الجمعة، 07 نوفمبر 2025

04:21 م

التوقعات الاقتصادية علم أم حظ، وكيف يمكن للمستثمر الوثوق بالأرقام؟

الجمعة، 07 نوفمبر 2025 02:10 م

الوثوق بالمؤسسات المالية الكبرى

الوثوق بالمؤسسات المالية الكبرى

في عالم تتغير ملامحه الاقتصادية والسياسية بوتيرة غير مسبوقة، باتت التوقعات الاقتصادية التي كانت تعد مرجعًا لصناع القرار والمستثمرين موضع شك وتساؤل، فالتقلبات السريعة في الأسواق العالمية، والمراجعات المتكررة من قبل المؤسسات المالية الكبرى، جعلت من عبارة التوقعات الاقتصادية مصطلحًا نسبيًا أكثر من أي وقت مضى.

فما كان يُعتبر مرجعًا للمستثمرين وصناع القرار أصبح اليوم أداة مشكوك في صحتها، إذ أن التعديلات المستمرة على التوقعات تجعل منها أداة نسبية أكثر من كونها حقيقة ثابتة.

مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" S&P 500

توقعات متغيرة ومصداقية على المحك

خلال عامي 2024 و2025 وحدهما، قامت مؤسسات مالية كبرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومورجان ستانلي Morgan Stanley وجي بي مورجان J.P.Morgan بتعديل تقديراتها الاقتصادية أكثر من مرة، في مؤشر واضح على ارتفاع حالة عدم اليقين.

ففي مطلع 2024، توقع جي بي مورجان تراجع مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" S&P 500 إلى 4200 نقطة بنهاية العام، في حين راهن بنك أوبنهايمر Oppenheimer على ارتفاعه إلى 5200 نقطة.

لكن الواقع تجاوز التوقعين معًا، إذ أنهى المؤشر عام 2024 فوق مستوى 6000 نقطة، بزيادة تجاوزت 27%، بفضل الطفرة غير المتوقعة في أسهم شركات الذكاء الاصطناعي مثل إنفيديا ومايكروسوفت.

هذا التباين في دقة التوقعات لم يكن حالة استثنائية، بل أصبح القاعدة الجديدة في عالم تزداد فيه المتغيرات وتتشابك فيه المؤثرات.

اقرأ أيضًا:

جريمة في وضح النهار.. صانع السوق يتلاعب بالاقتصاد ويخدع المستثمرين

الضبابية الاقتصادية في صعود

وفقًا لمؤشر عدم اليقين الاقتصادي في الولايات المتحدة، فقد بلغ المؤشر 413.76 نقطة في أكتوبر 2025، وهو مستوى أعلى بكثير من المتوسط التاريخي، وإن كان أقل من ذروته عند 1026 نقطة في يناير 2024، حين تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السلطة وسط غياب رؤية واضحة لسياساته الاقتصادية.

أما صندوق النقد الدولي فقام في أكتوبر الماضي بمراجعة توقعاته للنمو العالمي لعام 2025 من 3.0% إلى 3.2%، بعد سلسلة من التعديلات التي عكست حساسية الاقتصاد العالمي لأي تغيير في السياسات التجارية أو الجيوسياسية، خصوصًا في ظل تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين.

بنك أوف أمريكا Bank of America

توقعات متناقضة.. من الذهب إلى الذكاء الاصطناعي

المفارقة الكبرى أن المحللين أنفسهم باتوا يقفون على طرفي نقيض، فبينما تتوقع مؤسسات مثل مورجان ستانلي وبنك أوف أمريكا Bank of America أن يتراجع الذهب إلى 3500 دولار للأونصة بحلول 2026، يرى آخرون أنه سيصل إلى 8000 دولار بحلول 2027.

هذا التباين يعكس اختلافًا جوهريًا في مدارس التفكير الاقتصادي:

  • المدرسة المتشائمة التي ترى أن العالم مقبل على أزمة مالية كبرى، معيدة للأذهان شبح أزمة 2008، مع جعل الذهب والملاذات الآمنة في صدارة الاهتمام.
  • المدرسة المتفائلة التي تراهن على طفرة التكنولوجيا والإنتاجية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، معتبرة أن أي ركود سيكون مؤقتًا، وأن الأسواق ستستعيد قوتها سريعًا.

اقرأ أيضًا:

تراجع مؤشرات «وول ستريت» وسط مراقبة المستثمرين لأسهم الذكاء الاصطناعي

نهاية النماذج التقليدية وبداية عصر السيناريوهات

الواقع الجديد كشف محدودية النماذج الاقتصادية التقليدية التي تعتمد على البيانات التاريخية، مثل منحنى فيليبس الذي يفترض علاقة عكسية بين التضخم والبطالة.

ففي اقتصاد ما بعد الجائحة، أثبتت الولايات المتحدة أن البطالة يمكن أن تبقى منخفضة رغم ارتفاع التضخم، في مشهد أربك الاقتصاديين وأفقد النماذج القديمة صلاحيتها، مما وضع المستثمر في حالة فقدان الثقة.

اليوم، لم تعد المؤسسات المالية تطرح رقمًا واحدًا للنمو أو للأسواق، بل تقدم مجموعة من السيناريوهات، لكل منها نسبة احتمال مختلفة، مما يمنح المستثمرين رؤية أكثر واقعية لتعدد الاحتمالات بدلًا من الرهان على توقع واحد قد ينهار مع أول أزمة غير متوقعة.

المخاطرة

التحوط كلمة السر في عالم لا يمكن توقعه

في عالم مليء بعدم اليقين، أصبح التحوط وتوزيع الأصول بين فئات منخفضة ومتوسطة المخاطر الخيار الأكثر أمانًا للمستثمرين، وتحولت ملاحقة العوائد المرتفعة في أسواق شديدة التقلب إلى مقامرة أكثر منها استثمارًا.

في هذا السياق، أصبح التحوط ضد المخاطر أحد أهم الأدوات التي يعتمد عليها المستثمر الذكي. فهو لا يعتمد فقط على قراءة الأرقام الاقتصادية، بل أيضًا على التنوع في الاستثمار والمرونة في التكيف مع التغيرات السريعة.

في الختام، يمكن القول إن التوقعات الاقتصادية ليست مسلمات ثابتة، بل هي مجرد أدوات استرشادية يجب التعامل معها بحذر ووعي نقدي، ويجب مقارنة الأرقام والتوقعات دائمًا بالأسس والفرضيات التي بنيت عليها، وألا تكون العامل الوحيد في اتخاذ القرارات الاستثمارية. 

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search