20% فقط من أهداف التنمية المستدامة على المسار.. والعالم يقترب من نقطة اللاعودة
الجمعة، 28 نوفمبر 2025 10:43 م
مؤشرات التنمية المستدامة
يكشف تقرير حلول التنمية المستدامة، التابعة للأمم المتحدة، عن صورة قاتمة لمسار التنمية العالمية في مؤتمر التمويل من أجل التنمية الرابع (FfD4)، حيث أصبحت الأزمات السياسية والمناخية والاقتصادية مترابطة على نحو غير مسبوق، فبالرغم من الزخم الذي رافق إطلاق أجندة 2030 قبل نحو عقد، إلا أن الواقع اليوم يشي بتراجع مقلق، بأقل من 20% من أهداف التنمية المستدامة على المسار الصحيح.
هذا التراجع لا يعود فقط إلى البطء في التنفيذ، بل إلى تعقيد المشهد الدولي، بدءًا من الصراعات المسلحة التي تضرب مناطق مختلفة من العالم، وصولًا إلى الكوارث المناخية المتكررة من حرائق الغابات إلى الفيضانات والأعاصير، التي أصبحت أشد وطأة بفعل التغير المناخي الناجم عن النشاط البشري.
ويشير التقرير، إلى أن أي دولة مهما بلغت درجة تطورها أو استقلال قرارها، لا تستطيع أن تعزل نفسها عن هذه الأزمات، فالعالم أصبح مترابطًا إلى درجة تجعل من السياسات الأحادية أو الانعزالية خطرًا على الجميع، ويصبح في ظل هذا الترابط، التعاون الدولي ليس خيارًا أخلاقيًا فحسب، بل ضرورة اقتصادية وإنسانية لحماية مستقبل البشرية.

اقتصاد عالمي غني بالمدخرات.. فقير في العدالة
وعلى الرغم من اتساع حجم المدخرات على المستوى العالمي والتي تقدر بنحو 30 تريليون دولار سنويًا، فإن النظام المالي الدولي ما يزال عاجزًا عن توجيه هذه الموارد نحو الدول الأكثر احتياجًا، فالدول ذات الدخل المرتفع، تستحوذ على الحصة الأكبر من رؤوس الأموال، بينما تظل الدول الفقيرة تعاني شح التمويل، وارتفاع تكلفة الاقتراض، وقصر آجال السداد، ويكشف التقرير عن مفارقة اقتصادية مهمة وهي أن الدول الفقيرة، تمتلك أعلى فرصٍ للنمو، وبالتالي أعلى عوائد على الاستثمار.
فالدول النامية تحقق معدلات نمو تفوق نظيراتها المتقدمة، ويرجع ذلك إلى ظاهرة اللحاق الاقتصادي، التي تتيح لهذه الدول إذا توفرت لها البيئة المناسبة، تحقيق قفزات سريعة في الإنتاجية والدخل، ومع ذلك، فإن تدفق الاستثمار إليها، ما يزال أقل من المطلوب بكثير، بسبب هذا الخلل العميق في بنية النظام المالي العالمي، الذي يفضل توجيه الأموال نحو اقتصادات مستقرة بالفعل، حتى وإن كانت عوائد الاستثمار فيها أقل.

الاستثمار في البشر.. أعلى عائد اقتصادي غير مستغل
ويركز التقرير على أن الاستثمار في رأس المال البشري، وبخاصة الطفولة المبكرة، يمثل أكثر الأنشطة الاقتصادية ربحية، إذ يمكن أن يحقق عائدًا يصل إلى 20% سنويًا على المدى الطويل، لكن رغم هذا العائد الهائل، يعيش العالم واقعًا مقلقًا، فـ250 مليون طفل خارج المدارس و733 مليون شخص يعانون الجوع المزمن بالإضافة إلى أن نحو ثلث سكان العالم، غير قادرين على تحمل كلفة غذاء صحي.
ويؤكد التقرير أن الدول الفقيرة، خصوصًا في إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب أسيا، غير قادرة على توفير التمويل اللازم لضمان التغذية والصحة والتعليم لأطفالها، وهذا يعني أن ملايين الأطفال يدخلون الحياة بسلسلة من الحرمان المبكر الذي يقلص قدراتهم الإنتاجية مستقبلًا، ويكرس حلقة الفقر داخل مجتمعاتهم.
ويشير التقرير إلى معادلة بسيطة، فإذا كانت الدول الفقيرة تستطيع الاستثمار في تعليم أطفالها اليوم من خلال قروض طويلة الأجل، فإن هؤلاء الأطفال بعد دخولهم سوق العمل، سيولدون الدخل الذي يمكن الحكومات من سداد هذه القروض، لكن هذا لا يمكن أن يحدث إلا بوجود نظام تمويل دولي، يسمح بالاقتراض الطويل الأجل منخفض الفائدة.
التكنولوجيا.. فرصة واعدة إذا تحققت العدالة الرقمية
ويولي التقرير، أهمية كبيرة للتطور التكنولوجي، مؤكدًا أن العام الأخير شهد ابتكارات يمكن أن تغير قواعد اللعبة، مثل الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر منخفض التكلفة (DeepSeek)، وتقنيات الشحن الفائق السرعة للسيارات الكهربائية التي طورتها شركة BYD الصينية، إضافة إلى اكتشافات علمية حازت على جوائز نوبل، وقد تفتح آفاقًا جديدة لعلاج الأمراض وتطوير الأدوية، وهذه التطورات يمكن أن تكون رافعة هائلة للتنمية في الدول الفقيرة، إذا استطاعت الوصول إليها وتوظيفها.
ويحذر التقرير من أن غياب الأطر التنظيمية والأخلاقية، قد يؤدي إلى احتكار التكنولوجيا من قبل الشركات الكبرى أو الدول الغنية، ما يوسع فجوة عدم المساواة الرقمية، ويطالب الحكومات بالتعاون مع الأكاديميين والمجتمع المدني، لوضع قواعد تضمن الاستخدام الآمن والعادل لهذه الابتكارات.

إصلاح النظام المالي العالمي.. معركة لا تحتمل التأجيل
ويضع التقرير إصبعه على الجرح الحقيقي، وهو أن النظام المالي الدولي نفسه هو العقبة الأساسية أمام التنمية، فآليات الإقراض الحالية، تفرض على الدول الفقيرة معدلات فائدة مرتفعة، وفترات سداد قصيرة، ما يجعلها عالقة في دوامة لا تنتهي من الديون، لذلك يدعو التقرير إلى إعادة هيكلة شاملة للنظام المالي، بحيث يتم توجيه المدخرات العالمية، نحو الاستثمارات ذات الأولوية في الدول منخفضة الدخل، عبر تمويل طويل الأجل يمتد 30 إلى 40 عامًا.
وهذا النوع من القروض، يمنح الدول القدرة على الاستثمار في المشاريع التي تؤتي ثمارها على المدى البعيد، مثل التعليم والصحة والحماية الاجتماعية والبنية التحتية.
إعفاءات الديون ومبادلات التنمية.. حلول عملية قابلة للتنفيذ
ويقترح التقرير مجموعة من الأدوات التي يمكنها تخفيف عبء الديون على الدول الفقيرة، أبرزها إعادة هيكلة الديون بحيث تمتد آجال السداد لعقود، ومبادلات الديون مقابل المشروعات المناخية، ومبادلات الديون مقابل حماية الطبيعة، ومبادلات الديون مقابل التعليم، كما يستهدف التقرير معالجة الديون غير العادلة، وإعطاء الدول مساحة للتنفس من أجل تحقيق التنمية وتمهيد طريق السلام.

التنمية مرهونة بإعادة توزيع المال والفرص
ويقدم التقرير، رؤية واضحة مفادها أن العالم يمتلك الموارد والتكنولوجيا والمعرفة اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة، لكن العقبة الأساسية هي عدم عدالة توزيع التمويل العالمي، فإذا استطاعت نتائج مؤتمر FfD4 أن تعيد صياغة النظام المالي الدولي، وتمكين الدول الفقيرة من الوصول إلى التمويل طويل الأجل، فقد يشهد العالم انفراجة تنموية قادرة على تغيير مسار أهداف 2030.
أما إذا بقي التمويل محصورًا في الاقتصادات الغنية، واستمرت الدول الفقيرة في مواجهة الديون المرتفعة، فإن العالم سيتجه نحو مزيد من اللامساواة، وستضيع فرصة تاريخية لإحداث تحول حقيقي في مسار التنمية العالمية.
اقرأ أيضًا:-
تحليل مؤشر التنمية المستدامة 2025، فنلندا تتصدر بـ87% والعالم يبتعد عن أهداف 2030
2030 بين الطموح والواقع، من يقود التنمية المستدامة عالميًا قبل 5 سنوات من خط النهاية؟
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
بين خسائر بتكوين وطفرة الرياض، بلاك روك تعيد توجيه ملياراتها نحو الأصول المستقرة
26 نوفمبر 2025 05:00 م
ON أون السويسرية، صاعدة جديدة تهز عرش نايكي وأديداس وتعيد رسم قواعد سوق الأحذية الرياضية
26 نوفمبر 2025 01:00 م
طفرة عالمية، سوق صيدليات التجزئة يلامس 0.83 تريليون دولار في 2025
26 نوفمبر 2025 09:32 ص
أكثر الكلمات انتشاراً