الأربعاء، 24 ديسمبر 2025

09:13 م

بين مكافحة الاكتئاب والتنبؤ المبكر بالعدوى، الذكاء الاصطناعي يُغيّر مفهوم الرعاية الصحية

الأربعاء، 24 ديسمبر 2025 07:32 م

الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية

الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية

تشهد أنظمة الرعاية الصحية عالميًا ضغوطًا مالية متزايدة نتيجة ارتفاع معدلات الأمراض المزمنة والاضطرابات النفسية، إلى جانب تفشي العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية داخل المستشفيات، هذه التحديات لا تقتصر على الجانب الطبي فحسب، بل تمتد لتشكل عبئًا اقتصاديًا ضخمًا يهدد استدامة الأنظمة الصحية. 

وفي هذا السياق، يبرز الذكاء الاصطناعي كحل تقني يحمل في طياته أبعادًا اقتصادية استراتيجية، قادرة على إعادة تشكيل معادلة التكلفة والعائد في القطاع الصحي.

تكلفة خفية بمليارات الدولارات.. العدوى والاكتئاب كنموذجين

تعد العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية من أكثر الأسباب استنزافًا للموارد المالية داخل المستشفيات، فوفقًا لتقديرات حديثة، تتكبد المملكة المتحدة ما بين 2.1 و2.7 مليار جنيه إسترليني سنويًا نتيجة هذه العدوى، بينما تصل الخسائر في الولايات المتحدة إلى ما يقارب 15 مليار دولار. 

وتشمل هذه التكاليف نفقات العلاج الإضافي، وإطالة فترات الإقامة في المستشفى، واستهلاك الموارد الطبية، فضلًا عن الخسائر غير المباشرة المرتبطة بزيادة معدلات الوفاة وانخفاض الإنتاجية.

وعلى نحو مشابه، يسهم الاكتئاب في رفع الإنفاق الصحي والاقتصادي، سواء عبر زيادة الطلب على الخدمات الطبية أو من خلال تأثيره على القدرة الإنتاجية للأفراد. 

ويؤدي التأخر في التشخيص أو سوء التقدير السريري إلى مضاعفة هذه الكلفة، ما يجعل البحث عن أدوات تقييم أكثر دقة وسرعة ضرورة اقتصادية وليس مجرد تحسين تقني.

الذكاء الاصطناعي كأداة لخفض التكاليف وليس زيادتها

رغم أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يتطلب بنية تحتية رقمية وتكاليف تطوير أولية، فإن التحليل الاقتصادي طويل الأمد يظهر أنه أداة فعالة لخفض النفقات التشغيلية. 

فالأنظمة الذكية القادرة على التنبؤ المبكر بالعدوى أو اكتشاف الاكتئاب في مراحله الأولية، تقلل الحاجة إلى تدخلات علاجية مكلفة لاحقًا، وتحد من المضاعفات التي تستنزف ميزانيات المستشفيات.

على سبيل المثال، نموذج ذكاء اصطناعي يطبق على السجلات الصحية الإلكترونية، يمكنه تحليل آلاف الحالات في وقت قياسي، دون الحاجة إلى زيادة عدد الكوادر الطبية. 

وهذا يعني تحقيق وفورات ناتجة عن تحسين توزيع الموارد، وتقليل الأخطاء البشرية، ورفع كفاءة اتخاذ القرار السريري.

البيانات الرقمية.. الوقود الاقتصادي للذكاء الاصطناعي

يشكل التطور الرقمي المتسارع لبيانات الرعاية الصحية، حجر الأساس في الجدوى الاقتصادية للذكاء الاصطناعي، فإتاحة السجلات الطبية الإلكترونية، والملاحظات السريرية النصية، وبيانات المرضى السلوكية، سمحت للنماذج الذكية بالعمل على نطاق واسع وبتكلفة تشغيلية منخفضة نسبيًا.

كما أن إدخال تقنيات معالجة اللغة الطبيعية ونماذج اللغة الكبيرة، أضاف قيمة اقتصادية جديدة، من خلال استغلال مصادر بيانات كانت مهمشة سابقًا، مثل النصوص الحرة في الملفات الطبية. 

هذا التوسع في مصادر البيانات يرفع من دقة النماذج، ويزيد من العائد على الاستثمار التقني، مما يبرز دور الذكاء الاصطناعي في اكتشاف العلاج مبكرًا والقضاء عليه قبل أن يتفاقم.

قفزة الذكاء الاصطناعي في الطب خلال 2025

شهد عام 2025 طفرة غير مسبوقة في توظيف الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، حيث أسهمت التقنيات القائمة على تحليل البيانات الضخمة والنماذج الذكية في إحداث تحولات جوهرية في تشخيص الأمراض وعلاجها. 

وكان من أبرز هذه التحولات، التقدم في أبحاث علاج السرطان، عبر تحليل البيانات الجينية وربطها باستجابة المرضى للعلاجات الدوائية، ما أتاح تحسين فعالية العلاجات المناعية بجرعات أقل، مثل دواء «إيبيليموماب» المستخدم في علاج سرطان الجلد. 

كما مكنت الأدوات الذكية من إدارة وتصنيف البيانات المرضية بسرعة ودقة عاليتين، الأمر الذي قلص زمن التشخيص وزاد من فرص التدخل العلاجي المبكر، بما ينعكس إيجابًا على نتائج المرضى.

التقنيات العصبية والآفاق العلاجية المستقبلية

ومن أبرز إنجازات عام 2025 أيضًا، تطوير غرسات عصبية متقدمة تربط الدماغ مباشرة بالحاسوب، طورها باحثون من جامعات ومراكز طبية رائدة مثل كولومبيا وستانفورد وبنسلفانيا ومستشفى نيويورك بريسبيتيريان. 

وتعتمد هذه التقنية على شريحة سيليكون، تزرع في الدماغ، لتوفير اتصال لاسلكي عالي الكفاءة، ما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج حالات مثل الصرع، وإصابات الحبل الشوكي، والتصلب الجانبي الضموري، والسكتات الدماغية، إضافة إلى احتمالات مستقبلية لعلاج العمى وفقدان الحركة. 

وبالتوازي مع ذلك، أسهم الذكاء الاصطناعي في تحقيق تقدم ملحوظ في علاج الأمراض الأيضية كمرض السكري، واكتشاف جزيئات جديدة تحسن حساسية الإنسولين.

فضلاً عن دعم أبحاث أمراض الكبد والخرف والصرع، ليؤكد هذا التقدم أن دمج الذكاء الاصطناعي بالطب يشكل نقلة نوعية نحو رعاية صحية أكثر سرعة وفعالية ودقة.

تحديات اقتصادية وتنظيمية لا يمكن تجاهلها

ورغم هذه الوعود، لا يخلو تطبيق الذكاء الاصطناعي من مخاطر اقتصادية، فالتحيز الخوارزمي قد يؤدي إلى قرارات تشخيصية غير عادلة، ما يفتح الباب أمام تكاليف قانونية وتنظيمية مستقبلية. 

كما أن الاعتماد المفرط على الأنظمة الذكية دون رقابة بشرية قد ينتج عنه أخطاء باهظة الثمن، سواء على المستوى الطبي أو المالي.

لذلك، فإن العائد الاقتصادي الحقيقي للذكاء الاصطناعي، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمدى دمجه ضمن أطر تنظيمية واضحة، وباعتماد نماذج قابلة للتفسير، وقابلة للتعميم في البيئات السريرية الواقعية.

استثمار استراتيجي في مستقبل الرعاية الصحية

في المحصلة، لا يمكن النظر إلى الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية بوصفه ترفًا تقنيًا، بل كاستثمار اقتصادي استراتيجي طويل الأجل. 

فمع تصاعد تكاليف العلاج وضيق الموارد، يقدم الذكاء الاصطناعي فرصة حقيقية لتحسين جودة الرعاية الصحية، وتقليل الهدر المالي، وتحقيق توازن أفضل بين الكُلفة والنتائج الصحية.

وبينما لا يزال الطريق نحو التطبيق الواسع محفوفًا بالتحديات، فإن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى أن تجاهل الذكاء الاصطناعي قد يكون أكثر كُلفة من تبنيه المدروس.

اقرأ أيضًا:

أداة ذكاء اصطناعي جديدة تتنبأ بالأمراض الناتجة عن الطفرات الجينية

المستشفى الذكي، ثورة حتمية لمواجهة تحديات الرعاية الصحية في العصر الرقمي

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هُــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search