الخميس، 18 سبتمبر 2025

05:08 م

تصاعد التوتر بين "إنفيديا" والصين.. نزاع احتكاري أم صراع نفوذ تكنولوجي؟

الخميس، 18 سبتمبر 2025 01:48 م

 شركة إنفيديا Nvidia

شركة إنفيديا Nvidia

في الوقت الذي تحاول فيه شركة إنفيديا Nvidia، رائدة صناعة الرقائق الإلكترونية والذكاء الاصطناعي، أن توازن بين مصالحها التجارية العالمية وضغوط السياسات الجيوسياسية المتزايدة، وجدت نفسها من جديد تحت المجهر، ولكن هذه المرة في قلب أزمة احتكار مزعومة تثيرها الصين. 

شركة إنفيديا Nvidia

الاتهامات التي وجهتها هيئة تنظيم السوق الصينية بخصوص انتهاك قانون مكافحة الاحتكار تمثل تصعيدًا جديدًا في العلاقة المعقدة بين أكبر اقتصادين في العالم، وتجسد الخطر المتنامي الذي تواجهه الشركات الأمريكية العاملة في سوق بات رهينة للتجاذبات السياسية أكثر من الاعتبارات التجارية.

صفقة ميلانوكس في مرمى النيران

يستهدف التحقيق الذي أعلنته السلطات الصينية صفقة استحواذ إنفيديا على شركة ميلانوكس الإسرائيلية في عام 2020، وهي صفقة ضخمة بلغت قيمتها حوالي 7 مليارات دولار، وحظيت بموافقة مشروطة من بكين آنذاك. 

لكن بعد مرور خمس سنوات، تعود إدارة الدولة لتنظيم السوق لتفتح هذا الملف مجددًا، في خطوة اعتبرت غير معتادة، مما يثير التساؤلات حول التوقيت والدوافع الحقيقية.

ورغم أن الهيئة الصينية لم توضح تفاصيل الانتهاك المزعوم، فإن الاتهام العام يشير إلى أن إنفيديا ربما خالفت الشروط المتعلقة بالتنافسية أو تقاعست في بعض الالتزامات التنظيمية المفروضة عليها ضمن اتفاقية الاستحواذ.

شركة إنفيديا Nvidia

التأثير الفوري.. تذبذب الأسواق وثقة المستثمرين

سارعت الأسواق إلى التفاعل مع هذا التطور، حيث انخفضت أسهم إنفيديا بنسبة 2% في تداولات ما قبل السوق، قبل أن تقلص بعض خسائرها لاحقًا. 

ورغم أن هذا الانخفاض قد يبدو محدودًا نسبيًا، إلا أنه يعكس قلق المستثمرين من تبعات تحقيق موسع قد يؤدي إلى غرامات، أو قيود تشغيلية، أو حتى تعطيل خطط التوسع في السوق الصينية، التي تمثل ما يقرب من 20% من إيرادات الشركة.

هذا التحقيق يعزز صورة انعدام اليقين التنظيمي الذي يواجه الشركات الغربية في الصين، وخاصة في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة، حيث التنافس بات لا يقتصر على جودة المنتج، بل على مدى القدرة على التنقل بذكاء في ميدان السياسة.

اقرأ أيضًا:

إنفيديا بين مطرقة «واشنطن» وسوق «الصين»، صراع يهدد ريادة الرقائق الأمريكية

البعد الجيوسياسي.. من مكافحة الاحتكار إلى إدارة النفوذ

لا يمكن فصل هذه الاتهامات عن السياق الجيوسياسي الأوسع، ففي الوقت الذي تجري فيه الصين تحقيقات متزامنة في قضايا الإغراق والتمييز التكنولوجي تجاه الرقائق الأمريكية، يبدو أن الحكومة الصينية تمارس نوعًا من الرد المنهجي على القيود الأمريكية الأخيرة في قطاع أشباه الموصلات، لا سيما مشروع قانون GAIN AI الذي تحذر إنفيديا من أنه سيقيد المنافسة العالمية.

الصين، من جهتها، تبدو عازمة على إعادة تشكيل قواعد اللعبة في سوق الرقائق، وتحاول الحد من اعتمادها على التكنولوجيا الأمريكية عبر تشجيع لاعبين محليين مثل هواوي وSMIC. 

ومع منع تصدير شريحة H20 إلى الصين مؤخرًا رغم أنها صممت خصيصًا للامتثال للقيود الأمريكية يتضح أن المعايير السياسية تتفوق على المنطق التجاري في تحديد من يمكنه دخول السوق الصينية أو لا.

شريحة H20

موقف إنفيديا.. سياسة التهدئة والامتثال

في ردها الرسمي، اختارت إنفيديا لهجة متزنة، وقالت عبر متحدث باسمها: "نحن نمتثل للقانون من جميع النواحي، وسنواصل التعاون مع جميع الهيئات الحكومية ذات الصلة أثناء قيامها بتقييم تأثير ضوابط التصدير على المنافسة في الأسواق."

يعكس الرد محاولة “إنفيديا” تجنب صب الزيت على النار، خصوصًا في وقت تسعى فيه الشركة إلى إعادة تأكيد حضورها في السوق الصينية بعد فترة من التوترات والقيود.

الرئيس التنفيذي للشركة، جنسن هوانج، كان واضحًا في تصريحاته العلنية، حيث طالب واشنطن بالسماح للشركات الأمريكية بالتواجد في الصين، محذرًا من أن السوق المحلية هناك في طريقها إلى أن تبلغ 50 مليار دولار في غضون سنوات قليلة، وأن الفراغ الذي قد تتركه إنفيديا ستملؤه "هواوي" وشركات صينية أخرى.

اقرأ أيضًا:

الصين "تكسب الرهان" وتقترب من تجاوز إنفيديا في سباق رقائق الذكاء الاصطناعي

15 % من العائدات لصالح الحكومة الأميركية

في خطوة غير مسبوقة، توصلت إنفيديا الشهر الماضي إلى اتفاق مع الحكومة الأمريكية يسمح لها باستئناف مبيعات الرقائق إلى الصين، مقابل التنازل عن 15% من تلك العائدات للحكومة الأمريكية. 

هذه الصيغة أشبه بـ "الضرائب الجيوسياسية"، وتسلط الضوء على مدى التعقيد الذي تواجهه الشركات العاملة في تقاطع المصالح القومية والتجارية.

شركة إنفيديا Nvidia

ما القادم لإنفيديا وللسوق العالمية؟

ما بين الصين التي تتهم، وأمريكا التي تقيد، تقف إنفيديا في منطقة حرجة، ليس فقط لأنها باتت رمزًا للتفوق الأمريكي في الذكاء الاصطناعي والرقائق المتقدمة، بل لأنها تمثل أيضًا نموذجًا لما يمكن أن يحدث عندما تتحول التكنولوجيا إلى سلاح في معركة النفوذ العالمي، إذا استمرت الضغوط من الجانبين، فقد تجد إنفيديا نفسها مضطرة إلى إعادة هيكلة علاقاتها التعاقدية، وربما تعديل استراتيجيات البحث والتطوير لتتماشى مع قواعد متعددة ومتضاربة. 

لكن في النهاية، فإن الخاسر الأكبر قد يكون الابتكار نفسه، إذا ما استمر تسييس التكنولوجيا على هذا النحو، وفي عالم يتغير بوتيرة متسارعة، تذكرنا أزمة إنفيديا أن القدرة على التكيف لم تعد ميزة، بل ضرورة وجودية.

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search