الأربعاء، 26 نوفمبر 2025

09:44 م

بين خسائر بتكوين وطفرة الرياض، بلاك روك تعيد توجيه ملياراتها نحو الأصول المستقرة

الأربعاء، 26 نوفمبر 2025 05:00 م

بلاك روك

بلاك روك

في مشهد يعكس تغيرًا واضحًا في مزاج المستثمرين عالميًا، شهدت بلاك روك أكبر مديرة للأصول في العالم تطورين متناقضين ظاهريًا خلال الأسبوع الأخير:

الأول، نزيفًا حادًا في صندوق بتكوين التابع لها في الولايات المتحدة، والثاني، توجهاً استراتيجيًا متسارعًا لمضاعفة استثماراتها في السعودية، وبين الحدثين، تتبدى ملامح تحول أعمق في خريطة المخاطر والفرص بين الأسواق المتقدمة والناشئة.

بلاك روك

نزيف بتكوين.. حين تتراجع الثقة رغم المؤسسة

خسارة 523 مليون دولار في يوم واحد من صندوق iShares Bitcoin Trust، وهو أكبر سحب يومي منذ إطلاقه، ولم يكن مجرد حركة سيولة عادية، بل إشارة قوية إلى اهتزاز المعنويات داخل سوق تعتمد أساسًا على الثقة والزخم.

فالعملة الأكبر في العالم فقدت نحو 30% من قيمتها منذ ذروتها في أكتوبر، ودخلت في دوامة انخفاضات قاسية غذاها تراجع السيولة وانكماش شهية المخاطرة.

الأخطر في المشهد أن موجة الخروج من صناديق بتكوين الأميركية تجاوزت 3 مليارات دولار في نوفمبر وحده، منها نحو ملياري دولار من صندوق "آي بيت" (IBIT) التابع لبلاك روك، والذي كان ينظر إليه حتى وقت قريب كدليل على الاستثمار في العملات المشفرة.

ما وراء نزيف السيولة؟

ضغوط بيع من مستثمرين طويلي الأجل خفضت عمق السوق، ومحت موجة تصفية في أكتوبر 19 مليار دولار من رهانات الرافعة المالية.

كما ضعف توقعات خفض الفائدة الأمريكية، ما يعزز قوة الدولار ويضغط على الأصول عالية المخاطرة، وتحول المتداولين إلى مراكز تحوط ضد هبوط إلى 80 ألف دولار بنهاية ديسمبر، ما يعكس هيمنة سيناريو الهبوط على الأجواء.

هكذا يظهر أن الانخفاض ليس مجرد تصحيح سعري، بل أزمة ثقة تتسع رقعتها.

بلاك روك السعودية

في المقابل.. يتعاظم رهان بلاك روك على السعودية

على الجانب الآخر من العالم المالي، تتحرك بلاك روك في اتجاه معاكس تماماً. فبينما تهرب السيولة من صناديق بتكوين، تتدفق خطط الشركة نحو الشرق الأوسط وبالأخص السعودية، حيث تنوي مضاعفة حجم استثماراتها خلال الأعوام المقبلة.

حتى الآن، ضخت الشركة أكثر من 35 مليار دولار في المملكة عبر أسهم وسندات وبنية تحتية، وتعمل عبر أربعة فرق استثمارية مقرها الرياض، في مؤشر على انتقال ثقل استثمارها تدريجيًا من الأسواق التقليدية إلى أسواق النمو.

لماذا السعودية؟

موجة مشاريع غير نفطية هائلة، من توسعة مترو الرياض إلى بناء واحد من أكبر مطارات العالم، إلى جانب سباق مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي، ووجود مشاريع تتطلب رأسمال ضخم وخبرة عالمية.

استقرار الطاقة ورؤية 2030 أيضًا يجعل البنية التحتية فرصة طويلة الأمد، ووجود تعاون وثيق مع صندوق الاستثمارات العامة، الذي ضاعف قدرته على اجتذاب مؤسسات وول ستريت.

تنظر بلاك روك إلى الشرق الأوسط باعتباره وجهة استثمارية ناشئة في مرحلة مبكرة، أشبه بما كانت تمثله آسيا في بداية الألفية.

بلاك روك

التناقض الظاهري.. وتحول العمق الاقتصادي

للوهلة الأولى، تبدو سعودية بلاك روك المختلفة عن أمريكا البتكونية تناقضاً، لكن الحقيقة أن المؤسستين سواء صندوق بتكوين المتراجع واستثمارات البنية التحتية المتصاعدة، تعكسان تحولاً أعمق في سلوك رأس المال العالمي:

  • بتكوين تمثل قمة التقلب، والبنية التحتية السعودية تمثل قمة الاستقرار المدعوم بسياسات حكومية طويلة الأمد وتمويل سيادي.
  • بينما الأسواق الأمريكية تمر بفترة عدم يقين نقدي، والسعودية تقدم دورة استثمارية جديدة كلياً، ممولة بمئات مليارات الدولارات.

الفرق واضح بين رهانات الوصول إلى 100 ألف دولار في بتكوين، ومشروعات مطارات ومراكز بيانات وقطارات تمتد لعقود.

ماذا يعني هذا للمستثمرين؟

الانكماش الأخير يعيد إلى السطح حقيقة أن دخول المؤسسات لا يعني ضمان الاستقرار، وأن السوق ما زال هشاً أمام الصدمات ومحدودية السيولة.

من الواضح أن صناديق المال العالمية بدأت تبحث خارج الأطر التقليدية، خصوصًا في مشاريع البنية التحتية التي تمنح عوائد طويلة الأجل غير مرتبطة مباشرة بتقلبات أسعار الفائدة.

رأس المال الضخم يعود إلى الأصول الملموسة (موانئ، طاقة، مطارات، مراكز بيانات)، بعد سنوات من تدفقه إلى عملات ومشتقات ومضاربات افتراضية.

بلاك روك

بين نزيف بتكوين وصعود السعودية.. خريطة جديدة للاستثمار العالمي

توضح حركة بلاك روك في المحورين أن العالم يدخل مرحلة إعادة تموضع كبرى، التكنولوجيا المالية والمضاربات الرقمية تتعرض لضغوط انعكست في سحب الأموال وتآكل الثقة.

بينما تظهر السعودية ومنطقة الخليج كوجهة استثمارية ثقيلة تعتمد على مشاريع استراتيجية لا تتأثر بالضوضاء قصيرة الأجل.

بمعنى آخر، إذا كانت السنوات الخمس الماضية هي سنوات الزخم الرقمي، فإن السنوات القادمة قد تكون سنوات البنية التحتية والقوة الاقتصادية الواقعية، وتبدو بلاك روك أول من يلتقط إشارة هذا التحول بوضوح.

اقرأ أيضًا:

أكبر شركة لإدارة الأصول عالميًا تستحوذ على حصة من "فوري" بـ876 مليون جنيه

رجل "بلاك روك" يقترب من "الكرسي الأخطر في العالم"، ترامب يختار بين 11 مرشحا

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search