سوق أقمشة السيارات يقترب من 40 مليار دولار في 2025، هل مصر ستدخل اللعبة؟
الأربعاء، 19 نوفمبر 2025 01:04 م
أقمشة السيارات
ميرنا البكري
رغم أن أقمشة السيارات قد تبدو مجرد تفصيلة صغيرة ضمن صناعة ضخمة، إلا أن هذا السوق أصبح من أسرع الأسواق العالمية تغيرًا، مدفوعًا بثلاثة تحولات كبرى: ثورة السيارات الكهربائية، صعود التصميم الداخلي كمكون تنافسي، والاتجاه العالمي نحو الاستدامة وتقليل الانبعاثات. هذه العوامل أدت إلى تسارع نمو الصناعة، مع إقبال الشركات العالمية على الاستثمار في الأقمشة والمواد الليفية باعتبارها عنصرًا أساسيًا في خفض الوزن، تحسين الكفاءة، وتقديم تصميم داخلي متميز يمنح الركاب شعورًا بالأمان.
يستعرض هذا التقرير الصورة الكاملة للسوق، بدءًا من اتجاهات النمو للفترة من 2025 حتى 2035، ودور الأقمشة والمواد الليفية في صناعة السيارة داخليًا وخارجيًا، مع تسليط الضوء على أبرز التقنيات الحديثة، اللاعبين الرئيسيين عالميًا، ودور كل دولة في تطوير الصناعة. وفي ختام التقرير، نسلط الضوء على السوق المصري، مستعرضين فرصه وتحدياته، ومدى إمكانية تحوله إلى مركز إقليمي لهذه الصناعة في المستقبل القريب.

نمو السوق 2025 لـ 2035
يقبل سوق أقمشة السيارات العالمية على مرحلة صعود مستقر ومدروس، وليس ارتفاع سريع مؤقت، فبحسب التقرير الصادر من Future Market Insights، يُتوقع أن يصل حجم السوق إلى 39.8 مليار دولار بنهاية 2025، مع تقديرات بأن يتجاوز حجمه 56 مليار دولار بحلول عام 2035، بمعدل نمو سنوي 3.6%.
وتعتبر هذه الأرقام مؤشر على أن المرحلة المقبلة لا تشهد زيادة طلب فحسب، بل إعادة تشكيل في نوع المواد المستخدمة في صناعة السيارات من الداخل، فلابد أن تكون المواد خفيفة ومستدامة، ولديها قدرة على تحمل الحرارة والاحتكاك مع جودة أعلى.
3 محركات تغير قواعد اللعبة
تتمثل المواد الليفية في الأقمشة والألياف الصناعية والطبيعية التي تدخل في صناعة السيارات، سواء في التنجيد، الحشوات، الأبواب، أو حتى المكونات الهيكلية الخفيفة، فأصبحت هذه المواد عنصر أساسي؛ لأنها لا تقتصر على تحديد شكل وفخامة المقصورة (السيارة من الداخل) فحسب، بل تؤثر على وزن السيارة واستهلاك الوقود وعمر المكونات، وإليك الـ 3 محركات التي تدعم نمو المواد الليفية:
1.السباق نحو سيارات أخف وزنًا
في الفترة الأخيرة تتعرض شركات السيارات لضغوطات عدة بسبب انبعاثات الكربون، وبالتالي أصبحت المواد الليفية خاصةً الكربون والفايبر جلاس حل سحري يجمع بين خفة الوزن والقوة والصلابة بالإضافة إلى تقليل استهلاك الوقود والكهرباء، مما يجعل استخدامها ليس رفاهية.
2.صعود المركبات الكهربائية
تتطلب السيارات الكهربائية مواد خفيفة تساعد في تقليل الضغط على البطارية فكل كيلو جرام زائد يقلل مدى السيارة، وكل نسيج أخف يوفر كيلو جرام من الوزن، لذلك صار الطلب على الأقمشة والألياف عالية الأداء مرتفع في أمريكا أوروبا، والصين.
3. تغير ذوق المستهلكين
أصبح تغير ذوق المستهلكين عامل مهم في صناعة السيارات من الداخل، فيبحث الأفراد اليوم على سيارات توفر راحة أكبر وتجربة أفضل كمقاعد ناعمة وتهوية محسنة، ومقاومة للصوت والحرارة، وتصميم داخلي فخم حتى في السيارات الاقتصادية، ومن هنا أصبح استخدام البوليستر التقني والنايلون والجلود الصناعية جزء أساسي من صناعة المقصورة.
أبرز القطاعات الرائدة في سوق أقمشة السيارات
استنادًا إلى التقرير الصادر من Future Market Insights، فالأقمشة المنسوجة هي التي تسيطر على السوق، فتمثل حوالي 44% من حجم السوق في 2025 بمفردها، نطرًا لأنها قوية وثابتة وأيضًا مناسبة لأمان الركاب كالأحزمة والوسائد الهوائية وأبواب السيارة، وأيضًا من الممكن تطويرها باستخدام ألياف مستدامة ومعاد تدويرها.
أما تنجيد السيارات (أي تغطية المقاعد والديكور الداخلي للأجزاء المختلفة بالسيارة) فهو القطاع الأسرع نموًا، ويسيطر على حوالي 31% من السوق مع معدل نمو سنوي حوالي 3.8%، ويعود هذا النمو السريع إلى تحول تجربة الركاب لعامل منافسة بين الشركات، ولهذا يستخدم المصنعون أقمشة أخف، أنعم، ومقاومة للاحتكاك، تحديدًا في السيارات الكهربائية.

تحديات السوق، لماذا لا تسير الصناعة في خط مستقيم؟
تواجه صناعة أقمشة السيارات تحديات عديدة تؤثر على مسارها، وتتمثل هذه التحديات في تقلب أسعار المواد الخام، حيث تتأثر أسعار البوليستر والنايلون والجلد الصناعي بتغيرات أسعار النفط العالمية، والحروب وتكاليف النقل والأجور وسلاسل التوريد، ما يجعل كل شركة تتحمل هذه التغيرات، ويؤثر على السوق ككل.
بالإضافة إلى الاضطرابات الجيوسياسية، فكل توتر عالمي يؤدي إلى تأخير في التوريد وارتفاع الأسعار ونقص المواد وهو ما يضع ضغطًا على كامل سلسلة الإنتاج من الأقمشة حتى خط تجميع السيارات.

اقرأ أيضًا:
سوق الأقمشة الذكية ينفجر، بين تكنولوجيا النانو ومستقبل الرعاية الصحية
خريطة صناعة أقمشة السيارات، من يحتكر ومن يبتكر؟
تعتبر آسيا والمحيط الهادئ العملاق الإنتاجي للصناعة، فتقود الصين واليابان والهند السوق العالمي بفضل الإنتاج الضخم، والسوق المحلي الكبير، والمصانع التي تعمل بدون توقف.
أما مراكز الابتكار فتلمع في أوروبا وأمريكا الشمالية، وهذا يعود إلى التركيز على تطوير مواد مستدامة، وفرض تشريعات صارمة، وإنتاج أقمشة ذكية، بالإضافة إلى الاهتمام بالجلود الصناعية الدقيقة، لتقود التكنولوجيا أكثر من الحجم.
وفي الشرق الأوسط وإفريقيا، لايزال السوق صغيرًا، لكنه يشهد نموًا مستمرًا مدفوعًا بالطلب على السيارات الفاخرة، وارتفاع مستويات الدخل خاصةً في دول الخليج، واستخدام خامات فخمة داخل المقصورة.
أحدث الابتكارات العالمية في أقمشة السيارات
غيرت التكنولوجيا الحديثة قواعد اللعبة في صناعة أقمشة السيارات، فهناك ما يُسمى بالنسيج ثلاثي الأبعاد (3D Weaving) وهو عبارة عن طريقة حديثة لصناعة الأقمشة بحيث تتكون الألياف في طبقات متشابكة ثلاثية الأبعاد بدلًا من النسيج التقليدي المسطح، مما يجعل الأقمشة أخف وزنًا وأقوى وذات دقة أعلى، وأيضًا يقلل تكلفة التصنيع.
وأيضًا تم تطوير أقمشة معززة بالنانو بإضافة جزيئات دقيقة للغاية (نانومترية) للأقمشة، وهذا يجعله يقاوم البكتيريا والأشعة فوق البنفسجية والاحتكاك، مما يعد مناسب للغاية للمناخ الحار أو الاستخدام اليومي المكثف.
أما بدائل الجلد الحيوية، مثل PLA أو المواد النباتية 100% المستخدمة في منتجات مثل Vulcaflex، فهي توفر بديل مستدام للجلد التقليدي، وأصبحت مطلوبة عالميًا لأنها صديقة للبيئة ومناسبة للسيارات الحديثة التي تركز على الاستدامة.

مصر بين التحدي والفرصة، صناعة تنجيد السيارات على أعتاب الانطلاق
رغم أن صناعة تنجيد السيارات في مصر لازالت في مرحلة النمو، لكنها أصبحت واحدة من القطاعات التي لديها قابلية كبيرة لتتحول لمركز تصنيع إقليمي خلال خمس سنوات إذا تم الاستثمار بها بشكل صحيح، فتمتلك مصر في الوقت الحالي مزايا واضحة من قاعدة صناعية موجودة بالفعل في مكونات السيارات، وكتلة سكانية كبيرة تخلق طلب محلي ثابت، وعمالة بأسعار تنافسية مقارنة بالدول المنافسة في المنطقة، لكن في المقابل يحتاج القطاع دفعة قوية لكي ينتقل من مستوى ورش وتوريدات محدودة لمستوى صناعة تقود قيمة مضافة حقيقية للدولة.
تكمن نقطة القوة الحقيقية في أن السوق المصري أصبح يطلب تنجيد بجودة أعلى من السابق، سواء في السيارات الجديدة التي تُجمع محليًا أو في سوق الإحلال والتعديل (السوق الخاص بتركيب أو تغيير قطع ومكونات السيارة بعد شرائها)، فيخلق هذا الطلب فرصة لتوسيع خطوط إنتاج الأقمشة الصناعية والجلد الصناعي والفايبر ومواد الحشو الداخلية بدلًا من الاعتماد على الاستيراد، وبالفعل هناك شركات مصرية بدأت تدخل في إنتاج خامات بديلة ومكونات جاهزة، لكن لايزال الحجم أقل من أنه يغطي السوق أو يجعل مصر مصدر رئيسي.
وبالفعل تم توقيع عقد إنشاء مشروع "تشانجتشو رامادا - Changzhou RAMADA" الصيني لصناعة منسوجات الأقمشة بمنطقة القنطرة غرب الصناعية التابعة للهيئة في أغسطس 2025، بتكلفة استثمارية تصل إلى 22.6 مليون دولار، مع طاقة إنتاجية مستهدفة تصل إلى مليون طقم من موكيت السيارات سنويًا، ويهدف هذا المشروع أيضًا إلى تصدير 90% من إنتاجه للأسواق الخارجية، وبالتالي يعكس فرص الاستثمار الكبيرة في قطاع أقمشة السيارات بمصر.
أما العائق الكبير يكمن في سلاسل التوريد، فصناعة النسيج والفايبر المتخصصة تتطلب استثمارات كبيرة في التكنولوجيا والماكينات الدقيقة، وهي ليست متوفرة في كل المصانع، وأيضًا المنافسة مع تركيا والصين تجعل دخول السوق العالمي يحتاج جودة ثابتة وشهادات مطلوبة من شركات السيارات العالمية.

وبرغم هذا فلازالت الفرصة كبيرة خاصةً مع توجه الدولة لدعم توطين مكونات السيارات، وتأهيل مناطق صناعية كشرق بورسعيد والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس لجذب الصناعات المكملة، وإذا تم توجيه الاستثمار الحقيقي في خطوط إنتاج الأقمشة الذكية، والجلد الصناعي المستدام، وتقنيات القص والخياطة الآلية، تستطيع مصر خلال فترة قصيرة التحول من مجرد "سوق مستهلك" لصانع ومورد إقليمي.
في النهاية، لم يعد سوق أقمشة السيارات مجرد تفاصيل داخل السيارة فحسب، بل قطاع ينمو بسرعة ويفتح فرص ضخمة، سواء عالميًا أو في مصر، فالفرصة موجودة الآن لأي شركة تدخل وتستثمر في التكنولوجيا، والخامات المستدامة، وخطوط الإنتاج الحديثة، لأن الطلب يزداد والجودة أصبحت مطلب أساسي، وإذا تم استغلال المزايا المحلية بطريقة صحيحة فقد تتحول مصر خلال سنوات قليلة من مجرد سوق مستهلك لمركز تصنيع وإمداد إقليمي، ما يجعلها جزء هام في سلسلة السيارات العالمية.
اقرأ أيضًا:
عودة الإنتاج بعد 15 عاما.. إعادة إحياء "نصر" خطوة استراتيجية لتوطين صناعة السيارات في مصر

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وإضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
إيلون ماسك على عرش التصنيف، أغنى 5 رؤساء تنفيذيين في العالم
19 نوفمبر 2025 09:01 ص
ACWA Power السعودية تنافس أكبر 5 شركات للطاقة المتجددة في العالم
18 نوفمبر 2025 03:00 م
كيف تقود المناطق الصناعية ثورة التصنيع في إفريقيا ؟
18 نوفمبر 2025 01:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً