السبت، 18 أكتوبر 2025

11:52 م

سباق نووي جديد بين أمريكا وروسيا والصين على المفاعلات المعيارية (تفاصيل)

السبت، 18 أكتوبر 2025 01:07 م

المفاعلات الصغيرة المعيارية

المفاعلات الصغيرة المعيارية

تشهد سوق الطاقة الدولية تحولاً استراتيجيًا يقوده سباق محموم بين الولايات المتحدة وروسيا والصين حول التكنولوجيا النووية الناشئة المعروفة بـ”المفاعلات الصغيرة المعيارية” (SMRs)، التي تعد رهان القرن الحادي والعشرين لتحقيق مزيج طاقة نظيف ومستدام. 

المفاعلات الصغيرة

وبينما كانت الطاقة النووية في العقود الماضية محاطة بالمخاوف البيئية والكارثية، فإن موجة التكنولوجيا الجديدة تعيدها اليوم إلى الواجهة كأداة اقتصادية وجيوسياسية فاعلة.

رهان أمريكي على إعادة التموضع في سوق الطاقة

بعد خسارتها معركة الريادة في قطاعي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لصالح الصين، تضخ الولايات المتحدة مليارات الدولارات في مشاريع المفاعلات الصغيرة لاستعادة مكانتها في سوق الطاقة العالمي. 

هذا الاستثمار لا يهدف فقط إلى دعم الاقتصاد الداخلي وخلق فرص عمل، بل أيضًا إلى بناء نفوذ سياسي في دول نامية تسعى لتنويع مصادرها من الطاقة.

وتعد برامج مثل FIRST وقروض بنك التصدير والاستيراد الأمريكي أدوات دبلوماسية اقتصادية، تتيح لواشنطن تصدير تكنولوجيا نووية “صُنعت في أمريكا” إلى أوروبا الشرقية وجنوب شرق آسيا، في محاولة لتقليل اعتماد هذه المناطق على الغاز الروسي أو النفوذ الصيني المتصاعد.

اقرأ أيضًا:

عقول الأرض تبني مفاعلاً على القمر، حرب نووية مرتقبة تهدد مستقبل الفضاء والبشرية

من المفاعلات إلى البطاريات، قفزة روساتوم نحو تخزين الطاقة عالمياً

 

منافسة ثلاثية الأبعاد.. بين التكنولوجيا، والتمويل، والنفوذ

اقتصاديًا، يتجاوز السباق بين القوى الكبرى حدود التكنولوجيا إلى سباق تمويلي ودبلوماسي، فبينما تملك روسيا ميزة إنتاج الوقود النووي عالي التخصيب (HALEU)، تتفوق الصين من حيث سرعة التنفيذ والكفاءة الصناعية، إذ أنها الدولة الوحيدة التي تشغل فعليًا مفاعلاً صغيرًا على اليابسة.

أما الولايات المتحدة، فتعتمد على نموذج السوق المفتوحة والمنافسة بين شركاتها الخاصة مثل NuScale وTerraPower وX-energy، لكنها تصطدم بعقبة الكلفة العالية وسلاسل الإمداد المعقدة، فإلغاء مشروع “نوسكيل” في 2023 بعد تضاعف تكلفته شكل ضربة مؤقتة للثقة في الجدوى الاقتصادية لهذه التقنية.

اقتصاد الطاقة النظيفة.. بين الطموح والواقع

من منظور اقتصادي بحت، تمثل المفاعلات الصغيرة فرصة هائلة لخفض الانبعاثات وتعزيز أمن الطاقة، إذ يمكن بناؤها بسرعة نسبية وتشغيلها في مناطق محدودة المساحة، ومع ذلك، فإن العائد الاقتصادي لا يزال مرهونًا بعاملين حاسمين:

1. تكلفة الإنتاج مقارنة بالغاز والفحم، وهي التحدي الأكبر أمام إقناع الأسواق والمستهلكين.

2. توسيع الإنتاج التجاري، والذي لن يظهر أثره قبل نهاية العقد الحالي، بحسب تقديرات مراكز الأبحاث مثل Rystad Energy.

مفاعلات نووية

أبعاد جيوسياسية واقتصادية متشابكة

التحرك الأمريكي في هذا الملف لا ينفصل عن الاقتصاد السياسي للطاقة، فالدول التي تبرم اتفاقيات نووية مع واشنطن أو موسكو لا تحصل فقط على الكهرباء، بل تدخل في علاقات اقتصادية تمتد لعقود، تشمل التدريب، والصيانة، وإمدادات الوقود.

 هذه “الصفقات الطويلة الأجل” تمنح النفوذ بقدر ما تمنح الطاقة، وبينما يسعى العالم إلى تقليص الانبعاثات خلال العقد الجاري، تشير معظم التحليلات إلى أن المفاعلات الصغيرة لن تصبح عنصرًا أساسيًا في مزيج الطاقة العالمي قبل النصف الثاني من الثلاثينيات. 

ومع ذلك، يبقى الاستثمار فيها خطوة استراتيجية طويلة الأمد، تجمع بين الاقتصاد والبيئة والسياسة في آن واحد.

الرهان على المفاعلات الصغيرة المعيارية ليس مجرد سباق تكنولوجي، بل هو صراع على النفوذ الاقتصادي في عالم يعيد تعريف مفهوم الطاقة الآمنة والمستدامة. 

وإذا نجحت الولايات المتحدة في كسر حاجز التكلفة وتجاوز التأخير في التنفيذ، فقد تفتح الباب فعلاً لـ”نهضة نووية” تعيد رسم خريطة الاقتصاد العالمي للطاقة.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search