الإثنين، 27 أكتوبر 2025

08:37 م

“اللعبة الكبرى”، أمريكا تبني شبكة اقتصادية مضادة للصين في آسيا

الإثنين، 27 أكتوبر 2025 05:44 م

الصراع بين أمريكا والصين

الصراع بين أمريكا والصين

ميرنا البكري

في لحظة يشهد فيها العالم إعادة تشكيل لمراكز القوة الاقتصادية، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التعاون  مجددًا مع جنوب شرق آسيا بخطة استراتيجية تجمع بين التجارة والطاقة والمعادن الحرجة التي تعد العنصر الأهم في سباق الهيمنة التكنولوجية مع الصين.

يعتبر اتفاق ترامب مع 4 دول آسيوية (تايلاند، ماليزيا، كمبوديا، فيتنام) إعلان عودة أمريكا بقوة إلى قلب معركة النفوذ الاقتصادي في المنطقة التي تقودها الصين.

A new cold war is brewing over rare earth minerals | The Verge
الصراع العالمي على المعادن النادرة

 اتفاقات تجارة، بطابع سياسي واستراتيجي

تجمع الاتفاقات الجديدة التي تم الإعلان عنها في قمة "آسيان" في كوالالمبور بين هدفين رئيسيين، تحفيز التجارة الحرة عبر تخفيض أو إلغاء الرسوم الجمركية تدريجيًا، وتأمين سلاسل الإمداد الأمريكية في مجالات حيوية كالمعادن النادرة والطاقة والزراعة.

أعلن البيت الأبيض أن الرسوم الحالية ستنخفض تدريجياً بحوالي 19% على واردات تايلاند وماليزيا وكمبوديا، و20% على فيتنام مع إعفاءات كاملة لبعض السلع، لكن اللافت أن واشنطن حافظت على نسبة من الحماية الجمركية، لكي توازن بين مصالح المصنعين المحليين والرغبة في الانفتاح التجاري.

في المقابل، وعدت فيتنام برفع مشترياتها من السلع الأمريكية بعد أن وصل فائضها التجاري مع واشنطن لـ 123 مليار دولار السنة الماضية، مما يكشف حجم التوتر التجاري بين البلدين رغم التقارب السياسي.

 المعادن النادرة، القلب الصلب للصفقة

الجزء الأخطر والأعمق في الاتفاق هو التعاون في قطاع المعادن الحرجة، وتحديدًا بين أمريكا وماليزيا وتايلاند، فهذا الأمر لا يعتبر تجارة فحسب بل صراع على من يتحكم في مستقبل التكنولوجيا العالمية.

الصين اليوم هي المصدر الأكبر في العالم للعناصر النادرة التي تدخل في صناعة الرقائق الإلكترونية والبطاريات والمعدات العسكرية، لكن مع القيود التي فرضتها بكين مؤخراً على تصدير تكنولوجيا المعالجة، بدأت واشنطن  تتحرك بسرعة لتأمين بدائل مستقرة من آسيا الجنوبية.

كما أعلنت ماليزيا التي تمتلك احتياطي يُقدر بـ 16.1 مليون طن من المعادن النادرة، أنها لا تفرض قيود على تصدير المعادن لأمريكا، وهذا إعلان اصطفاف اقتصادي وسياسي صريح في صف واشنطن ضد بكين.

لكن البيان الماليزي كان غامض قليلًا، فهل الالتزام يشمل تصدير الخام فقط، أم أيضًا المعادن المكررة؟ فهذا السؤال جوهري؛ نظرًا لأن القيمة المضافة الحقيقية تأتي من التكرير والمعالجة وليس من تصدير المواد الخام، وهذا ما يحدد شكل العلاقة المستقبلية بين الطرفين.

 إزالة الحواجز التجارية، ومكاسب بالجملة

لم تكن الاتفاقات بشأن معادن وجمارك فقط، بل شملت أيضًا التزامات أوسع من إزالة الحواجز التجارية وتسهيل دخول السلع والخدمات، ودعم التجارة الرقمية والاستثمار، وحماية حقوق العمال والبيئة، بالإضافة إلى توحيد معايير السلامة والانبعاثات في السيارات حسب المقاييس الأمريكية.

حصلت ماليزيا على تسهيلات كثيرة من الصفقة منها إعفاءات جمركية على منتجات الطيران والأدوية، وتوسيع صادراتها من زيت النخيل والكاكاو والمطاط.

أما تايلاند، فقررت أن تقدم تعاونات أكثر كإلغاء الرسوم الجمركية على 99% من السلع الأمريكية، وتخفيف قيود الاستثمار في قطاع الاتصالات، كما أعلنت صفقات ضخمة لشراء منتجات زراعية أمريكية بقيمة 2.6 مليار دولار سنويًا، بالإضافة إلى 80 طيارة أمريكية بـ 18.8 مليار دولار ومواد طاقة بقيمة 5.4 مليارات دولار سنويًا، مما يعني أن تايلاند تلعب على الحبلين فتستفيد تجاريًا، وتكسب ود واشنطن سياسيًا.

اقرأ أيضًا:-

كوالالمبور على خط النار، مفاوضات أمريكا والصين بين الهدنة والتصعيد

Donald Trump joins the performers in a dance during a welcoming ceremony after arriving at Kuala Lumpur International Airport, to attend the 47th Association of Southeast Asian Nations (ASEAN) Summit
استقبال ترامب في ماليزيا

 أمريكا تبني شبكة مضادة للصين

لابد أن يتم النظر إلى هذا الاتفاق ضمن مشهد أوسع، فتحاول واشنطن إنشاء "سلسلة تحالفات اقتصادية بديلة" لمبادرة الصين «الحزام والطريق»، بمعنى آخر لا تريد الولايات المتحدة أن تترك مساحة للصين لتتحكم في المواد الخام الحيوية التي تغذي الصناعات التكنولوجية والطاقة النظيفة.

بالتوازي تحاول دول مثل ماليزيا وفيتنام السير على خيط رفيع بين الاستفادة من السوق الصيني الضخم، وفي نفس الوقت فتح أبوابها لأمريكا لتجنب أي صدام مباشر مع بكين، وفي الخلفية هناك تنافس تكنولوجي ضخم على من يملك مفاتيح سلاسل الإمداد العالمية في الرقائق والبطاريات والمعادن النادرة، فمن يسيطر على هذه المنظومة، يستطيع التحكم في مستقبل الصناعة العالمية.

مستقبل العلاقات التجارية بين أمريكا ودول شرق آسيا

1. ينتج عن هذه العلاقات تنويع مصادر المعادن النادرة لأمريكا وتقليل الاعتماد على الصين.

2. قد تتحول ماليزيا وتايلاند لمراكز معالجة وتصدير إقليمي للمعادن والتكنولوجيا.

3.يُتوقع أن تستفاد فيتنام من تدفق الاستثمارات الأمريكية، ولكن ذلك بالموزانة بين الضغط الأمريكي ومصالحها مع الصين.

4.قد ترد الصين بإغراءات استثمارية مضادة أو بسياسات تقييدية جديدة في تصدير المواد التقنية الحساسة.

الولايات المتجدة تشعل "المعركة الكبرى" في آسيا

ما فعله ترامب ليس اتفاقات تجارية، بل تحرك استراتيجي طويل المدى هدفه إعادة تموضع أمريكا في آسيا أي المنطقة التي أصبحت “ميدان المعركة الاقتصادي الأكبر في القرن الـ21”.

يكمن النجاح الحقيقي في الاعتماد على مدى قدرة الدول على الالتزام بالاتفاقات وسط ضغط صيني متزايد، وفي النهاية المعركة ليس على الأرقام أو الصادرات بل معركة على من يملك مستقبل التكنولوجيا والطاقة، وترامب الآن يحاول كتابة أول سطر في فصل جديد من اللعبة.

اقرأ أيضًا:-

كوالالمبور على خط النار، مفاوضات أمريكا والصين بين الهدنة والتصعيد

Trump Set for High-Stakes Asia Tour, Meeting with Xi Jinping to Headline  Agenda
ترامب يتحدى هيمنة الصين على المعادن النادرة

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search