الخميس، 30 أكتوبر 2025

05:49 م

انخفاض الرسوم الجمركية من 57% لـ 47%، ماذا تعني صفقة بوسان للصين وأمريكا؟

الخميس، 30 أكتوبر 2025 12:02 م

لقاء بين ترامب وشي في بوسان بكوريا الجنوبية

لقاء بين ترامب وشي في بوسان بكوريا الجنوبية

ميرنا البكري

تحولت مدينة بوسان الكورية لمركز اهتمام عالمي وذلك ليس من أجل مهرجان أو بطولة رياضية، بل لأن أكبر زعيمين في العالم شي جين بينج ودونالد ترامب عقدا لقاء استمر لمدة ساعة وأربعين دقيقة في قمة من المتوقع أنها تغير شكل العلاقة بين الصين والولايات المتحدة.

جاء هذا اللقاء بعد شهور من التوتر التجاري والتكنولوجي وبعد هدنة هشة في مايو 2025 كانت من المفترض أن توقف الحرب الجمركية بين البلدين، لكن التوتر لايزال قائمًا خاصةً في ملف الرقائق والمعادن النادرة وتطبيق تيك توك الذي أصبح رمز للهيمنة التكنولوجية الصينية.

China urges US to cancel 'wrong practice' of 'reciprocal tariffs'
الولايات المتحدة والصين

 "صفقة على النار"، عودة الحديث عن اتفاق تجاري جديد

قال شي جين بينج بوضوح لترامب: "توصلنا لتوافق أساسي بشأن صفقة تجارية"، وتعني هذه الرسالة أن هناك نية واضحة من الجانبين لتخفيف الضغط وإعادة التوازن في العلاقة، كما أوضح ترامب من جانبه أنه خرج من هذا اللقاء متفائلًا، وقال أنه قد يوقع الاتفاق يوم الخميس، وهذا في حد ذاته تطور كبير بعد شهور من التصريحات العدائية والحرب الكلامية حول التكنولوجيا والرسوم. تُعد هذه الصفقة محاولة لإعادة توزيع النفوذ بين قوتين يحاولان السيطرة على مستقبل الاقتصاد العالمي، من الذكاء الاصطناعي حتى الطاقة الخضراء.

 الرسوم الجمركية، خطوة للخلف أم  بداية تسوية؟

أعلن ترامب بعد اللقاء أن الرسوم الجمركية على الصين ستنخفض من 57% لـ 47%، ويُعد هذا الرقم جزء من صفقة أوسع تشمل تعاون صيني في مكافحة تصدير مادة الفنتانيل، المخدر الذي يمثل أزمة كبيرة في أمريكا، كما وعدت الولايات المتحدة بأنها ستخفض رسوم الفنتانيل من 20% لـ 10%.

 وفي المقابل وعدت واشنطن الصين أنها ستبدأ على الفور في  شراء فول الصويا الأمريكي، الذي يعتبر خطوة كلاسيكية لتحسين العلاقات الزراعية التي دائمًا تكون مؤشر على دفء العلاقات التجارية.

 المعادن النادرة، كنز الصين وسلاحها الذهبي

تُعد واحدة من أخطر النقاط في القمة كانت ملف المعادن النادرة الذي تتحكم فيه الصين بحوالي 90% من إنتاجها ومعالجتها عالميًا، كما أعلن ترامب أن كل القضايا المتعلقة بالمعادن النادرة تم تسويتها، مما يعني ببساطة أن واشنطن استطاعت الحصول على وعد صيني باستمرار التصدير وعدم استخدام هذا الملف كسلاح اقتصادي.

لكن السؤال الهام، هل الصين ستلتزم؟ أم هذا مجرد تهدئة مؤقتة؟ وذلك لأن المعادن النادرة هي العمود الفقري لصناعات كالإلكترونيات والسيارات الكهربائية والدفاع، أي إذا حبست الصين الإمدادات، سيتأثر العالم بأكمله وخاصةً أمريكا التي تحاول بناء سلاسل توريد بديلة.

رقائق الذكاء الاصطناعي، ساحة الحرب الجديدة

كان الملف التكنولوجي في صميم القمة، وكان ترامب قد حاول التخفيف من أهميته في تصريحاته، لكن شي أكد أنهم ناقشوا مسألة الشرائح الإلكترونية، وأنه سيتفاوض مع شركات مثل إنفيديا بشأن الحصول على الرقائق، لكن ترامب أضاف بعدها لم نتحدث عن شرائح "بلاكويل"، وهو جيل جديد من الرقائق المتقدمة التي تمنعها أمريكا عن الصين.

ما حدث في اللقاء عبارة عن لعبة توازن دقيقة، فترامب لا يريد أن يظهر بأنه يسمح للصين الدخول في سباق الذكاء الاصطناعي المتطور، لكنه في نفس الوقت لا يريد خسارة مصالح الشركات الأمريكية العملاقة التي تدفع ثمن هذه القيود، أي في النهاية، هذه القمة لم تكن اتفاق تكنولوجي، لكنها خطوة أولى لإدارة صراع استمر طويلًا.

 تيك توك، التطبيق الذي أصبح رمز للصراع بين واشنطن وبكين

كان تيك توك حاضرًا على الطاولة في الخلفية، فلمح وزير الخزانة الأمريكي بإمكانية إنهاء صفقة بيع التطبيق لمستثمر أمريكي قريبًا، وإذا حدثت الصفقة بالفعل سيعتبرها ترامب نصر رمزي يثبت أنه استطاع كبح  نفوذ الصين في سوق البيانات الأمريكية، مما يزود الجدل أيضًا داخل الصين نفسها التي ترى أن الغرب يحاول سرقة شركاتها التكنولوجية تحت شعار "الأمن القومي".

To Solve The TikTok Problem, Trump Has To Give Up His Control
 تيك توك التطبيق الذي أصبح رمز للصراع بين واشنطن وبكين

زيارة متبادلة، دبلوماسية التجميل الاقتصادي

أعلن ترامب أنه سيزو الصين في أبريل المقبل، فيُعد هذا التحرك محاولة لتكريس صورة "العلاقة المتوازنة" التي يحاول ترامب ترويجها في ظل استعداده لفترة رئاسية صاخبة، فتسعى الصين من جانبها لتكون شريك عالمي مسؤول، وليس خصم دائمًا لأمريكا.

 اختراق تكتيكي وليس استراتيجي

يُمكن القول عن هذه القمة أنها "اختراق تكتيكي" أكثر من كونه اتفاق شامل، ونتج عن هذه القمة خفض الرسوم الجمركية بنسبة 10%، واستمرار صادرات المعادن النادرة، وأيضًا وعد صيني بوقف الفنتانيل مقابل تخفيف الضغط التجاري، بالإضافة إلى فتح حوار جديد حول الرقائق وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لكن هذه القمة لم تنهي جذور الخلاف الذي يعتبر سباق السيطرة على المستقبل التكنولوجي، والذي يحدد من سيكتب قواعد الاقتصاد العالمي في العقد المقبل.

هدنة باردة في حرب ساخنة

ما حدث في بوسان ليس سلامًا اقتصاديًا، لكنه هدنة قصيرة في حرب طويلة، فخرج كل طرف من القمة وهو يحقق مكسبًا ما، فاستطاع ترامب أن يقدم نفسه كرئيس قوي يعيد التوازن التجاري ويحقق صفقات عظيمة، وحافظ شي على صورته كزعيم صبور قادرعلى المحافظة على مصالح بلده دون مواجهة مباشرة.

لكن الحقيقة أن المنافسة لازالت في بدايتها، وستظل الملفات من تيك توك لرقائق الذكاء الاصطناعي نار تحت الرماد، وكل لقاء جديد سيصبح مجرد جولة في حرب النفوذ العالمي بين التنين والدب الأمريكي.

Why Trump's trade war is make or break for China
هدنة باردة في حرب ساخنة

اقرا أيضًا:

ترامب يلتقي الرئيس الصيني الأسبوع المقبل للتوصل لاتفاق تجاري مشترك بين البلدين

"تيك توك" بين يدي ترامب، 14 مليار دولار لإعادة رسم الخريطة الرقمية العالمية

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم

Short Url

search