الأربعاء، 20 أغسطس 2025

12:55 ص

سكوت بيسنت في قلب العاصفة.. كيف يواجه وزير الخزانة الأمريكية مخاطر حقبة ترامب الاقتصادية؟

الثلاثاء، 19 أغسطس 2025 10:43 م

سكوت بيسنت

سكوت بيسنت

مع تصاعد التوترات التجارية عالميًا، وتفاقم آثار التضخم محليًا، يقف وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت في قلب عاصفة اقتصادية وسياسية، مجاهدًا للسيطرة على تداعياتها دون أن ينزلق إلى فخ الاضطراب الكامل. 

سكوت بيسنت

وبينما تحاول إدارة ترامب إعادة تشكيل النظام التجاري العالمي وفرض رؤيتها الصناعية، يبذل بيسنت جهودًا مضنية لطمأنة الأسواق، وكسب الوقت، والبحث عن توازن دقيق بين الشعارات الشعبوية ومتطلبات الاستقرار المالي.

تكلفة الرسوم تبدأ بالظهور

الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب تحت مسمى يوم التحرير لم تكن مجرد أداة تفاوض، بل سياسة اقتصادية شاملة بدأت نتائجها في الظهور على الأرض. 

جيم فارلي، الرئيس التنفيذي لشركة فورد، أعلن أن هذه الرسوم ستكلف شركته وحدها ملياري دولار خلال 2025، بينما بدأت شركات كبرى مثل نايكي، وبروكتر آند جامبل، وستانلي بلاك آند ديكر بتمرير جزء من تلك التكاليف للمستهلك عبر رفع الأسعار.

هذه التطورات تضغط على المستهلك الأمريكي، الذي ما زال يعاني من آثار تضخم طويل الأمد، كما انخفضت نسبة تأييد الأمريكيين لطريقة إدارة ترامب للاقتصاد إلى 37% فقط، بعد أن كانت 42% في فبراير، ما يشير إلى تصدع الدعم الشعبي للنهج الاقتصادي الذي تتبناه الإدارة.

اقرأ أيضًا:

وزير الخزانة الأمريكي: لن نلزم الشركات بشراء الشرائح من “Intel”

بيسنت.. مفاوض غير تقليدي في حكومة غير تقليدية

في سياقات الإدارة الأمريكية السابقة، كانت مهمة التفاوض التجاري من اختصاص مكتب الممثل التجاري، لكن مع ترامب، تغيرت المعايير. 

لعب بيسنت دورًا مركزيًا في المفاوضات مع عدد من الدول الآسيوية، منها اليابان، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية، وحتى الصين.

لم يكن ذلك محض مصادفة، يمتلك بيسنت خبرة عميقة في الشأن الآسيوي، ويقول إنه زار اليابان أكثر من 50 مرة، هذه الخبرة جعلته الطرف المفضل لترامب في التفاوض حول اتفاقيات غالبًا ما تحمل طابعًا استعراضيًا، كما في حالة اليابان، التي وافقت على رسوم موحدة بنسبة 15% إلى جانب إنشاء صندوق استثماري بمليارات الدولارات داخل الولايات المتحدة.

سكوت بيسنت

المعادلة الصينية المعقدة.. خصم وشريك

رغم أن بيسنت نجح في إبرام صفقات مع دول عديدة، فإن الصين تبقى المعركة الأكثر تعقيدًا، وصاحب يوم التحرير سلسلة من الإجراءات الانتقامية من بكين، شملت رفع الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية، ما أشعل شرارة حرب تجارية جديدة.

لكن بيسنت، إلى جانب الممثل التجاري جيمسون جرير، تمكنا من تحقيق هدنة مؤقتة خلال لقاء جمعهم بمسؤولين صينيين في جنيف. 

تم تخفيض الرسوم الأميركية على السلع الصينية من 145% إلى 30%، وردت بكين بخفض رسومها إلى 10%، ولكن سرعان ما عاد التوتر عندما رفضت الصين تخفيف قيود تصدير المعادن الأرضية النادرة، وهو ما قابلته واشنطن باستمرار الحظر على صادرات الرقائق الإلكترونية.

اقرأ أيضًا:

وزير الخزانة الأمريكي: أغنى العائلات الهندية تستفيد من صفقات النفط الروسية

الدولار.. سلاح استراتيجي

يدرك بيسنت أن الولايات المتحدة تحتفظ بأقوى ورقة تمتلكها، ألا وهو هيمنة الدولار، وفي مقابلات عدة، شدد على أن ترسيخ تفوق الدولار هو المهمة الأولى لوزارة الخزانة، موضحًا كيف تمنح هذه الهيمنة واشنطن قدرة خارقة على فرض العقوبات والتأثير في الاقتصادات المنافسة.

وعندما ترتكب دولة ما سلوكًا سيئًا، من الممكن ببساطة أن يتم إغلاق عليها الأبواب عبر النظام المالي، وهذا المنطق هو ما يقود كثيرًا من سياسات بيسنت الدولية، من فرض العقوبات إلى إدارة التمويل الأجنبي.

بيسنت في مواجهة إيلون ماسك

مواجهة إيلون ماسك.. وصدام السلطة والمال

ليست كل معارك بيسنت اقتصادية، في كواليس السلطة، اصطدم وزير الخزانة بالملياردير إيلون ماسك في خلاف مرير حول تعيين رئيس مصلحة الضرائب. 

القصة بدأت بود وانتهت بمواجهة شرسة، قيل إنها وصلت إلى صياح وشتائم ومواجهة جسدية، وظهرت كدمة واضحة على وجه ماسك لاحقًا، وهو ما لم ينفه بيسنت، واكتفى بالقول ساخرًا: "يمكنني تأكيد أنني لم أكن السبب بنسبة 100%".

الخلاف الأعمق كان حول النفوذ داخل الوزارة، قام بيسنت بمنح موظفي إدارة ماسك سلطة الدخول إلى بعض أنظمة الخزانة الحساسة، ما دفع الديمقراطيين لاتهامه بسوء إدارة خطير، إلا أن المحكمة برأته لاحقًا، وأكد بيسنت أنه تعامل وفق صلاحياته المؤسسية.

اقرأ أيضًا:

وزير الخزانة الأمريكي يصف تصنيفات موديز بـ"المؤشر المتأخر"

الاحتياطي الفيدرالي بين المطرقة وسندان ترامب

من التحديات الأخرى التي واجهها بيسنت، هى العلاقة الشائكة مع بنك الاحتياطي الفيدرالي، وكان ترامب ينتقد رئيسه جيروم باول علنًا، ويضغط لتعيين بديل أكثر توافقًا مع سياساته، وخلال الحملة، طرح بيسنت فكرة تعيين رئيس ظل لمجلس الاحتياطي يدفع البنك لتبني أجندة الرئيس دون شغل المنصب رسميًا، لكنه عاد وتراجع عن الفكرة.

في المقابل، يصف بيسنت استقلال الفيدرالي بأنه "صندوق مجوهرات"، معترفًا بقدسية دوره، لكنه يلوم البنك على الانسلال عن مهمته، وتحوله إلى هيئة تنظيمية مفرطة، انشغلت بعمليات السوق المفتوحة على حساب دورها الأصلي.

بيسنت 

اقرأ أيضًا:

وزير الخزانة الأمريكي: الهند كانت "متمردة" في محادثات الاتفاقيات التجارية

بين النظرية والتجربة

يراهن بيسنت على مزيج من الرسوم الجمركية، وعودة الصناعة المحلية، وتقليص الاعتماد على العمالة الأجنبية الرخيصة، لخلق اقتصاد أمريكي جديد قائم على الإنتاج وارتفاع الأجور، وهو ما سيزيد إيرادات الضرائب ويقلص العجز والدين. 

فقط في يونيو 2025، جمعت الخزانة 26.6 مليار دولار من الرسوم الجمركية، أي أربعة أضعاف ما جمع في يونيو 2024.

لكن الاقتصاديين يشككون في هذه الرؤية، ويرون أن هذه السياسات تحمل معها مخاطر تباطؤ الاستثمار، وانخفاض التوظيف، وارتفاع الأسعار، أي وصفة جاهزة لركود تضخمي.

ترامب وبيسنت

إرث بيسنت.. بين الواقعية والطموح

في نهاية المطاف، ينظر بيسنت إلى موقعه من زاوية أوسع من مجرد إدارة الضرائب أو إصدار السندات، وهو يريد أن يترك له أثر، مثل ألكسندر هاملتون، أو هنري مورغنثاو. 

وضع قائمة بأهدافه منذ اليوم الأول، وعلى رأسها ترسيخ هيمنة الدولار، وإصلاح النظام الرقابي على البنوك، وإعادة التوازن بين وول ستريت والعمال الأمريكيين.

ومع ابتسامة خفيفة قال ذات مرة: “ربما سأشتري جرينلاند”، العبارة جاءت كدعابة، لكنها تعكس تفكير رجل يريد أن يسيطر على مستوى الجغرافيا والهيمنة العالمية، لا مجرد الاقتصاد المحلي.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search