ارتفاع جنوني للأسعار وتآكل في القيمة الحقيقية، هل يفقد العقار المصري مكانته كملاذ آمن؟
الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025 09:45 م
عقارات
نفيسه محمود
يواجه سوق العقارات في مصر حاليًا أزمة حادة تتمثل في تباطؤ مؤشرات البيع إلى مستوى مقلق خلال الأشهر الأخيرة، ويعاني عدد كبير من المشترين من صعوبة في سداد الأقساط المترتبة عليهم، وقد وصل الأمر ببعضهم إلى مرحلة تصفية الأصول العقارية.
يشير الواقع الحالي إلى سيطرة نمط المضاربة، حيث يقوم المستثمرون بشراء الوحدات في بداية الطرح بمبالغ بسيطة، ثم يعيدون بيعها بأسعار أعلى قبل استكمال تجهيزها لتحقيق أرباح سريعة، هذا النمط شائع بشكل خاص في العاصمة الإدارية الجديدة والقاهرة الجديدة والساحل الشمالي، لكن مع انخفاض الطلب وارتفاع العرض، يواجه هؤلاء المستثمرون ضغوطًا كبيرة.
العوامل المشتركة التي أدت إلى الركود
تضافرت عدة عوامل اقتصادية أدت إلى حالة الركود ودفعت السوق إلى حافة الانهيار، وتشمل هذه العوامل: انخفاض القوة الشرائية للمواطنين، والارتفاع الهائل في نسبة "المضاربين" الذين يشترون العقارات بغرض التجارة وإعادة البيع، حيث وصلت نسبتهم في السوق إلى حوالي 60%.
تأثير أزمة الدولار على تكاليف البناء
شهدت البلاد في السنوات الأخيرة ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار العقارات، وهي ظاهرة ترجع إلى أزمة الدولار والتعويم المستمر للجنيه المصري، وارتفاع معدلات التضخم والمضاربة، وقد أثرت أزمة الدولار بشكل مباشر وعنيف، نظرًا لاعتماد البلاد بشكل كبير على استيراد المواد الخام والسلع، فقد واجه المستثمرون أزمات تمويلية وارتفاعاً في التكاليف نتيجة لارتفاع سعر صرف الدولار، حتى في السوق الموازي، مما رفع تكاليف البناء وبالتالي أسعار العقارات.

دور التضخم في تآكل القوة الشرائية
ساهمت مشكلة التضخم في تفاقم الأزمة، فكلما ارتفع معدل التضخم، انخفضت القوة الشرائية للجنيه المصري، وتزايدت تكاليف البناء والصيانة، هذا الوضع أجبر المقاولين والمستثمرين العقاريين على رفع الأسعار لتفادي الخسارة، كما اضطر ملاك العقارات إلى رفع أسعار الإيجارات لتعويض الزيادة في تكاليف المعيشة.
فقاعة المضاربة تدفع السوق نحو الانهيار
تسببت الزيادة المفرطة في نسبة المضاربة، خاصة في مناطق الطلب المرتفع كالعاصمة الإدارية والقاهرة الجديدة، في دفع أسعار العقارات إلى مستويات تاريخية، على الرغم من وفرة العقارات الشاغرة، وقد نتجت عن ذلك "فقاعة المضاربة"، وهي ظاهرة تحدث عندما ترتفع أسعار العقارات بشكل مبالغ فيه يفوق قيمتها الحقيقية، مدفوعة بطلب المضاربين. ومن المتوقع أن تنفجر هذه الفقاعة مع انخفاض الطلب، مما سيؤدي إلى انخفاض حاد في أسعار العقارات وفقدان الوظائف في القطاع.
وفرة الوحدات الشاغرة وضعف هدف الاستخدام السكني
يوجد في مصر حوالي 63 مليون وحدة سكنية، منها حوالي 23 مليون وحدة مغلقة و10 ملايين وحدة شاغرة، وفقاً لتصريحات المتخصصين. وتُعتبر غالبية هذه الوحدات الشاغرة موجهة للاستثمار والمضاربة، فعلى سبيل المثال، في مدينة الشروق الجديدة، تزيد نسبة الوحدات السكنية الخالية عن 90%. هذه الأرقام تعكس حالة الركود الناتجة عن ارتفاع العرض وانخفاض الطلب الفعلي من المستخدم النهائي.

مشاكل التمويل العقاري واللجوء إلى خطط التقسيط الطويلة
يعاني السوق أيضًا من ضعف في نظام التمويل العقاري، حيث وصلت نسبة الوحدات العقارية غير المسجلة رسمياً في الشهر العقاري إلى حوالي 90%، ويرجع ذلك إلى تجنب الملاك لتسجيل العقارات بسبب الإجراءات المعقدة والمكلفة وتفادي الضرائب، مما يجعل من الصعب الحصول على تمويلات بنكية، وقد دفع هذا الوضع المستثمرين إلى اللجوء لخطط تقسيط تصل أحيانًا إلى 20 عامًا، ومع ذلك، بدأت هذه الطريقة تنهار، مما جعل الاستثمار العقاري أقل جاذبية ودفع المستثمرين إلى تصفية أصولهم.
استهداف فئة محدودة وعدم تلبية احتياجات الطبقة الوسطى
لا يلبي السوق العقاري المصري الحالي احتياجات الفئة المتوسطة والفقيرة، حيث يتجه المطورون نحو تأسيس شقق فاخرة لا يشتريها سوى فئة صغيرة جدًا، ونتيجة لذلك، يسجل السوق حوالي 100 ألف مشترٍ فقط سنوياً من الشعب المصري، ولإعادة السوق إلى مساره الصحيح وتخفيف حدة الفقاعة العقارية، يُقترح تقليل العرض السنوي للوحدات المطروحة لزيادة الطلب على الوحدات غير المباعة، علماً بأن حجم المبيعات السنوي لا يتجاوز 125 ألف وحدة.
أزمة التوزيع الجغرافي للوحدات الشاغرة
توجد أزمة أخرى تتمثل في أن حوالي 82% من الوحدات السكنية الشاغرة تتركز في محافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية، وعلى الرغم من ازدحام هذه المناطق، يرفض السكان الانتقال إلى الوحدات الجديدة في مناطق مثل العاصمة الإدارية والشيخ زايد الجديدة وغيرها من المدن الصحراوية، نظرًا لافتقارها للأنشطة والخدمات التي يحتاجها السكان يوميًا، وهذا يشير إلى أن الأزمة الحقيقية تكمن في سوء توزيع الوحدات واختيار مواقع تفتقر لاحتياجات السكان، مما يجعل المدن المزدحمة الخيار الأفضل لتوفير ظروف العيش والعمل.
ارتفاع الأسعار ظاهريًا في 2025
وفقًا لتحليل نشرته Global Property Guide في يونيو الماضي حول سوق العقارات المصري 2025، فقد ارتفعت أسعار العقارات في بداية عام 2025 بنسبة 30.4% قبل احتساب معدل التضخم، وهو ارتفاع أكبر مما سُجل في العام الماضي حيث كانت الزيادة 24.4%، وعند احتساب معدل التضخم، سجل الارتفاع الحقيقي 14.5%، وهي النسبة الأدق التي تربط نمو الأسعار بالتضخم العام.
تآكل القيمة الحقيقية للعقارات في 2024
ارتفعت أسعار العقارات خلال عام 2024 بنسبة 18.2% ظاهريًا، لكن بعد احتساب التضخم، انخفضت قيمتها الحقيقية بنسبة 4.8%، ويعود ذلك إلى أن معدل التضخم كان أكبر من نمو أسعار العقارات، مما أدى إلى تآكل القيمة الحقيقية للعقارات، على الرغم من الارتفاع الاسمي للأسعار.
التذبذب العنيف في نمو السوق على مدار خمس سنوات
شهد السوق العقاري المصري تذبذبًا عنيفًا في نموه خلال السنوات الخمس الأخيرة، فبعد انكماش السوق بنسبة 9.6% في عام 2020، انتعش بشكل طفيف في 2021 بنسبة 3.6%، ثم سجل نموًا كبيرًا خلال عامي 2022 و2023 ليصل إلى 41.9%، إلا أن النمو تباطأ بشكل حاد في عام 2024، حتى أن النمو الحقيقي تحول إلى انكماش، ففي الربع الأخير من عام 2024، ارتفعت أسعار العقارات بنسبة 7.5%، ولكن بعد احتساب التضخم، لم يسجل الارتفاع الحقيقي سوى 3% فقط.
التغير السنوي لأسعار العقارات في مصر في آخر 10 سنوات

اقرأ أيضًا:
اتحاد ملاك العقارات القديمة: مد عمل لجان الحصر مفاجأة غير سارة
استثمارات ضخمة، المتحف المصري الكبير يغيّر خريطة غرب القاهرة العقارية
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
مؤسس منصة مصر العقارية: توجيه الزخم الكبير من افتتاح المتحف لتسويق القطاع العقاري في الخارج
04 نوفمبر 2025 10:58 م
تغييرات جديدة في قيادات شركات المياه والصرف الصحي بالمحافظات
04 نوفمبر 2025 06:26 م
"بالمير للتطوير العقاري" تطلق مشروعًا سكنيًا في زايد الجديدة على مساحة 30 فدانًا
04 نوفمبر 2025 02:36 م
أكثر الكلمات انتشاراً