طفرات استهلاكية تبيع ملايين ثم تختفي، كيف تغيّر الخوارزميات قواعد السوق؟
الأحد، 31 أغسطس 2025 11:38 م

سلوك المستهلك
في زمن لم تعد فيه الأسواق تحدد الطلب، بل تصنعه، تعيدنا طفرات مثل لابوبو Labubu وشوكولاتة دبي Dubai Chocolate إلى تساؤل جوهري، من يملك القوة الحقيقية في توجيه سلوك المستهلك؟، وهل ما زال المنتج الجيد يفرض نفسه؟ أم أن للخوارزميات الكلمة الفصل؟.

على منصات التواصل الاجتماعي، يسود منطق التحفيز اللحظي والانجذاب اللحظي، أصبحت الطفرات الاستهلاكية من دمى صغيرة إلى شوكولاتة محشوة أكثر انتشارًا من أي وقت مضى، لكنها أيضًا أقل قابلية للفهم أو التفسير.
لم يعد صعود هذه المنتجات نابعًا من حاجة حقيقية في السوق أو ابتكار صناعي، بل من لحظة رقمية محظوظة أو صدفة خوارزمية.
قوة التحفيز بدلًا من قوة القيمة
في الاقتصاد الكلاسيكي، يفترض أن القيمة تحددها الحاجة أو الندرة، لكن “لابوبو”، تلك الدمية القماشية تباع في صناديق مغلقة، وتتحدى هذا المنطق، ولا يعرف المستهلك ماذا سيحصل عليه، ومع ذلك يدفع قرابة 28 دولارًا للحصول على ما يشبه تذكرة يانصيب استهلاكية، والسبب، يكمن في لحظة عابرة على إنستجرام، ظهرت فيها ليزا من بلاك بينك تمسك بالدمية، لتحولها من منتج متواضع إلى أيقونة مرغوبة.
وهنا يظهر التحفيز كأداة بديلة للقيمة، عن طريق التحفيز البصري، والعاطفي، واللحظي، وخاصة لو أنه شيء لطيف، أو غريب، أو جميل كفيل ليوقف إصبعك عن التمرير، وهذا وحده كافي لتحقيق الانتشار.

وكلاء تسويق فائقين
أصبحت الخوارزميات اليوم بمثابة وكلاء تسويق فائقين، لا يمكن التنبؤ بخياراتهم، لكنها تؤثر في قرارات مليارات المستهلكين، فالمنتج لا يحتاج إلى خطة تسويق تقليدية، بل إلى لحظة بصرية تشويقية تلتقطها الخوارزمية وتعيد بثها في دوائر شبه عشوائية من المستخدمين، وهو ما حدث مع شوكولاتة دبي، التي انطلقت من متجر محلي إلى أسواق عالمية بسبب مقطع فيديو عشوائي لفتاة تتناول الشوكولاتة بطريقة لافتة.
وخلال أشهر، أصبحت شوكولاتة دبي مصطلحًا عامًا، حتى بعد أن تراجع دور مبتكرتها، وتناسلت منتجات لا علاقة لها بها، لكنها استمرت بالاسم نفسه.
اقرأ أيضًا:
الشراء بنقرة واحدة.. كيف غيّر الإنترنت عادات المصريين؟
منصات بلا ذاكرة.. ولكن بأسواق ضخمة
التسويق التقليدي يعتمد على رواية، على قصة تربط المستهلك بالمنتج، لكن في ثقافة الدوبامين، لا يوجد زمن كافي لسرد قصة، وما يهم هو الصدمة الأولى، الدهشة، الفضول اللحظي، وكلها مشاعر قصيرة العمر لكنها كافية لتوليد طفرة مؤقتة، تبيع، وتربح، ثم تندثر أو تستبدل.
لكن الربح ليس مؤقتًا دائمًا، فقد استطاعت شركة "بوب مارت" مثلًا، أن تضاعف مبيعاتها ثلاث مرات في نصف عام، وتحقق أرباحًا بنسبة 350%، وهذا يظهر أن الرهان على الخوارزميات، رغم عشوائيته الظاهرة، يمكن أن يتحول إلى استراتيجية اقتصادية رابحة عند فهم منطقها.

دبي علامة.. لا مكان
في مفارقة لافتة، يظهر اسم دبي كرمز مثالي في هذه المعادلة، فهي كما يوصف مدينة لا ترتبط بحدود ثقافية معينة، بل تصمم كأنها علامة تجارية شاملة.
وبالتالي، من الطبيعي أن يظهر منتج اسمه شوكولاتة دبي دون أن يهم فعليًا منشأه أو أصله، بل يكفي الاسم، ويكفي أن يبدو المنتج جذابًا بصريًا، ليكتسب مصداقية عالمية، وهذا ينسجم مع ثقافة استهلاك جديدة تغلف نفسها بمظهر اللا هوية، ما يسهل على أي منتج أن يكون عالميًا بمجرد أن يحقق لحظة خوارزمية ناجحة.
اقرأ أيضًا:
خرائط التأثير، كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل أدوات التسويق الإلكتروني؟
الواقع التوافقي في زمن العزلة الرقمية
رغم كل العبث الظاهري، فالمفارقة أن هذه المنتجات الطارئة، رغم أنها وليدة واقع رقمي، تدفع الناس إلى الخروج من منازلهم، وإلى المتاجر، وإلى اللقاءات، وإلى الواقع الملموس، فـإن لابوبو وشوكولاتة دبي ليستا مجرد سلع، بل أعذار للحياة، أو كما يوصف، شكل من أشكال الواقع التوافقي في زمن العزلة الرقمية، وهذا ما يجعلها ظاهرة اقتصادية اجتماعية متكاملة، أكثر من كونها موجة استهلاكية عابرة.

ما بين العرض والطلب.. هناك الخوارزمية
لم تعد الأسواق تتحدث بلغة العرض والطلب فقط، بل بلغة التحفيز والتكرار، وكل ما يتطلبه الأمر الآن هو منتج غريب، ولحظة تصوير ذكية، وخوارزمية نشطة، والباقي يمكن أن يكون صعودًا بملايين الدولارات.
إنها ليست طفرة فحسب، بل إشارة عميقة إلى كيفية تشكل القيم الاقتصادية والاجتماعية في زمن الإنترنت الاجتماعي، حيث أصبح استهلاكنا للسلع مرتبطًا بمقدار الوقت الذي نقضيه في التحديق إليها، لا في التفكير فيها.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الصين في مأزق مزدوج، تراجع الصناعة وعودة تهديدات ترامب
31 أغسطس 2025 03:51 م
مركز المعلومات: الصناعات منخفضة الكربون ليست عبئًا بل فرصة للنمو وخلق وظائف خضراء
31 أغسطس 2025 11:52 ص
100 مليون لمصر، مبيعات الحليب العالمية تسجل 34.1 مليار دولار في 2024
31 أغسطس 2025 11:17 ص
أكثر الكلمات انتشاراً