الأحد، 24 أغسطس 2025

12:39 ص

من نفايات نووية إلى طاقة.. هل ينجح وقود موكس MOX في إنقاذ العالم؟

السبت، 23 أغسطس 2025 04:17 م

الوقود النووي

الوقود النووي

في ستينيات القرن الماضي، طرحت فرنسا سؤالًا مهمًا: هل يمكن أن يكون الوقود النووي المستعمل موردًا جديدًا بدلًا من أن يكون نفاية خطرة؟ كانت الإجابة هي الموكس MOX، الذي يتكون من خليط أكاسيد البلوتونيوم واليورانيوم المستنفد. 

الوقود النووي

هذا الوقود، الذي جرى اختباره لأول مرة في ألمانيا عام 1972، بات اليوم أحد أعمدة استراتيجيات الطاقة النظيفة وإعادة التدوير في العالم، حيث يوفر حلاً اقتصاديًا وبيئيًا في آن واحد، وسط جدل دائم حول تكلفته ومخاطره.

اقتصاد الموكس.. جدوى طويلة الأجل

إنتاج الموكس أغلى من تصنيع الوقود النووي التقليدي، لكن معادلة التكلفة الكلية للكهرباء تكشف فارقًا مهمًا، فالوقود يمثل نسبة محدودة من سعر الكهرباء، في حين تبقى الفوائد الاستراتيجية ضخمة. 

من كل ثماني مجموعات وقود مستخدمة يمكن إعادة تدوير واحدة إلى موكس، وأخرى إلى وقود يورانيوم معاد تدويره، ما يقلل الاعتماد على مناجم اليورانيوم. 

أما البلوتونيوم، فيتحول من عبء استراتيجي إلى طاقة، توازي جراماته الواحدة طناً كاملاً من النفط، هكذا يعيد الموكس تعريف القيمة الاقتصادية لمخلفات الصناعة النووية.

البعد البيئي.. طاقة نظيفة وخفض للنفايات

يلعب الموكس دورًا أساسيًا في تعزيز ملف الطاقة منخفضة الكربون، بينما يواجه العالم ضغوطًا متزايدة للحد من الانبعاثات، يتيح الموكس إعادة تدوير البلوتونيوم بدلًا من تراكمه كمخزون خطير للأجيال القادمة. 

كما يقلل حجم النفايات النهائية بخمسة أضعاف مقارنة بالوقود التقليدي، في وقت تنتج فيه الكهرباء من دون أي انبعاثات كربونية تقريبًا. 

مقارنة بسيطة توضح الصورة، 630 جرامًا من اليورانيوم تعادل 70 طنًا من الفحم، و 140 طنًا من الحطب أو خشب الوقود في إنتاج الكهرباء، لكن بلا الأطنان من الهباب والملوثات الناتجة عن احتراق الفحم.

اقرأ أيضًا:

ثروة مصر من الثوريوم.. وقود نووي نادر يزيح اليورانيوم عن مستقبل الطاقة

النفايات النووية

قوة جيوسياسية.. فرنسا، اليابان، الصين والولايات المتحدة

بعيدًا عن الاقتصاد والبيئة، يحمل الموكس أبعادًا جيوسياسية لا تقل أهمية، تمسك فرنسا زمام الأمور، عبر شركة أورانو ومصنع ميلوكس الذي افتتح عام 1995، وتبرز كرائدة في العملية الإنتاجية العالمية، وينتج ما يكفي من وقود الموكس سنويًا لتزويد 25 إلى 30 مفاعلًا كمكمل لوقود اليورانيوم المخصب. 

اليابان، ورغم صدمة فوكوشيما، تواصل تشغيل مفاعلاتها بوقود موكس لتعويض اعتمادها على الواردات الطاقوية، أما الصين، ومع أكثر من أربعين مفاعلًا قيد الإنشاء، فتعمل مع فرنسا على مشروع ضخم لإنتاج الموكس بحلول 2030، بما يؤكد مكانة هذا الوقود كجزء من مستقبلها النووي. 

وحتى الولايات المتحدة وجدت فيه أداة لتحويل 34 طنًا من البلوتونيوم العسكري إلى وقود مدني، في إطار اتفاقيات نزع السلاح النووي.

بين الجدوى والكلفة.. جدل لا ينتهي

لطالما كان الجدل حول الموكس محصورًا بين كلفته العالية ومخاطر التعامل مع البلوتونيوم، غير أن التجربة الفرنسية تقدم صورة مغايرة، فالكهرباء المنتجة عبر EDF، أكبر مستخدم للموكس في أوروبا، تعد الأرخص على مستوى القارة.

أما المخاطر، فقد جرى التحكم فيها بتصميمات صارمة وبخبرة تشغيلية تتجاوز 25 عامًا بلا حوادث كبرى، في المحصلة، يتحول النقاش إلى ما إذا كان الموكس عبئًا ماليًا، أم استثمارًا استراتيجيًا لا مفر منه.

مستقبل الموكس.. من الجيل الثالث إلى الجيل الرابع

اليوم، يتم تشغيل مفاعلات الجيل الثالث بوقود الموكس، سواء كانت من نوع EPR الفرنسية أو VVER الروسية، أما الغد، فيحمل وعودًا أكبر مع مفاعلات الجيل الرابع القائمة على النيوترونات السريعة، القادرة على إعادة تدوير الوقود مرات متكررة تقريبًا بلا نهاية. 

وعندها قد يصبح الموكس أقرب إلى ذهب الطاقة النووية، حيث يوفر استدامة شبه مطلقة للموارد، ويغلق دورة الوقود النووي بشكل كامل.

اقرأ أيضًا:

يكفيها لستين ألف عام، الصين تكتشف احتياطيًا هائلًا من «الثوريوم»

وقود نووي

الموكس خيار الحاضر والمستقبل

الموكس ليس مجرد تقنية لإنتاج الطاقة، بل هو فلسفة اقتصادية واستراتيجية متكاملة، فهو يحافظ على الموارد، ويحد من النفايات، ويعزز أمن الطاقة، وفي الوقت ذاته يمثل أداة للتعامل مع البلوتونيوم العسكري والمدني على حد سواء. 

ورغم أن تكلفته الحالية تبدو مرتفعة، فإن الفوائد الممتدة عبر عقود تجعله خيارًا حتميًا للدول التي تراهن على الطاقة النووية كجزء من مستقبلها، إنه استثمار في الأمان الطاقوي والبيئي، وربما ورقة رابحة في سباق الدول نحو استقلالية الطاقة.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search