السبت، 11 أكتوبر 2025

11:38 ص

هبوط الدولار منذ 2024، هل بدأ يشكك في هيمنة العملة الأمريكية كمرجعية نقدية دولية

السبت، 11 أكتوبر 2025 05:40 ص

الدولار الأمريكي

الدولار الأمريكي

شهد الدولار الأمريكي منذ عام 2024، انخفاضًا حادًا في أسواق الصرف الأجنبي، حيث فقد قيمته تدريجيًا مقابل العملات الرئيسية في العالم، ويثير هذا الانخفاض في قيمة الدولار تساؤلات عديدة: ما هي أسبابه؟ من الرابح أو الخاسر منه؟ ما هي تداعياته العالمية؟ هذه الظاهرة الدورية والإستراتيجية، تدفعنا أيضًا إلى تأملٍ أعمق في جدوى هيمنة الدولار على المدى الطويل في النظام النقدي الدولي.

سعر الدولار الامريكي

 

لماذا ينخفض ​​الدولار؟

ويعود انخفاض قيمة الدولار منذ إبريل 2024 إلى عاملين رئيسيين، أولًا، تخفيف السياسة النقدية من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وكغيره من البنوك المركزية حول العالم، اعتمد الاحتياطي الفيدرالي سياسة نقدية تقييدية بين عامي 2022 و2024، لاحتواء التضخم الناجم عن تداعيات جائحة كوفيد-19، واندلاع الحرب في أوكرانيا.

ومع عودة التضخم إلى السيطرة بحلول منتصف عام 2024، بدأ الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة الرئيسية، ومن ناحية أخرى، زادت تصريحات ومواقف دونالد ترامب وإدارته، سواءً على الصعيدين التجاري أو الجيوسياسي، من حالة عدم اليقين، وقد أدى هذا الاضطراب إلى تفاقم انعدام ثقة الأسواق المالية، تجاه الأصول الأمريكية، ما أدى إلى انخفاض الطلب.

ولا يتعارض هذا الوضع مع الرؤية الاقتصادية للإدارة الجديدة، فوفقًا لمبدأ مار-إيه -لاغو، والتصريحات المتكررة للمستشار الاقتصادي الحالي ستيفن ميران، يُعدّ إضعاف الدولار أمرًا ضروريًا لخفض العجز التجاري، وهو هدف محوري في برنامج دونالد ترامب.

وتماشيًا مع شعار السيادة المعروف "أمريكا أولًا"، يهدف البرنامج إلى تقليل الواردات، ونقل سلاسل الإنتاج والتوريد إلى الولايات المتحدة، وتعزيز نمو الصادرات الأمريكية عالميًا، كما يُمثل هذا النهج، نقطة تحول مقارنةً بالإدارات السابقة، والتي لم تُعنَ قط بمعالجة العجز التجاري، الذي كان يُعوّض عادةً بفائض في حساب رأس المال.

بمعنى آخر، وازنت التدفقات الرأسمالية الصافية الداخلة (سندات الخزانة، وأسهم الشركات، إلخ) التدفقات الخارجة من الدولارات عبر التجارة (السلع والخدمات)، ومع ذلك، يسعى دونالد ترامب، إلى تحقيق فائض مزدوج: تجاري ومالي، وهذا يتطلب خفض قيمة الدولار، لزيادة تنافسية الاقتصاد الأمريكي دوليًا، دون التشكيك في هيمنة الدولار كعملة احتياطية عالمية.

 سعر الدولار اليوم

 

هل يثير تراجع الدولار تساؤلات حول هيمنته العالمية؟

وفي السنوات الأخيرة، ازدادت طموحات "التخلي عن الدولرة"، لا سيما بين دول مجموعة البريكس، وقد أُبرمت العديد من الاتفاقيات الثنائية، لا سيما بين الصين وشركاء مثل:- (البرازيل وروسيا والمملكة العربية السعودية)، لإجراء جزء من تجارتها بالعملات الوطنية.

وتهدف هذه الخطوة صراحةً، إلى تجاوز الدولار الأمريكي، ما أثار ردود فعل عدائية من الإدارة الأمريكية، وفي الوقت نفسه، بدأت بعض البنوك المركزية، لا سيما في الصين وروسيا، في خفض حصة الدولار في احتياطياتها من النقد الأجنبي، مفضلةً عملات أو أصولًا أخرى مثل الذهب. 

وقد ساهمت هذه الديناميكيات، إلى جانب الانخفاض الأخير في الطلب على الأصول الأمريكية، في تآكل تدريجي لدور الدولار، سواءً كوسيلة للتبادل الدولي أو كمخزن عالمي للقيمة.

مع ذلك، تخضع الأنظمة النقدية لجمود طويل الأمد، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتأسيس النظام النقدي الدولي القائم على الدولار، ظلّ العملة المرجعية الرئيسية في العالم، فعلى سبيل المثال، عندما تشتري الخطوط الجوية الفرنسية طائرات من شركة إيرباص الأوروبية، لا تزال العقود تُبرم بالدولار.

علاوة على ذلك، لا تزال سندات الخزانة الأمريكية، تُعتبر أكثر الأصول أمانًا وسيولةً في العالم، واليوم، لا يزال الدولار يُشكّل حوالي 60% من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية، مُقارنةً بنحو 20% لليورو، و5% للين، و4% للجنيه الإسترليني، و2-3% فقط لليوان، وذلك على الرغم من النفوذ الاقتصادي للصين.

ولا يبدو حاليًا أي بديل موثوق قادر على إزاحة الدولار عن عرش العملة النقدية الدولية، ولم يستفد اليورو من التراجع الأخير للدولار، بل تحول الطلب نحو الذهب وأصول الأسواق الناشئة، لا سيما في أسيا.

علاوة على ذلك، لكي ينافس اليورو الدولار بجدية، سيحتاج الاتحاد الأوروبي إلى إصدار أدوات دين سيادية مشتركة (سندات الخزانة الأوروبية) على نطاق واسع ومستدام، وهذا يتطلب إنشاء ميزانية أوروبية، وهو احتمال لا تزال الدول الأعضاء تعارضه إلى حد كبير في الوقت الحالي.

سعر الدولار اليوم

 

هل ينبغي أن يكون هذا التراجع في قيمة الدولار مصدر قلق عالمي؟

ويُفيد ضعف الدولار الحالي بشكل رئيسي المُصدّرين الأمريكيين، الذين تحسّنت تنافسيتهم السعرية تلقائيًا في الأسواق العالمية،علاوة على ذلك، انخفضت خدمة ديون الدول الناشئة والنامية، المُتعاقد عليها بالدولار، عند تحويلها إلى عملات محلية، ما أتاح مساحةً ماليةً مُناسبة.

إضافةً إلى ذلك، شهدنا مؤخرًا تحوّلًا في الطلب من الأصول المُقوّمة بالدولار، إلى ملاذات آمنة كالذهب أو السندات الصادرة عن الدول الناشئة، والتي تُعتبر أكثر جاذبيةً في ظلّ الظروف الحالية، وفي المقابل، يواجه المستوردون الأمريكيون زيادة كبيرة في تكلفة مدخلاتهم.

ولأن إمكانيات الاستبدال وإعادة هيكلة سلسلة القيمة ليست فورية - على الأقل في المدى القصير - فإن المستهلكين هم من يتحملون العبء الأكبر، ما لم تُطبّق سياسات تعويضية، وبالمثل، يشهد المستثمرون الأجانب الذين يتلقون أرباحًا بالدولار انخفاضًا في قيمة دخلهم، بمجرد تحويله إلى عملاتهم المحلية، لكن القلق الرئيسي المحيط بتراجع الدولار، يكمن في خطر إشعال فتيل "حرب عملات".

فالاضطرابات الحالية التي تحيط بالعملة الأمريكية، تُسهم في تجزئة مزدوجة للنظام النقدي العالمي، فمن جهة، تُعزز هذه التقلبات تشكيل "التكتلات"، عاكسةً بذلك التوترات التجارية والجيوسياسية، وهو ما يزيد من خطر حدوث أزمة مالية عالمية. 

ومن جهة أخرى، تُفاقم هذه التقلبات المواجهة بين العملات السيادية (التي تُصدرها البنوك المركزية)، والعملات الخاصة، مثل البيتكوين، وفي ظل هذا الشكل الثاني من التشرذم، لا يزال النظام النقدي الدولي، يبدو عاجزًا عن ضمان استقرار دائم.

سعر الدولار اليوم

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search