كوالالمبور على خط النار، مفاوضات أمريكا والصين بين الهدنة والتصعيد
السبت، 25 أكتوبر 2025 10:55 ص
مفاوضات أمريكا والصين بين الهدنة والتصعيد
ميرنا البكري
تعيش الأسواق العالمية حالة من الترقب الشديد، والأنظار كلها تتجه نحو كوالالمبور، التي احتضنت بداية جديدة أو بالأدق “محاولة إنقاذ” لأخطر نزاع تجاري في القرن الحالي بين أمريكا والصين، وبعد شهور من هدوء هش بدأت الوفود الاقتصادية العليا من البلدين مفاوضات جديدة يوم السبت في محاولة لوقف دوامة التصعيد الجمركي، والسؤال الذي يطرح نفسه هل هذه بالفعل بداية هدنة جديدة؟ أم فصل جديد من الصراع الاقتصادي الأكبر في العالم؟

من هدنة هشة لتوتر متفجر
منذ مايو الماضي، حاول الطرفان تهدئة الحرب التجارية التي اشتعلت مرة أخرى، لكن سرعان ما فرضت أمريكا وقتها رسوم ضخمة على الصادرات الصينية، وردت بكين بوقف إمدادات “عناصر التربة النادرة”، أي المواد التي تعتمد عليها الصناعات الأمريكية في كل شيء من الشرائح الإلكترونية للطائرات، كما نتج عن الاتفاق الذي تم في جنيف هدنة مدتها 90 يوم، وتخفيف أمريكا الرسوم لـ 55% والصين لـ 30%.
لكن حينما بدأت واشنطن توسيع “القائمة السوداء” لتشمل آلاف الشركات الصينية الجديدة، انهار كل التفاهم الذي تم بناءه ، وردت بكين على الفور بضوابط تصدير جديدة للمعادن النادرة، بحيث تمنع استخدامها في المجالات العسكرية أو حتى الصناعية الحساسة دون ترخيص رسمي، وبالتالي عاد التوتر التجاري وبدأت السوق العالمية ترتجف مرة أخرى خاصةً أن هذه العناصر ليس مجرد مواد خام، بل كنز استراتيجي للصين وسلاح ضغط تخشى منه أمريكا أكثر من الرسوم نفسها.
محادثات كوالالمبور، محاولة إعادة التوازن قبل الانفجار
المفاوضات التي تجري في برج “ميرديكا 118” ليس مجرد اجتماع عادي، بل محاولة لتثبيت الأرض قبل أن تنشق مرة أخرى، خاصةً بعد تهديد ترامب بفرض رسوم 100% على السلع الصينية بداية من نوفمبر.
كما حاولت الوفود الأمريكية بقيادة وزير الخزانة سكوت بيسنت والممثل التجاري جيميسون جرير، فتح خط حوار مباشر مع كبير المفاوضين الصيني “لي تشنج قانج” ليجهزوا الأرضية للقاء المرتقب بين ترامب وشي جين بينج خلال قمة “أبيك” في كوريا الجنوبية الأسبوع المقبل.
الموضوع ليس مجرد تجارة بل ينوي ترامب أن يتحدث عن قضايا أخرى مثل تايوان والمزارعين الأمريكيين، بل وأيضًا قضية “جيمي لاي” رجل الأعمال من هونج كونج الذي أصبح رمز لمعارضة بكين.
بمعنى آخر، أصبحت المفاوضات سياسية اقتصادية مركبة، وبها أبعاد داخلية انتخابية واضحة، خاصةً أن ترامب يسعى لإرضاء قاعدة المزارعين التي تضررت من توقف الصادرات الزراعية للصين، خاصةً فول الصويا الذي كان رمز اتفاق “المرحلة الأولى” عام 2020.
الملف الأخطر، التكنولوجيا والمعادن النادرة
أكثر نقطة خلاف تقلب الطاولة بين واشنطن وبكين الآن “ضوابط التكنولوجيا”، فوسعت الولايات المتحدة حظرها على تصدير تقنيات متقدمة وبرمجيات معينة للصين مثل أنظمة الذكاء الصناعي ومحركات الطائرات المتقدمة.
وفي المقابل، تستغل الصين هيمنتها على التربة النادرة كسلاح مضاد.
كما أضاف الخبير جوش ليبكسي من مجلس الأطلسي: “ليس من المؤكد أن تتنازل الصين عن هذا الأمر لأنها مصدر نفوذها الأساسي"، نظرًا لأن بكين تتحكم في أكثر من 70% من إنتاج المعادن النادرة عالميًا، وأي تعطيل في هذه الإمدادات يؤثر فورًا على المصانع الأمريكية من تكساس حتى سياتل.
ترامب والضغط الانتخابي، بين الاقتصاد والسياسة
يشارك ترامب في هذه الجولة من المفاوضات ليس كرئيس اقتصادي، لكن كمرشح يستعد لانتخابات جديدة، ويحاول إثبات أنه يحمي العامل والمزارع الأمريكي.
وفي هذا السياق، جاء إطلاق تحقيق جديد في فشل الصين بالوفاء ببنود اتفاق 2020 كخطوة مدروسة تهدف إلى تهيئة الأرضية القانونية والسياسية لفرض رسوم جديدة إذا فشلت الهدنة.
وإذا حدث ذلك بالفعل، ستبدأ مرحلة “تصعيد مدروس” من الجانب الأمريكي، وتتجه واشنطن للاعتماد على الضغط في الزراعة والطاقة والسلع المصنعة، في مقابل استمرار بكين في التحكم في المواد الخام والمعادن، مما يعني أن كل طرف يرى نفسه متحكم في مفاتيح اللعبة، لكن الحقيقة أن الاثنين يتضرران في النهاية.
اقرأ أيضًا:-
حرب تجارية جديدة تندلع بين الصين وأمريكا في عرض البحر

بين هدنة قصيرة وتصعيد طويل المدى
يتضح من توقعات المحللين الحالية أن أقصى ما يمكن تحقيقه هو اتفاق مؤقت يوقف الرسوم الجديدة ويؤجل الانفجار الحقيقي لبعد الانتخابات الأمريكية، لكن إذا حدثت هذه الهدنة ستكون شكلية أكثر منها جوهرية، لأن جذور الخلاف ليس في الأرقام بل في من يملك قيادة التكنولوجيا وسلاسل الإمداد العالمية.
وحتى إذا تم التوصل لتفاهم مؤقت، ستستمر الضغوط على قطاعي الإلكترونيات والطاقة النظيفة، لأن الشركات العالمية بين نارين، إما الالتزام بالقوانين الأمريكية، أو خسارة الوصول للسوق الصينية الضخمة.
اقتصاد العالم بين مطرقة ترامب وسندان شي
يشير المشهد الحالي إلى أن ما يجري عبارة عن “معركة نفوذ” اقتصادية بامتياز بها التكنولوجيا بديلة عن الدبابات، والمعادن النادرة مكان النفط، فلقاء ترامب وشي الأسبوع المقبل سيكون مفترق طرق فعلي، إما تهدئة اللعبة مؤقتًا، أو دفع العالم لموجة جديدة من الانقسام التجاري والاقتصادي.
وفي كل الحالات، القادم سيكون اختبار حقيقي لاستقرار سلاسل التوريد العالمية، ولمدى قدرة الصين وأمريكا على أنهم يعيشون في نظام اقتصادي واحد رغم الصراع على قيادته.
اقرأ أيضًا:-
ترامب يلتقي الرئيس الصيني الأسبوع المقبل للتوصل لاتفاق تجاري مشترك بين البلدين

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
موعد افتتاح الرسمي المتحف المصري الكبير، اعرف أسعار التذاكر والفئات المعفاة وطريقة الحجز
25 أكتوبر 2025 06:33 م
لم يعد كما كان، تفكك سوق المدفوعات بالجملة والبنوك تسابق الزمن
25 أكتوبر 2025 04:45 م
بين الحلم والحقيقة، لماذا لم تتحقق السيارات النووية حتى الآن؟
21 أكتوبر 2025 03:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً