الإثنين، 01 سبتمبر 2025

05:55 م

من الإنتاج إلى الهدر، كيف يضيع نصف الغذاء العالمي قبل أن يصل إلى موائد البشر؟

الإثنين، 01 سبتمبر 2025 04:28 م

أزمة الغذاء العالمية - صورة تعبيرية

أزمة الغذاء العالمية - صورة تعبيرية

بينما تنتج الأرض ما يكفي لإطعام سكانها وأكثر، لا يزال الملايين حول العالم يعانون من الجوع وسوء التغذية، وأشارت مجموعة من التقارير الحديثة إلى أن الأزمة ليست في نقص الغذاء، بل في سوء توزيع واستهلاك الموارد الزراعية، حيث يذهب جزء كبير من الإنتاج إلى أعلاف المواشي أو الوقود الحيوي بدلًا من موائد البشر.

ويبرز السؤال المحوري اليوم، وهو كيف يمكن للقرارات الاستهلاكية والزراعية أن تحدد مستقبل الأمن الغذائي على الكوكب؟.

تزايد الجوع رغم الإنتاج الكافي

وكشف تقرير عالمي عن أن أكثر من 295 مليون شخص في 53 دولة يعانون من مستويات حادة من الجوع خلال 2024، بزيادة قدرها 13.7 مليون شخص مقارنة بعام 2023.

وأشار التقرير إلى أن حوالي 22.6% من السكان الذين تم تقييمهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهي السنة الخامسة على التوالي التي يتجاوز فيها هذا المؤشر 20%.

وبحسب تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2024، عانى بين 713 و757 مليون شخص من الجوع خلال 2023، أي واحد من كل 11 شخص عالميًا، وواحد من كل 5 في أفريقيا.

كما واجه 2.33 مليار شخص غياب الأمن الغذائي بدرجات متوسطة أو حادة، بينما يعاني 900 مليون شخص من غياب الأمن الغذائي الحاد.

إطعام 15 مليار شخص.. الإنتاج الزراعي يكفي للعالم بأسره

وأشارت دراسة حديثة،  نشرتها منصة EarthArXiv، إلى أن العالم يزرع ما يكفي لإطعام 15 مليار إنسان، أي نحو ضعف سكان الأرض، لكن نصف هذه السعرات فقط تصل إلى موائد البشر، بينما يذهب الباقي إلى أعلاف الحيوانات أو تحويله إلى وقود حيوي.

وبين 2010 و2020 ارتفع إجمالي السعرات الحرارية الناتجة من المحاصيل الزراعية بنسبة تقارب 24%، إلا أن السعرات التي تصل فعليًا إلى البشر لم تتجاوز 16% فقط.

لحوم الأبقار.. المتهم الرئيسي في هدر الغذاء

وأوضحت الدراسة، أن السبب الأكبر لهذه الفجوة هو إنتاج لحوم الأبقار، فكل سعر حراري واحد من لحم البقر يحتاج إلى 33 سعرًا من الأعلاف، بينما على النقيض، فإن إنتاج الدواجن، البيض، والألبان أكثر كفاءة بكثير.

إطعام 850 مليون شخص.. أثر التحول من لحوم الأبقاء إلى الدواجن

ويقدر الباحثون أن التحول الجزئي من لحوم الأبقار إلى الدواجن في الدول الغنية قد يوفر غذاءً يكفي 850 مليون شخص إضافي.

الوقود الحيوي وتأثيره على الأمن الغذائي

جانب آخر من الأزمة يتمثل في الوقود الحيوي، فقد ذهب أكثر من 5% من إنتاج الأراضي الزراعية عالميًا في عام 2020 إلى الإيثانول والديزل الحيوي، معظمها من الذرة وزيت النخيل.

على عكس الأعلاف، التي تعيد جزءًا من السعرات عبر اللحوم أو الألبان، فإن تحويل المحاصيل إلى وقود يعني فقدانها بالكامل من النظام الغذائي.

ما هو الوقود الحيوي؟

يعرف الوقود الحيوي بأنه مصدر من مصادر الطاقة المتجددة، يتم انتاجه عن طريق تحويل المواد الحيوية سواء كانت حيوانية أو نباتية إلى وقود سائل منها: الايثانول الكحولي أو الديزل الحيوي الذين يمكن استخدامهما كوقود لوسائل النقل المختلقة.

الدول المنتجة للوقود الحيوي

وهناك العديد من الدول التي بدأت في زراعة أنواع معينة من النباتات لاستخدامها في انتاج الوقود الحيوي، ومن أبرزها:

  • الولايات المتحدة: تزرع الذرة وفول الصويا.
  • أوروبا: تزرع اللفت.
  • البرازيل: تزرع قصب السكر.
  • جنوب شرق آسيا: تزرع زيت النخيل.

وأوضحت بعض الدراسات، أن برامج الوقود الحيوي يترتب عليها آثار سلبية، منها زيادة الأسعار، استهلاك الأراضي والمياه، التأثير على الغابات، وتقليل المراعي.

ارتفاعات تتراوح بين 12% و60% في أسعار الغذاء عالميًا

كما تأثرت أسعار الغذاء بالفعل في دول سجلت ارتفاعات تتراوح بين 12% و60% لبعض المنتجات الغذائية، مثل المكسيك شهدت زيادة بنسبة 60% في وجبة الذرة، الباكستان تضاعف بها سعر الدقيق.

كما شهدت الصين تضخم كبير في أسعار الغذاء، وفي الولايات المتحدة هناك زيادة بنسبة 12% في سعر خبز القمح، و29% زيادة في سعر الحليب، و36% زيادة في سعر الدجاج، وإيطاليا بلغت زيادة بنسبة 20% في سعر المكرونة.

تأثير التحضر على الأمن الغذائي

ووفقًا لتقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم عام 2024، أن بحلول عام 2050، من المتوقع أن يعيش 7 من كل 10 أشخاص في المدن، ما يفرض تحديات كبيرة على أنظمة الغذاء الزراعي، وتشمل هذه التحديات:

  1. زيادة توفر الوجبات السريعة غير الصحية.
  2. نقص المنتجات الطازجة.
  3. استبعاد صغار المزارعين.
  4. فقدان رأس المال الطبيعي نتيجة التوسع الحضري.
  5. كفاءة استهلاك الغذاء حول العالم

تختلف كفاءة وصول الغذاء من الإنتاج إلى موائد البشر بين الدول:

  • الولايات المتحدة: 23%
  • البرازيل: 29%
  • الهند: 80% بفضل اعتمادها على الحبوب والألبان الأكثر كفاءة غذائيًا.

وعلى مستوى عالمي، تنتج الأراضي الزراعية نحو 12 فردًا من الغذاء لكل هكتار، لكن بعد خسائر الأعلاف والوقود، يتراجع الرقم إلى 6 فقط.

تداعيات بيئية جسيمة

الأزمة لا تتعلق بالجوع وحده، بل ترتبط بالبيئة أيضًا، فالزراعة مسؤولة عن إزالة الغابات، استنزاف الموارد المائية، وإطلاق ربع الانبعاثات العالمية من الغازات الدفيئة.

وتتصدر لحوم الأبقار القائمة من حيث الهدر والانبعاثات الكربونية، بينما التحول الجزئي نحو الدواجن أو الألبان يمكن أن يقلل الانبعاثات ويزيد من الغذاء المتاح للبشر.

خيارات تحدد مستقبل الغذاء

وأوضحت الباحثة هانا ريتشي من جامعة أكسفورد، أن المشكلة ليست في القدرة على الإنتاج، بل في قرارات البشر وتوزيع الموارد، مؤكدة أن الخيارات اليوم، من اللحوم إلى الوقود، هي من  تحدد من يُطعم ومن يظل جائعًا.

البيانات وكشف البيانات أن ما يتم وضعه على الموائد اليوم في بيوتنا لا يحدد فقط صحتنا الشخصية، بل يحدد مستقبل كوكبنا واستدامة موارده.

ومن خلال هذه البيانات، يظهر أن العالم يملك القدرة على إنتاج الغذاء الكافي لإطعام سكانه وأكثر، لكن سوء توزيع الموارد وقرارات الاستهلاك الحالية، مثل الإفراط في إنتاج لحوم الأبقار وتحويل المحاصيل إلى وقود حيوي، يجعل ملايين الأشخاص يعانون من الجوع وسوء التغذية.

ومن الضروري تحسين كفاءة استخدام الغذاء وتشجيع التحول نحو مصادر بروتينية أكثر كفاءة مثل الدواجن والألبان، مع إعادة النظر في الأولويات الزراعية بين الغذاء والوقود.

كما يتطلب القضاء على سوء التغذية بحلول عام 2030 جهودًا مشتركة من الحكومات وصناع السياسات والمجتمع المدني لدعم صغار المزارعين، وضمان توفر المنتجات الطازجة، ومراعاة النمو الحضري، بما يضمن توزيعًا عادلًا وفعالًا للغذاء، مع الحفاظ على الاستدامة البيئية وصحة الكوكب.

اقرأ أيضًا:

هدر الطعام، نزيف اقتصادي لـ1.3 مليار طن مواد غذائية في صناديق القمامة (إحصائيات)

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة لتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search