الأربعاء، 12 نوفمبر 2025

03:30 ص

جيل يتعلم ولا يعمل، الاقتصاد السعودي يخسر 62 مليار ريال سنويًا بسبب فجوة الانتقال المهني

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2025 11:26 م

سوق العمل السعودي

سوق العمل السعودي

في الوقت الذي تخطو فيه المملكة العربية السعودية بثبات نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة، كشف تقرير جديد لشركة بيرسون العالمية Pearson أن فجوات الانتقال المهني من التعليم إلى العمل، ومن وظيفة إلى أخرى تشكل نزيفًا اقتصاديًا صامتًا يهدر ما يقارب 62 مليار ريال سعودي سنويًا من الدخل الوطني للمواطنين.

التوظيف في السعودية

فيما ترتفع الخسائر إلى 196 مليار ريال عند احتساب العمالة الوافدة، أي ما يعادل نحو 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي، والرسالة واضحة: التحول الاقتصادي لا يكتمل دون إصلاح منظومة المهارات والتعلم مدى الحياة.

فجوة التعلم من أجل الكسب.. خسارة خفية في قلب التحول الوطني

يحمل التقرير، الصادر تحت عنوان «الخسائر المرتبطة بمرحلة الانتقال المهني: معالجة فجوة مهارات التعلم من أجل الكسب في المملكة العربية السعودية»، تحذيرًا لافتًا من أن بطء التحولات المهنية وسوء التوافق بين المهارات واحتياجات السوق يعيقان الاستفادة الكاملة من طاقات الشباب السعودي الذين يشكلون نحو 70% من السكان تحت سن 35 عامًا.

كل أسبوع تأخير في دخول الخريجين إلى سوق العمل، وكل شهر يقضيه الموظف بين وظيفتين، يترجم إلى دخل مهدور وفرص إنتاجية ضائعة.

سوق العمل السعودي

ملامح الأزمة بالأرقام

أولاً: 62 مليار ريال من الدخل المفقود: تقدر بيرسون أن عدم توافق المهارات وضعف كفاءة الانتقال المهني يحرمان الاقتصاد السعودي من 62 مليار ريال سنويًا، وإذا أضيفت العمالة غير السعودية، ترتفع الخسائر إلى 196 مليار ريال ما يعادل استنزافًا مستمرًا يوازي ميزانيات قطاعات تنموية كاملة.

ثانيًا: الأتمتة تهدد 23% من الوظائف: الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يضيفان بعدًا جديدًا للأزمة، إذ تشير التقديرات إلى أن 23% من الوظائف في السعودية معرضة لمخاطر الأتمتة.

لكن الجانب الإيجابي أن تقصير فترة إعادة تأهيل العمال المتأثرين بالتكنولوجيا بنسبة 20% يمكن أن يضيف 6.3 مليار ريال سنويًا إلى الدخل القومي، ما يؤكد أن التدريب السريع ليس كلفة بل استثمار.

ثالثًا: فجوة التعليم والعمل: يحتاج خريجو الجامعات والمدارس الثانوية في المملكة إلى 40 أسبوعًا في المتوسط للعثور على أول وظيفة، ما يكشف عن فجوة عميقة بين المناهج الدراسية ومتطلبات سوق العمل.

رابعًا: بطالة انتقالية طويلة: يقضي الموظف السعودي الذي يترك عمله 11.3 شهرًا في المتوسط دون عمل، بينما يظل 40% من الباحثين عن وظيفة عاطلين لأكثر من عام، هذه الفترات الطويلة تضعف الدخل، وتقلص الإنتاجية، وتؤثر على الثقة في استقرار سوق العمل.

خامسًا: جيل تحت الضغط: مع وصول معدل بطالة الشباب إلى 15%، وتوقع زيادة عدد السكان بين سن 20 و24 عامًا من 2.69 إلى 3.22 مليون بحلول 2030، تتضح خطورة الزمن الضائع بين التعليم والعمل على طموحات رؤية 2030.

اقرأ أيضًا:

السعودية تكسر الأرقام القياسية، البطالة تهبط لأدنى مستوياتها التاريخية

الدلالات الاقتصادية.. خسارة ناعمة لكنها مكلفة

الخسائر التي يرصدها التقرير ليست انهيارًا ماليًا ظاهرًا، بل تآكلًا تدريجيًا في القيمة المضافة للموارد البشرية، فكل مهارة غير مستخدمة، وكل شاب ينتظر أول فرصة، يعني إنتاجًا أقل ونموًا أبطأ.

إلى أن هذه الخسائر، إذا استمرت بالمعدلات الحالية، قد تفقد الاقتصاد السعودي نحو 300 مليار ريال خلال خمس سنوات، ما لم تسرع برامج إعادة التأهيل المهني والتكامل بين التعليم وسوق العمل.

القوى العاملة السعودية

خمس ركائز للإصلاح.. نحو منظومة مهارات مرنة

اقترح التقرير خطة شاملة من خمسة محاور لتحقيق قفزة نوعية في إنتاجية القوى العاملة السعودية:

1. تشخيص المهارات المطلوبة عبر تعاون بين المعلمين وأصحاب العمل لتحديد الوظائف المستقبلية والمهارات ذات الأولوية.

2. تسريع الانتقال بين الوظائف من خلال التوسع في التدريب المهني والإرشاد العملي لتقليص فترة التعطل بعد التخرج أو تغيير العمل.

3. تكييف المناهج التعليمية لتتماشى مع احتياجات القطاعات الحديثة، لا سيما التقنية والرقمية والصناعية.

4. توسيع فرص الخبرة الميدانية بإنشاء شراكات بين الجامعات والقطاع الخاص تتيح للطلاب التدريب العملي أثناء الدراسة.

5. تحسين بيانات سوق العمل عبر تطوير منصات ذكية تربط المهارات المطلوبة بالباحثين عن عمل، وتحد من فجوات العرض والطلب.

اقرأ أيضًا:

الذكاء الاصطناعي يغزو السوق السعودية، و66% من الموظفين يخططون لتغيير مهنهم

نحو جيل يتعلم ليكسب

يمتلك الشباب السعودي طاقة هائلة، لكن التحولات غير الفاعلة تكلف 62 مليار ريال سنويًا، والمطلوب هو تصميم مسارات مهنية حديثة، وتعزيز مهارة التعلم كركيزة أساسية في التعليم وسوق العمل معًا.

فالمستقبل كما يشير التقرير لن يكون لمن يملك الشهادات، بل لمن يملك القدرة على التعلم المستمر والتكيف.

الاستثمار الحقيقي في المرحلة المقبلة لن يكون في النفط أو البنية التحتية فقط، بل في العقل البشري السعودي، القادر على التعلم والتكيف والمنافسة.

سوق العمل السعودي

استثمار في الإنسان قبل البنية

تأتي نتائج التقرير في توقيت بالغ الأهمية، إذ تسعى السعودية ضمن رؤية 2030 إلى رفع مساهمة الاقتصاد المعرفي وزيادة معدلات التوظيف بين الشباب.

لكن تحقيق هذه الأهداف يتطلب أن تتحول فجوة التعليم والعمل إلى جسر إنتاجي، عبر ربط المناهج بالمهارات العملية، وإعادة تعريف مفهوم الوظيفة التقليدية في عصر الأتمتة.

إن الحل في بناء منظومة تعلم مرنة تدعم التعلم مدى الحياة وتربط التعليم بالإنتاج، ومعالجة فجوة المهارات ليست مجرد إصلاح تعليمي، بل قضية نمو اقتصادي واستدامة وطنية.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search