السبت، 23 أغسطس 2025

05:58 م

ثروة مصر من الثوريوم.. وقود نووي نادر يزيح اليورانيوم عن مستقبل الطاقة

السبت، 23 أغسطس 2025 10:17 ص

الثوريوم

الثوريوم

في سباق عالمي محتدم على مصادر الطاقة النظيفة، تلوح الرمال السوداء المصرية كورقة رابحة في يد الدولة، ويفرض الثوريوم نفسه كلاعب جديد في معادلة الجغرافيا السياسية، بقدرته على إزاحة اليورانيوم عن عرش الوقود النووي التقليدي.

الثوريوم كوقود نووي

ومن هنا يجب السؤال، هل تكون مصر على موعد مع طفرة قوية واقتصادية أم أن كنزها النادر سيبقى معلقًا بين الحلم والواقع؟

الثوريوم.. معدن نادر بإمكانات هائلة

لا يختلف اثنان من الخبراء على أن الثوريوم يمتلك خصائص تؤهله ليكون وقود المستقبل، فهو أكثر وفرة من اليورانيوم بثلاثة أضعاف، ولا يحتاج إلى التخصيب، ما يجعله أكثر أمانًا وأقل خطرًا من حيث الانتشار النووي. 

يستخرج عادة من معدن المونازيت، أحد العناصر الأساسية في الرمال السوداء المصرية المنتشرة على السواحل الشمالية من رشيد إلى العريش، والتي تعد من أغنى رواسب العالم بالمعادن النادرة. 

مصر، وبحسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تملك احتياطيًا يقدر بـ380 ألف طن من الثوريوم، ما يضعها في المرتبة السادسة عالميًا، متقدمةً على قوى كبرى مثل روسيا وكندا. 

هذه المعطيات تجعل من الثوريوم أحد مفاتيح القوة الاقتصادية والاستراتيجية للدولة المصرية، إذا ما أُحسن استثماره.

الرمال السوداء

الرمال السوداء.. من مستنقعات مهملة إلى مشاريع واعدة

التحول من التهميش إلى التصنيع بدأ فعليًا في 2016، مع تأسيس الشركة المصرية للرمال السوداء، والتي أطلقت مشاريع طموحة بالتعاون مع الهيئة العامة للمواد النووية وجهاز الخدمة الوطنية.

تم إنشاء مصانع لفصل المعادن على مساحات شاسعة، أبرزها في منطقة البرلس بمحافظة كفر الشيخ، حيث تستخدم تكنولوجيا متطورة أسترالية وصينية وهولندية لاستخراج ما يصل إلى 2500 طن من الرمال في الساعة.

الرؤية هنا لم تقتصر على بيع الخام، بل تمتد إلى بناء صناعات تكميلية ترتكز على معادن مثل الزركون، الإلمنيت، الروتيل، وحتى المونازيت الذي يحمل في طياته الثوريوم. 

الصناعات المقترحة تشمل مكونات الطيران، والإلكترونيات، والسيارات، والسيراميك، وحتى تطبيقات تكنولوجيا النانو، بما يسهم في تقليص فجوة الاستيراد، وتعظيم القيمة المضافة.

اقرأ أيضًا:

تصميم وقود ANEEL يجمع بين الثوريوم واليورانيوم يخفض التخصيب

الثوريوم بين التجريب والتجارية

رغم الآمال المعلقة على هذا المعدن الفضي، فإن الواقع التقني لا يزال متحفظًا، فحتى الآن، لم تدخل مفاعلات الثوريوم عالم الإنتاج التجاري الموسع، وما زالت في طور التجريب، كما هو الحال في الهند والصين. 

وتعد تكلفة إنشاء وتشغيل مفاعلات الثوريوم باهظة الثمن، وتتطلب بحوثًا متقدمة وتحويلاً كيميائيًا دقيقًا لإنتاج النظير النشط "ثوريوم-233".

بالرغم من أن الاحتياطي المصري كافي لتشغيل المفاعلات المستقبلية بكفاءة أعلى من اليورانيوم، لكنه يظل غير مستغل بالكامل في ظل التكاليف المرتفعة والمعوقات التكنولوجية.

الثوريوم  واليورانيوم 

تصدير أم تصنيع محلي؟ معضلة القرار الاستراتيجي

أمام هذا الواقع، يبرز سؤال محوري، هل على مصر تصدير خام الثوريوم حاليًا للاستفادة من الطلب العالمي المرتفع، أم التريث إلى حين استكمال بنيتها التحتية النووية، بهدف تصنيع الوقود محليًا وتحقيق استقلال طاقوي؟

ولكن هناك حل وسطي، يكمن في المضي بالتوازي في التصدير والبحث العلمي، لتمويل تطوير تقنيات محلية مستدامة، دون تفويت فرصة الاستفادة من السوق العالمي.

وتقدر مساهمة مشاريع الرمال السوداء حاليًا بنحو 100 إلى 200 مليون دولار سنويًا، رقم قابل للتضاعف مع تطور الصناعات المرتبطة بها، وهو ما دفع جامعات ومراكز أبحاث مثل جامعة كفر الشيخ لتبني مشاريع في تكنولوجيا النانو، تفتح أبوابًا جديدة لتوظيف هذه الموارد في تطبيقات متقدمة.

 

اقرأ أيضًا:

يكفيها لستين ألف عام، الصين تكتشف احتياطيًا هائلًا من «الثوريوم»

البعد الجيوسياسي.. من يملك الثوريوم يملك مفاتيح المستقبل

في خضم هذا الزخم الاقتصادي، لا يمكن تجاهل البعد الجيوسياسي للصراع على المعادن النادرة، الصين أعلنت مؤخرًا اكتشاف أكبر منجم للثوريوم في العالم باحتياطي يتجاوز مليون طن، في خطوة قد تغير خريطة الطاقة النووية لعقود. 

بالمقابل، تسعى واشنطن إلى تعزيز نفوذها في هذا المجال عبر شركات خاصة وصفقات دولية، كما ظهر جليًا في محاولتها السابقة لضم جزيرة جرينلاند.

لا يعد الثوريوم المصري موردًا اقتصاديًا فحسب، بل أيضًا ورقة جيوسياسية قد تعزز موقع القاهرة كلاعب محوري في مستقبل الطاقة النظيفة، إذا أحسنت إدارة هذا الملف المعقد.

الثوريوم 

فرصة تاريخية تتطلب حكمة إستراتيجية

الطريق أمام مصر لا يخلو من التحديات، من نقص التمويل، إلى الحاجة لتكنولوجيا عالية، وصولاً إلى الاعتبارات البيئية والدبلوماسية، ولكن الأكيد أن ثروة الثوريوم تمثل فرصة حقيقية لإعادة رسم دور مصر في معادلات الطاقة والاقتصاد الدولي.

إن امتلاك الموارد لا يكفي، فالمعادلة الحاسمة تكمن في وجود رؤية وطنية متكاملة، تشريعات محفزة، استثمارات نوعية، وبيئة بحثية متقدمة. 

عندها فقط، قد تتحول الرمال السوداء من مجرد رواسب ساحلية إلى ركيزة لنهوض صناعي وطاقة مستقلة، تعيد لمصر دورها التاريخي كلاعب إقليمي وطاقوي محوري.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search