القوة الآسيوية تكتسح، كيف تقود "نيودلهي وبكين" ثورة الطاقة الخضراء عالميًا؟
الأربعاء، 29 أكتوبر 2025 03:00 م
الطاقة النظيفة
في وقت تتسارع فيه الخطى نحو مؤتمر الأطراف المقبل COP30، تبدو خريطة الطاقة العالمية في حالة إعادة تشكيل عميقة، فالصراعات الجيوسياسية، وتطورات التكنولوجيا، ودور الذكاء الاصطناعي، جميعها عوامل تدفع نحو إعادة تعريف مفهوم التحول الطاقوي من مجرد هدف بيئي إلى قضية أمن قومي واقتصادي في آن واحد.
في هذا السياق، تبرز الصين والهند أكبر دولتين من حيث عدد السكان كنموذجين متناقضين ومتكاملين في الوقت نفسه، في سعيهما لتحقيق توازن دقيق بين النمو الاقتصادي السريع ومتطلبات التحول إلى الطاقة النظيفة.
الصين.. التكنولوجيا في صلب النفوذ الجيوسياسي
بحسب كارلوس باسكوال، نائب الرئيس الأول ورئيس قسم الجغرافيا السياسية والشؤون الدولية في S&P Global Commodity Insights، فقد أصبحت الصين مركز ثقل تكنولوجيًا في مجالات الطاقة الجديدة، خاصة في تصنيع الألواح الشمسية، وبطاريات الليثيوم، وتقنيات الشبكات الذكية، ولقد استثمرت بكين على مدى العقد الماضي في بناء سلسلة توريد شبه متكاملة للمواد الخام والمعادن الحيوية اللازمة للانتقال الطاقوي من الليثيوم والنيكل إلى الكوبالت والنحاس مما منحها نفوذًا استراتيجيًا في الأسواق العالمية.
لكن هذا النفوذ بات أيضًا محور توتر متزايد مع الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة، التي تسعى إلى تقليص اعتمادها على الواردات الصينية عبر سياسات إعادة التصنيع وتنويع سلاسل الإمداد، ومع تصاعد التنافس على الريادة التكنولوجية في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، أصبح التحول الطاقوي أداة من أدوات السياسة الخارجية الصينية، تستخدمها بكين لتعزيز شراكاتها مع دول الجنوب العالمي عبر مبادرة الحزام والطريق الخضراء، ولتأكيد مكانتها كلاعب لا غنى عنه في الاقتصاد منخفض الكربون المقبل.
اقرأ أيضًا:
حرارة الأرض تُشعل سباق الطاقة النظيفة وتفتح شهية الاستثمارات العالمية

الهند.. التحول الطاقوي كفرصة للتنمية والعدالة المناخية
في الجهة الأخرى من آسيا، تقدم الهند نموذجًا مختلفًا قائمًا على البراجماتية المناخية، والتحول نحو الطاقة النظيفة في الهند ليس مجرد التزام بيئي، بل هو ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. الانتقال إلى الطاقة النظيفة ليس شأنًا وطنيًا فحسب، بل هو جهد جماعي عالمي، ما يمكننا تحقيقه يعتمد على التعاون في التكنولوجيا والمعادن الحيوية والتمويل.
الهند اليوم هي ثالث أكبر مصدر لانبعاثات الكربون عالميًا، لكنها في الوقت نفسه من أكثر الدول طموحًا في خططها للتوسع في الطاقة المتجددة، مستهدفة توليد 50% من كهربائها من مصادر غير أحفورية بحلول عام 2030.
وتواجه نيودلهي تحديًا مزدوجًا، كيف تحافظ على وتيرة النمو الاقتصادي التي تحتاجها لتوظيف ملايين الشباب، وفي الوقت نفسه تقلص اعتمادها على الفحم الذي لا يزال يشكل أكثر من نصف مزيج الطاقة لديها. لذا تركز الحكومة الهندية على جذب الاستثمارات الأجنبية في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتطوير صناعات محلية للبطاريات والهيدروجين الأخضر، مع إشراك المجتمعات المحلية في عملية التحول، ليس فقط كمستهلكين، بل كقوى عاملة مدربة ومؤهلة.
اقرأ أيضًا:
بين الفحم والطاقة النظيفة، معادلة الصين المتضادة!
الجغرافيا السياسية للطاقة.. من المنافسة إلى التداخل
إن العلاقة بين واشنطن وبكين، وبين نيودلهي والعواصم الغربية، تعيد تشكيل خريطة الطاقة العالمية، فالصين تسعى إلى ترسيخ ريادتها التكنولوجية، بينما تحاول الهند أن توازن بين الشراكة مع الغرب والانفتاح على الشرق، مستفيدة من موقعها كقوة صاعدة في الجنوب العالمي.
التحول الطاقوي، في جوهره، لم يعد مجرد سباق نحو “صفر انبعاثات”، بل أصبح ميدانًا للتنافس على النفوذ الصناعي والتكنولوجي، وعلى السيطرة على سلاسل الإمداد في عالم أكثر تفتتًا من أي وقت مضى، ومع اقتراب COP30، تزداد الحاجة إلى تنسيق الجهود الدولية وتبادل المعرفة والموارد لأن مستقبل الطاقة النظيفة لن يُبنى على الانقسام، بل على التعاون المشترك، وهذا التحول ليس عن كل دولة بمفردها، بل عما يمكننا جميعًا أن نفعله معًا.

طريق مزدوج نحو المستقبل
بينما تواصل الصين الاستثمار في الهيمنة التقنية، وتعمل الهند على جعل التحول الطاقوي محركًا للتنمية الشاملة، تظل الديناميات الجيوسياسية من سباق المعادن النادرة إلى صراع النفوذ التكنولوجي هو العامل الحاسم في تحديد ملامح النظام الطاقوي العالمي الجديد.
فالتحول القادم لن يكون مجرد تحول في مصادر الطاقة، بل في موازين القوة ذاتها، وإذا كان القرن العشرون قرن النفط، فإن القرن الحادي والعشرين يبدو في طريقه لأن يكون قرن التكنولوجيا الخضراء.. والقدرة على التعاون رغم الانقسام.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
المملكة تدخل نادي الـ13، السعودية بين الدول المنتجة للشركات المليارية في 2025
29 أكتوبر 2025 05:00 م
196 مليار دولار في عام، السعودية نحو نهضة عمرانية واقتصادية غير مسبوقة
28 أكتوبر 2025 10:30 ص
“اللعبة الكبرى”، أمريكا تبني شبكة اقتصادية مضادة للصين في آسيا
27 أكتوبر 2025 05:44 م
أكثر الكلمات انتشاراً