساءل هل نحن أمام سياسة عالمية موحدة تضع الأرباح والنمو قبل أرواح الركاب خاصة إن الشركة حققت صافي ربح قدر بـ 6.6 مليار دولار في الربع الثالث من 2025 أم أن أوبر مصر لديها استقلالية وقواعد خاصة تلائم المجتمع المصري؟.
في ردودها الرسمية صنفت الشركة الأم (أوبر الولايات المتحدة) نسبة كبيرة من بلاغات التحرش بأن 75% منها أقل خطورة مثل التعليقات على المظهر لكن في مجتمع محافظ لا يُعد هذا سلوكا بسيطا بل يمثل شكلا واضحا من أشكال التحرش وقد يكون مدخلا لجرائم أكثر خطورة خاصة أن دراسات عديدة تؤكد أن نسبة كبيرة من مرتكبي الجرائم الجنسية لديهم سوابق سابقة ومنها دراسات لوزارة العدل الأمريكية التي أكدت أن ثلث مرتكبي الاغتصاب لديهم سوابق جنائية سابقة.

إن ما كشفته نيويورك تايمز يضعنا أمام تساؤلات مهمة حول خدمات النقل الذكي في مصر ويجعلنا نتساءل عن الرقابة الحكومية؟ وهل تطلع الجهات المعنية على قواعد القبول الداخلية لشركات النقل التشاركي المختلفة؟ وهل يتم فحص سجلات السائقين بشكل مفاجئ؟ وإلى أي مدى يمكن الوثوق في أنظمة التقييم داخل التطبيقات؟ ولماذا تصر الشركات على اعتبار نفسها وسيطاً تقنياً عند وقوع الجرائم رغم أنها من سمحت للسائق بالوصول إلى الراكب؟

لم تعد الرحلة مجرد وسيلة انتقال مريحة بل أصبحت في بعض الحالات مخاطرة غير محسوبة فالاعتراف الأمريكي الأخير يفرض إعادة النظر في مفهوم الأمان داخل تطبيقات النقل الذكي ويؤكد أن الأمان الحقيقي لا يتحقق عبر نجوم التقييم أو الصور الشخصية بل من خلال رقابة صارمة وتحديث دائم للبيانات ومساءلة قانونية واضحة فالأمان ليس خدمة إضافية داخل التطبيق بل حق أساسي لا يجب أن يُترك للصدفة ولا للتجربة فهو حق أصيل يتطلب قبضة حديدية ورقابة لا تنام قبل أن يتحول الإشعار القادم على تليفونك إلى محضر شرطة جديد.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هُــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search