الثلاثاء، 02 سبتمبر 2025

01:49 م

أقوى الجيوش في العالم، بين التفوق العسكري والاستثمار الاستراتيجي

الثلاثاء، 02 سبتمبر 2025 10:05 ص

القوة العسكرية

القوة العسكرية

في عالم تتقاطع فيه الجغرافيا بالسياسة، وتُرسم فيه خرائط النفوذ بظلال السلاح، لا تكتمل قراءة موازين القوى الدولية دون التوقف عند القوة العسكرية، فالجيوش ليست مجرد أرقامًا في سجلات التجنيد، أو قطعًا حربية تعرض في عروض وطنية، بل هي أدوات إستراتيجية لصياغة القرار السياسي، وأذرع اقتصادية تتحرك خلف الستار.

وفي تقريرها السنوي لعام 2025، كشفت منصة جلوبال فاير باور (Global Firepower) عن قائمة أقوى جيوش العالم، استنادًا إلى أكثر من 60 مؤشرًا، من بينها حجم القوة البشرية والتقنيات العسكرية، والقدرات اللوجستية، والميزانية الدفاعية. 

ولم يكتفي التقرير بتعداد المعدات أو الجنود، بل تطرق إلى تقديم مؤشرٍ للقوة العسكرية (Power Index)، والذي يمنح نظرة شاملة على التوازن العسكري العالمي.

أقوى الجيوش في العالم

أمريكا في الصدارة.. التفوق ليس صدفة

الولايات المتحدة كعادتها، تتصدر القائمة بمؤشر قوة يبلغ 0.0744، حيث يقترب المؤشر من الصفر، كلما كانت الدولة أقوى عسكريًا، ما يؤكد تفوقها النوعي على كل منافسيها، حيث تمتلك واشنطن نحو 1.3 مليون جندي نشط و811 ألف احتياطي، كما تتمتع بشبكة انتشار عسكري غير مسبوقة، تشمل أكثر من 800 قاعدة حول العالم.

لكن ما يرسخ صدارتها ليس الكم فقط بل الإنفاق العسكري ففي عام 2025، بلغت ميزانية الدفاع الأمريكية قرابة 895 مليار دولار، وهي ميزانية تفوق مجموع ما تنفقه عشرات الدول مجتمعة، ما يتيح لها التوسع في مجالات البحث والتطوير، وصناعة أسلحة الجيل الخامس والطائرات المسيرة والأسلحة النووية الدقيقة.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رغم عدم زيادة الإنفاق عن العام السابق، ركز على النوع لا الكم موجهًا الأموال نحو تعزيز الذكاء الاصطناعي والدفاع السيبراني، والصواريخ بعيدة المدى، ومن هنا تتضح إستراتيجية واشنطن، فالتفوق لا يتحقق فقط بالعدد، بل بالقدرة على الحرب المستقبلية.

القوة العسكرية الصينية

 

التنين الصيني.. الطموح لا ينام

وتحتل الصين المركز الثاني بمؤشر 0.0788، وهي في طريقها لتقليص الفجوة مع الولايات المتحدة، حيث تشمل قواتها العسكرية مليوني جندي نشط و510 آلاف احتياطي، وميزانية دفاعية تبلغ 266 مليار دولار، لكن ما يميز النموذج الصيني هو تداخله بين العسكرة والتنمية الاقتصادية، فبكين لا تنظر إلى جيشها فقط كأداة دفاع، بل كمحرك إستراتيجي لتعزيز مبادرة الحزام والطريق، وبسط نفوذها في أسيا وإفريقيا، من خلال قواعد بحرية واتفاقيات تسليح ومشاريع بنى تحتية عسكرية.

وتستثمر الصين بكثافة في الصواريخ الفرط صوتية، وتطوير الأسطول البحري الأكبر في العالم من حيث العدد، وأنظمة المراقبة الفضائية، ما يجعلها لاعبًا لا يمكن تجاهله في مستقبل الصراعات.

اقرأ أيضًا:-

مصر في الصدارة، أقوى 10 دول إفريقية من حيث القوة العسكرية في عام 2025

روسيا.. القوة التقليدية في مواجهة الاستنزاف

ورغم العقوبات والضغوط الاقتصادية، لا تزال روسيا تحتفظ بمكانتها ضمن الثلاثة الكبار، بمؤشر مشابه للصين، وقوة بشرية تشمل 900 ألف جندي نشط ومليوني احتياطي، وميزانية دفاعية تجاوزت 126 مليار دولار.

ولايزال النموذج الروسي يعتمد على فلسفة القوة التقليدية، مثل الدبابات، والمدفعية، والصواريخ الباليستية، والأسلحة النووية، ومع استمرار التوتر مع الغرب، وخصوصًا حلف الناتو، توسعت موسكو في مناوراتها العسكرية، حاشدة قواتها على الحدود الأوروبية والأسيوية، في رسالة واضحة أن روسيا قد تكون تحت الضغط، لكنها لم تغب عن معادلة الردع.

الجيش المصري

 

من الجنوب العالمي.. مصر والسعودية في الصدارة عربيًا

عربيًا، تتصدر مصر المشهد العسكري بقوة بشرية تصل إلى 450 ألف جندي نشط، و480 ألف احتياطي، وميزانية دفاعية بنحو 11 مليار دولار، ويعكس هذا الاستثمار التوجه الإستراتيجي المصري نحو تنويع مصادر السلاح، وتحديث القوات الجوية والبحرية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي العسكري جزئيًا من خلال التصنيع المحلي.

والسعودية، رغم قلة عدد الجنود النشطين مقارنة بمصر والتي تصل لـ227 ألف، إلا أن إنفاقها الدفاعي البالغ 67 مليار دولار، يجعلها واحدة من أعلى الدول العربية إنفاقًا، ويأتي هذا الإنفاق في سياق إستراتيجية أوسع، تشمل تحديثًا شاملًا للأسلحة وتعزيزًا للقوة الصاروخية والدفاع الجوي، والاستثمار في التحالفات الإقليمية.

اقرأ أيضًا:-

الأموال وحدها لا تصنع الجيوش، أوروبا أمام اختبار البقاء العسكري

الاقتصاد العسكري.. الوجه الآخر للقوة

وراء كل جيش قوي اقتصاد قوي، فالقوة العسكرية في نهاية المطاف، هي انعكاس لحجم الناتج المحلي، ومرونة الموازنات العامة وقدرة الدولة على تخصيص الموارد بشكل مستدام، فالدول الكبرى تنفق بالمليارات لتأمين التفوق التكنولوجي، ليس فقط لضمان الردع، ولكن لتأمين مصالحها الاقتصادية العالمية، فالممرات البحرية، وسلاسل التوريد، وطرق الطاقة، كلها رهائن لقدرة الدولة على فرض الأمن بالقوة.

لكن هذا الاستثمار لا يخلو من التحديات، فميزانية الدفاع قد تصبح عبئًا إذا لم تدار بفعالية، أو إذا تحولت الدولة إلى اقتصاد عسكري دائم، كما هو الحال في بعض الدول ذات الأولوية القصوى للتسلح على حساب التنمية.

المعدات العسكرية

 

القوة ليست مجرد سلاح.. بل رؤية

ما يتضح من تقرير 2025، أن الجيوش لم تعد تقاس فقط بعدد الجنود أو الدبابات، بل بمدى قدرتها على التكيف مع التكنولوجيا الحديثة والردع السيبراني والانتشار الإستراتيجي، واليوم الجيوش القوية هي تلك التي تجمع بين:-

  • القوة البشرية المنضبطة.
  • الابتكار التكنولوجي المتسارع.
  • الجاهزية اللوجستية والانتشار العالمي.
  • الاستدامة المالية والتوازن الاقتصادي.

ولم تعد الدول تجهل أهمية التسلح العسكري، بل تسعى مؤخرًا لفرض ميزانيات مهولة، لاقتناء أدوات رادعة تجعلها صاحبة قرار سياسي واقتصادي، ولاعبٌ محوري في صراع القوى العالمية.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search