تشديد الرقابة على واردات «إنفيديا»، الصين تصعّد المواجهة مع الولايات المتحدة

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2025 10:24 ص

الصين تصعّد المواجهة مع الولايات المتحدة

محمد السيد

بدأت بكين خلال الأيام الأخيرة حملة تفتيش واسعة تستهدف قطاع الرقائق وأجهزة الاتصالات المتقدمة، في خطوة تهدف إلى إحكام السيطرة على سلاسل التوريد الحساسة وتعزيز الاكتفاء الذاتي في صناعة أشباه الموصلات، ووفق ما نقلته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، شددت السلطات الصينية الإجراءات الجمركية في عدد من الموانئ الكبرى، مع تركيز خاص على الشحنات الأميركية التي تضم معالجات الذكاء الاصطناعي التابعة لشركة “إنفيديا”، وهي أبرز مورد عالمي في هذا المجال، وأفادت المصادر بأن مسؤولي الجمارك نُشروا في مواقع استراتيجية لإجراء عمليات فحص دقيقة على المعدات المستوردة، خاصة تلك التي يُشتبه في مخالفتها لقيود التصدير الأميركية.

تفتيش جميع المنتجات التي تنتهك القيود المفروضة على التكنولوجيا

وبحسب التقارير، بدأت الحملة بتفتيش معالجات “H20” و”RTX Pro 6000D” المصممة خصيصًا للسوق الصينية لتتوافق مع الضوابط الأميركية، لكنها توسعت لاحقًا لتشمل جميع المنتجات التي يُحتمل أن تنتهك القيود المفروضة على التكنولوجيا المتقدمة، ورغم امتناع شركة “إنفيديا” والسلطات الصينية عن التعليق، يرى محللون أن الخطوة تأتي في سياق رغبة بكين في إعادة ضبط تدفقات التكنولوجيا الأجنبية إلى داخل البلاد، وسط الصعوبات التي تواجهها الشركات الصينية في الحصول على معالجات متطورة جراء القيود الأميركية المتزايدة، وتشير التقديرات إلى أن السوق الصينية شهدت خلال الأشهر الماضية محاولات لتهريب رقائق بقيمة تتجاوز مليار دولار، في مؤشر على الطلب الكبير على هذه الشرائح الحيوية رغم القيود المفروضة.

فتح تحقيقات مع شركات تداول مالية أجنبية كبرى

وامتدت التحقيقات إلى شركات تداول مالية أجنبية كبرى، إذ كشفت صحيفة فيوتشرز ديلي الحكومية عن فتح تحقيقات مع ثلاث شركات عالمية هي “تاور ريسيرش كابيتال” و”جامب تريدينج” و”أوبتيفر”، بشأن مدى التزامها بقواعد استيراد أجهزة الاتصالات عالية الأداء المستخدمة في التداول المالي عالي التردد.

وتشير التقارير إلى أن السلطات في شنجهاي أجرت زيارات ميدانية لمقار هذه الشركات منذ يوليو الماضي، ركزت على فحص الخوادم والرقائق وبطاقات الشبكات ومفاتيح الاتصال، وهي مكونات تُعد أساسًا لتحقيق السرعة في الأسواق المالية، وذكرت الصحيفة أن بعض المعدات المستوردة من دون تراخيص أو شهادات الجودة الإلزامية “3C”، ما دفع الجمارك للمطالبة بتطبيق إجراءات تقييدية بحق الشركتين الأميركيتين “تاور ريسيرش” و”جامب تريدينج”.

تشدد بكين في التعامل مع الشركات الأجنبية

ورغم حذف تقرير فيوتشرز ديلي من موقعها الإلكتروني بعد ساعات من نشره، إلا أن الواقعة أثارت جدلًا واسعًا حول تشدد بكين في التعامل مع الشركات الأجنبية، ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات تمثل رسالة مزدوجة إلى الغرب بأن الصين مستعدة للرد بالمثل على القيود الأميركية، وإلى الداخل بأنها ماضية في حماية أمنها التكنولوجي مهما كانت التكلفة.

بناء صناعة وطنية متكاملة للرقائق

ويأتي هذا التصعيد في وقت تواصل فيه بكين استثماراتها الضخمة لبناء صناعة وطنية متكاملة للرقائق، تزامنًا مع تضييق واشنطن على وصولها إلى التكنولوجيا الحساسة، وعلى الرغم من التقدم الذي حققته شركات مثل “هواوي” في تطوير معالجات محلية، إلا أن خبراء الصناعة يؤكدون أن رقائق “إنفيديا” لا تزال تتفوق في الأداء والكفاءة، مما يجعلها عنصرًا لا غنى عنه في مشروعات الذكاء الاصطناعي الصينية، وبينما تتهيأ الصين والولايات المتحدة لجولة جديدة من المفاوضات التجارية، يرى محللون أن المعركة المقبلة بين القوتين لن تدور حول السلع التقليدية، بل حول من يملك التفوق في ميادين الرقائق والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي المفاتيح الحقيقية للاقتصاد العالمي في المستقبل.