السبت، 06 سبتمبر 2025

03:07 م

التصنيع منخفض الهدر والانبعاثات الصفرية، طوق نجاة المصانع المهددة بالإغلاق

السبت، 06 سبتمبر 2025 10:43 ص

مصانع مغلقة

مصانع مغلقة

نفيسه محمود

يواجه المصنعون بشكل عام ضغوطات قد تؤدي إلى تعرضهم لإيقاف إلزامي، ومن ضمن هذه الضغوطات نجد مشكلتين تعتبر من أخطر المشاكل التي قد تهدد مستقبل المنشأة الصناعية أو قد تتسبب في غلق الشركة أو إيقاف المصنع عن العمل.

المصنعين

البصمة الكربونية تدفع فيراري لإغلاق مصنعها

 وتظهر المشكلة الأولى في انبعاثات الغازات أو مايعرف بالبصمة الكربونية، التي تسبب الاحتباس الحراري وتؤثر على الكوكب وتغير من طبيعة المناخ فنرى ظواهر مثل الفياضات أو الجفاف أو سقوط الثلج في موسم الصيف، أو ارتفاع شديد في درجات الحرارة في فصل الشتاء، بالإضافة إلى لكونها تلوث الهواء والماء والتربة وبالتالي تؤثر بشكل سلبي على صحة الإنسان، كما تعمل على تدمير المواد الطبيعية، واستنزافها حتى وصولها للندرة، هذه التأثيرات البيئية قد تضطر دولة إلى إيقاف شركة عن استكمال عملها أو قد تعطي مصنع قرار بالغلق، وقد تستغني عن صناعة بأكملها، لذلك يسعى المصنعون دائمًا للتخفيف من التأثير البيئي، وإيجاد حلول بديلة أكثر استدامة وأقل خطرًا على الكوكب.

فمثلًا نجد شركة ستيلانتيس، وهي شركة صناعة سيارات فرنسية إيطالية في أوروبا، منذ يوليو الماضي وهي تواجه خطر إغلاق جميع مصانعها، وذلك بسبب تحذير الاتحاد الأوروبي بفرض غرامات باهظة بسبب ارتفاع انبعاثاتها من غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يسبب آثار كارثية على المناخ.

وفي 2017 اضطرت شركة فيراري العالمية لغلق أحد مصانعها والذي كان يعتمد على محطة طاقة تعمل بغاز الميثان، وقد كانت المحطة تستخدم لتوليد الكهرباء للمصنع، بالإضافة إلى توفير التدفئة والتبريد على حسب احتياجاته، ولكن اضطرت لغلقه نتيجة الانبعاثات الكربونية الناتجة عن توليد الكهرباء من هذه المحطة، بالإضافة إلى الانبعاثات من معدات التصنيع.

البصمة الكربونية للمصانع

BBC: ارتفاع في عدد المؤسسات التي تواجه خطر الإغلاق لـ 654,765 مؤسسة

وبالنسبة للمشكلة الثانية التي تواجه المصنعين فهي ارتفاع تكاليف الإنتاج، والتي بسببها يواجه الكثير من المصنعين أزمة التعثر المالي، التي تؤثر فيما بعد على كفاءة وحجم الإنتاج وتراجع أداء التصنيع، بل إن التعثر المالي للمنشأة قد يدفعها لنفق مظلم لا تستطيع الخروج منه، والأمثلة على أرض الواقع كثيرة.

فمثلًا نشرت BBC في يناير الماضي خبرًا تضمن ارتفاع عدد الشركات في المملكة المتحدة التي تعاني من أزمات مالية حرجة، حيث ارتفع العدد بنسبة 3.5% على أساس ربع سنوي مسجلة حوالي 654,765 مؤسسة تواجه خطر الإغلاق، وقد جاء السبب الرئيسي لهذه الأزمة نتيجة لزيادة العبء على الشركة من ارتفاع التكاليف، وانخفاض الأرباح.

لذلك في هذا التقرير نوضح كيف يستطيع المصنعون مواجهة هاتين المشكلتين بأفضل وأحدث الحلول الموصي بها، لتحسين كفاءة الإنتاج والتقليل من الأثر البيئي، وتبرز هذه الحلول في: التصنيع الخالي من الهدر أو مصطلح الـ Lean Manufacturing الذي يكافح ارتفاع التكاليف، وإقامة منشآت صناعية تتميز بصافي انبعاثات صفرية الذي يكافح البصمة البيئية.

إغلاق المنشآت الصناعية

السر في التصنيع الخالي من الهدر 

التصنيع الخالي من الهدر هو منهجية تستخدمها الشركات للتقليل من الهدر  لتعزيز كفاءة الإنتاج، وذلك من خلال تقليل المخزون الفائض، وتحسين كفاءة مراقبة الجودة، وتطوير عمليات الإنتاج، مع التحسين المستمر لاستراتيجيات التصنيع ، من خلال توفير منتجات تناسب طلب السوق بتكلفة أقل، مع التخلص من أي أنشطة قد لاتضيف قيمة للمستهلك.

الانبعاثات الصفرية تقضي على خطر البصمة الكربونية على المصانع

أما المنشآت الصناعية بانبعاثات صفرية، فهي منشآت تصنيع تعمل على موازنة كمية الغازات الناتجة عنها، لأنه من المستحيل أن تتم عملية التصنيع بدون أي انبعاثات ولكن من الممكن تقليل استخدام الطاقة، من خلال الاعتماد على الطاقة المتجددة، ومحاولة لتقليل الانبعاثات في سلسلة التوريد ككل، من خلال التخلي عن الأنشطة المسببة للبصمة الكربونية، أو على الأقل استبدالها.

مصنع شنايدر إلكتريك في الصين يقلل الانبعاثات لـ 90%

يوحد أمثلة تطبيقية لمجموعة من الشركات والمصانع التي التزمت بهذه الحلول وقد نجحت بالفعل، والتي من الجيد لنا في الصناعة الوطنية محاولة تبني هذه المناهج للنهوض بالصناعة، فمثلًا نجد النموذج الأمثل هو مصنع شنايدر إلكتريك في الصين، والذي استطاع الجمع بين الحلين المقترحين منذ 8 سنوات وقد نجح بشكل مثالي في تنفيذهما، فأولًا استخدم الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحسين كفاءة الطاقة وتتبع انبعاثات الكربون، كما اعتمد بنسبة 100% على الطاقة المتجددة، مما أدى إلى تقليل الانبعاثات بنسبة تراوحت بين 65-90%، واستخدم نظام تقليل الهدر والذي يعرف باسم "جاست إن تايم" أو باختصار JITK ، حيث استطاع خفض الطاقة المستهلكة في التخزين.

BMW  الألمانية تتبني منهجية Lean Manufacturing

المثال الثاني هو مجموعة BMW  الألمانية، فقد  طبقت مصطلح Lean Manufacturing، وعملت على تقليل الهدر في خطوط الإنتاج، وسلاسل التوريد، واستراتيجيات شراء مستلزمات الصناعة، فقد اعتمدت الشركة على تنفيذ منهجية تقليل الهدر على جميع عمليات الشركة بداية من التصنيع مرورًا باستخدام الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وحتى الوصول إلى نهاية سلسلة التوريد.

نستلة تتفوق في قطاع الأغذية والمشروبات

أما المثال الثالث فهو شركة نستلة، حيث استطاعت تطبيق الاستراتيجيين باحترافية في قطاع الأغذية والمشروبات، فنجد الشركة تهتم بتحسين عمليات تدفق المواد لضمان تقليل الوقت المهدر وبالتالي تقليل استهلاك الطاقة، كما تعتمد بشكل أساسي على إعادة التدوير أو مايعرف بالاقتصاد الدائري والذي يعتبر شكل من أشكال تقليل الهدر.

الاستدامة

الحل النهائي

الخلاصة إن الاعتماد على الجمع بين التصنيع الخالي من الهدر، ومفهوم الانبعاثات الصفرية، هو الحل الأمثل لتجنب معوقات قد تطيح بأي منشأة صناعية، لأنها تعطى المصنعين مكاسب مزدوجة منها تقليل التكاليف ومنها التقليل من البصمة البيئية، كما تضمن الحصول على رضا العملاء الذين يهتمون بالمنتجات المستدامة، وضمان الامتثال بالقوانين الدولية والحكومة الخاصة بالاستدامة، بالإضافة إلى توفير مرونة لدى الشركات من خلال مكافحة الهدر وبالتالي التحكم بشكل مثالي في التكاليف، وبالتبعية مواجهة أي تقلبات قد تحدث في السوق، وأخيرًا إن المصانع الأكثر كفاءة هي نفسها المصانع التي تهتم بالاستدامة لذلك فإن نظام الـ Lean Manufacturing لم يعد رفاهية بل ضرورة في ظل التنافس العالمي.

اقرأ أيضًا:

التكنولوجيا في خدمة البيئة، كيف تقود الابتكارات المستقبل نحو اقتصاد منخفض الكربون؟

الرياح والشمس تدفعان قطاع الاتصالات نحو صفر انبعاثات

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search