التضخم يتراجع والجنيه يستعيد عافيته، توقعات "رويترز" بنمو 4.6% للاقتصاد المصري
الثلاثاء، 21 أكتوبر 2025 08:52 ص

الاقتصاد المصري
أظهرت نتائج استطلاع أجرته وكالة رويترز أن الاقتصاد المصري يتجه بثبات نحو التعافي والنمو خلال السنوات المقبلة، مدعومًا بعدة عوامل رئيسية، وتشير التوقعات إلى أن الاقتصاد سينمو بنسبة 4.6% في السنة المالية 2025-2026، ويُعزى هذا الزخم إلى تراجع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، وزيادة حركة الصادرات، إلى جانب تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المحلي.
ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو في التصاعد، ليصل إلى 4.9% في 2026، و5.3% في الفترة 2027-2028. لكن، وعلى الرغم من هذه الأرقام المشجعة، لا يمكن النظر إلى الاقتصاد المصري بمعزل عن سياق التحولات الكبرى والتحديات الداخلية والخارجية التي فرضت نفسها على المدى الطويل، فما هي أبرز العوامل التي تقف وراء هذه الرؤية التفاؤلية، وما هي المخاطر المحتملة التي قد تعكر صفوها؟

خلفية التحولات الاقتصادية، من التقلب إلى الإصلاح الهيكلي
شهد الاقتصاد المصري في الأعوام الأخيرة تقلبات شديدة، اتسمت بارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، وتذبذب أسعار صرف الجنيه المصري، وقد شكّل شهر مارس 2024 نقطة تحول كبرى، عندما أقدمت مصر على خفض حاد لقيمة الجنيه، في خطوة جاءت كجزء من حزمة دعم مالي ضخمة من صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار.
ويرجع هدف البرنامج الإصلاحي إلى تعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود في وجه التحديات المالية، تزامن ذلك مع تبني الحكومة المصرية لمجموعة من السياسات النقدية والمالية، شملت رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم المرتفع، ورغم قسوة هذه الإجراءات على المواطن المصري في البداية، إلا أن النتائج بدأت في الظهور تدريجياً مع تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية الكلية.
محركات النمو الجديدة
من أبرز الآثار الإيجابية لقرار تخفيض قيمة الجنيه كان الانتعاش الكبير في قطاع السياحة، الذي شهد زيادة ملحوظة في أعداد السائحين الوافدين إلى مصر، خاصة من أسواق أوروبا والشرق الأوسط، كما تُعد تحويلات المصريين العاملين في الخارج أحد العوامل المهمة التي ساعدت على تحسين مستويات الدخل الوطني ودعم العملة المحلية.
أما الإشارة الأوضح على الثقة المتجددة في الاقتصاد المصري فكانت في فبراير 2024، عندما تلقت مصر دفعة ضخمة من استثمار عقاري مباشر بقيمة 35 مليار دولار من شركة إماراتية في مشروع تطوير منطقة رأس الحكمة على ساحل البحر المتوسط. هذه الاستثمارات الكبرى تُعد بمثابة شهادة على ثقة المستثمرين الأجانب في مسار الإصلاح، وهو ما يساهم بقوة في تعزيز قدرة الاقتصاد المصري على تحقيق معدلات النمو المستهدفة.
آفاق مستقبلية وتحديات قائمة
بينما تُظهر التوقعات نموًا مدعومًا بتراجع التضخم والاستثمار، فإن استمرارية هذا التعافي تتوقف على قدرة الحكومة على المضي قدمًا في الإصلاحات الهيكلية التي تزيد من القدرة التنافسية للاقتصاد.
ويعتمد المسار المستقبلي على الحفاظ على استقرار سعر الصرف، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزيز دور القطاع الخاص كقاطرة للنمو، وتظل التحديات المرتبطة بالدين الخارجي والضغوط الجيوسياسية الإقليمية عوامل يجب التعامل معها بحذر لضمان عدم تعكير صفو هذه الرؤية المستقبلية المتفائلة.

اقرأ أيضًا:
التحول الرقمي يدمج الفئات المهمشة في الاقتصاد المصري
مؤشرات التعافي، توقعات بانحسار التضخم وتخفيض أسعار الفائدة في مصر
تُعد قضية التضخم من أبرز التحديات الاقتصادية التي أثرت بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطنين في مصر، حيث وصل معدله إلى مستويات قياسية بلغت 38% في سبتمبر 2023، ومع هذه الزيادة الحادة، كان لا بد من اتخاذ تدابير صارمة من الحكومة والبنك المركزي المصري.
وهنا تظهر التوقعات المتفائلة التي أشار إليها استطلاع وكالة رويترز، حيث يُتوقع أن ينخفض التضخم بشكل ملحوظ إلى 12.3% في الفترة 2025-2026، وصولًا إلى 7.5% في الفترة 2027-2028. هذا الانحسار المتوقع سيسهم بلا شك في استعادة الاستقرار النقدي في السوق، ويعزز القدرة الشرائية للأسر المصرية على تلبية احتياجاتها المعيشية.
أسعار الفائدة، التوازن الصعب بين التشدد والمرونة
تُشير التوقعات إلى أن البنك المركزي سيستمر في انتهاج سياسة نقدية أكثر مرونة، من خلال خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، ويتوقع العديد من الخبراء أن هذا التوجه سيساهم في تخفيف الأعباء عن القطاع الخاص، خاصة في ظل تحديات التمويل وتكلفة الاقتراض المرتفعة.
وتُظهر التوقعات انخفاض سعر الفائدة على الإقراض لليلة واحدة إلى 16% بنهاية يونيو 2026، ثم استمراره في الهبوط ليصل إلى 11.25% في يونيو 2028.
ومع ذلك، فإن هذا التوجه نحو خفض الفائدة يحمل تحديات أيضًا، حيث قد يؤدي إلى زيادة الطلب على القروض، مما يعزز من المخاطر التضخمية في المستقبل، وبالتالي، سيكون على البنك المركزي إيجاد توازن دقيق بين تشجيع النمو الاقتصادي وضبط مستوى التضخم، في معادلة مالية حساسة.

الجنيه المصري، تحديات متجددة
على الرغم من التفاؤل بشأن التضخم والفائدة، من المتوقع أن يستمر الجنيه المصري في مواجهة ضغوطات في السنوات القادمة، وتشير توقعات الخبراء إلى أن سعر صرف الدولار الأمريكي سيصل إلى 49.85 جنيهًا في يونيو 2026، ثم يرتفع إلى 52 جنيهًا في يونيو 2027، وإلى 54 جنيهًا في يونيو 2028، هذه التوقعات تثير القلق بشأن استمرار تدهور قيمة الجنيه، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة تكلفة الواردات، وبالتالي يضع ضغوطًا إضافية على الميزانية العامة للدولة.
ومع ذلك، فإن تراجع قيمة الجنيه قد يكون له بعض الفوائد، أبرزها تحسين القدرة التنافسية للصادرات المصرية، خاصة في القطاعات التي تعتمد على الإنتاج المحلي، لذا، تظل سياسات التحفيز الصناعي والتصدير أحد أبرز المحاور التي ستساهم في دعم مرونة الاقتصاد المصري.
التفاؤل الحذر واستمرارية الإصلاح
في نهاية المطاف، ورغم التوقعات المتفائلة بنمو الاقتصاد المصري وتحسن بعض المؤشرات الرئيسية مثل التضخم والسياسة النقدية، تظل العديد من التحديات قائمة، فالاقتصاد المصري يبدو في طريقه إلى التعافي، لكن المخاطر المرتبطة بمسار سعر صرف الجنيه وضغوط الأسعار تبقى مؤثرات رئيسية قد تقوض من الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل. إن نجاح الاقتصاد المصري في تحقيق هذه التوقعات يتطلب استمرارية الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز الاستثمار، وزيادة القدرة التنافسية للقطاعات الاقتصادية المختلفة لضمان نمو مستدام.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
بين الحلم والحقيقة، لماذا لم تتحقق السيارات النووية حتى الآن؟
21 أكتوبر 2025 03:00 م
تداعيات الإغلاق الأمريكي على سوق الإسكان، قروض متوقفة ومخاطر تمتد إلى البنوك
20 أكتوبر 2025 03:53 م
لماذا أصبح الذكاء الاصطناعي شرطًا للبقاء في سوق صناعة المنتجات الاستهلاكية؟
20 أكتوبر 2025 03:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً