الأحد، 17 أغسطس 2025

06:13 ص

أربع سنوات من النزيف.. الحرب الروسية الأوكرانية تحت المجهر الاقتصادي

السبت، 16 أغسطس 2025 04:46 م

الحرب الروسية الأوكرانية

الحرب الروسية الأوكرانية

مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الرابع، لم تعد كلفة الصراع تقاس فقط بالخسائر العسكرية أو التوسع الجغرافي، بل باتت الأرقام الاقتصادية أكثر تعبيرًا عن عمق الأزمة، وتداعياتها طويلة المدى على البلدين وعلى النظام المالي العالمي بأسره. 

الإنفاق العسكري في الحرب

فالاقتصاد أصبح الساحة الخلفية للحرب، حيث النزيف لا يقل ضراوة عن ميادين القتال، ومن لا يملك قوت يومه، لا يملك قراره.

روسيا بين الإنفاق العسكري وتقلص العائدات

أظهرت موسكو قدرة مالية على الاستمرار في تمويل الحرب، لكن بثمن باهظ، فقد أنفقت روسيا، حتى نهاية 2024، ما يزيد عن 211 مليار دولار على العمليات العسكرية. 

ووفق تقديرات Atlantic Council، فإن إنفاقها العسكري في 2025 قد يبلغ 170 مليار دولار، وهو ما يمثل 8% من الناتج المحلي الإجمالي.

الأرقام تعكس تحولًا في بنية الإنفاق الروسي، حيث خُصصت 41% من الموازنة الفيدرالية لعام 2024 للقطاعات العسكرية والأمنية، ما يظهر أولوية مطلقة للحرب على حساب قطاعات مدنية حيوية.

لكن هذا الإنفاق لم يكن معزولًا عن أزمة في الإيرادات، فأسعار النفط، التي بدأت الحرب عند عتبة 100 دولار للبرميل، تراجعت إلى نحو 60 دولارًا، بفعل تباطؤ الاقتصاد العالمي وزيادة الإنتاج من منافسين كبار. 

وبما أن النفط والغاز شكلا 30% من إيرادات الدولة في 2024، فإن التراجع في الأسعار مثل ضربة مزدوجة لموسكو، خاصة مع العقوبات الغربية التي قيدت وصولها للأسواق والتكنولوجيا.

الإنفاق العسكري الأوكراني

أوكرانيا.. اقتصاد على أجهزة الإنعاش الدولية

في الجهة المقابلة، تبدو أوكرانيا أشبه باقتصاد يعتمد كليًا على المساعدات الخارجية، فقد تسببت الحرب منذ انطلاقتها في 2022 بخسارة نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي، وتدمير 64% من قدرات توليد الكهرباء في البلاد، بحسب بيانات رسمية حتى مارس 2025.

ورغم تعافٍ نسبي في 2023 بنسبة 5.5%، و3% في 2024، إلا أن هذه الأرقام تظل متواضعة بالنظر إلى حجم الانهيار الذي سبقها. 

اللافت أن الإنفاق العسكري الأوكراني بات يمثل 50% من الناتج المحلي الإجمالي، و30% من موازنة الدولة، وهو ما جعل من التنمية الاقتصادية حلمًا مؤجلًا.

ويحتاج الاقتصاد الأوكراني، بحسب وزارة المالية، إلى 42 مليار دولار سنويًا كتمويل خارجي فقط لسد عجز الموازنة، وهو ما يعادل أكثر من 20% من الناتج المحلي.

اقرأ أيضًا:

الرئيس الأوكراني: لا توجد أي علامات على توقف الحرب الروسية

المجتمع الدولي.. حبل النجاة لأوكرانيا

بدون المساعدات الدولية، لكانت كييف على شفير الانهيار المالي. فقد تلقت خلال السنوات الثلاث الأولى من الحرب 267 مليار يورو كمساعدات من المجتمع الدولي، نصفها على شكل دعم عسكري و118 مليار يورو دعم مالي مباشر.

لكن هذا الاعتماد العميق على التمويل الأجنبي يعزز هشاشة الاقتصاد الأوكراني، ويجعل قراراته الاستراتيجية مرتبطة، إلى حد بعيد، بإرادة المانحين الكبار، وعلى رأسهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. 

وهو ما قد ينعكس على شكل التسوية النهائية، إن تم التوصل إليها، خصوصًا في قضايا الأرض والسيادة والمستقبل الأمني.

قمة ألاسكا

قمة ألاسكا.. مفترق طرق أم محطة مؤقتة؟

تزامنًا مع هذه الأرقام، جاءت قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين، التي اعتبرت أكثر من مجرد لقاء دبلوماسي، فقد اعتبرها محللون محاولة لإعادة صياغة التوازنات الدولية، سواء من خلال إنهاء الحرب أو على الأقل إدارتها بمفهوم سلام التجميد الذي يرضي الأطراف الكُبرى، ولو على حساب كييف.

إن القمة تمثل اختبارًا لمستقبل العلاقات الأمريكية الروسية، وقد تفتح الباب أمام إعادة تطبيع تدريجية، إذا تحققت ثلاثة شروط تضعها موسكو في مقدمة أولوياتها:

  • الاعتراف بالمناطق الخاضعة لسيطرة روسيا (بما فيها القرم)
  • رفع العقوبات والإفراج عن الأصول المجمدة،
  • التعهد بعدم ضم أوكرانيا إلى الناتو.

 

اقرأ أيضًا:

الاقتصاد يسبق الحرب، هل تتحول قمة ألاسكا إلى صفقة قرن في سوق الغاز؟

الاقتصاد يحكم المصير.. لا السلاح وحده

الحرب التي بدأت سياسية عسكرية في أساسها، تحولت اليوم إلى صراع اقتصادي بامتياز، حيث الأرقام تلعب دورًا أكبر من الجيوش. 

وتسعى موسكو لتفادي الانهيار تحت العقوبات، وأوكرانيا تناضل للبقاء على قيد الحياة من خلال المساعدات، بينما يدير الغرب موازنته بين الرغبة في دعم كييف، والخوف من استنزاف طويل الأمد.

إن استمرار الحرب يعني موازنات دفاعية متضخمة، وبنى تحتية مدمرة، وبيئة استثمارية محفوفة بالمخاطر، أما السلام، أيًا كان مسماه، فيعني إعادة ترتيب اقتصادات بكاملها، على أنقاض الصراع، وتحت رقابة سياسية مشددة من القوى الدولية.

موسكو وكييف

من يدفع ثمن الحرب؟

بين موسكو وكييف، تبدو الحرب الاقتصادية بلا رابح حتى الآن، فروسيا ترهق ميزانيتها بينما تحاول الحفاظ على مكاسبها الميدانية، وأوكرانيا تواجه مستقبلًا غامضًا قائمًا على الدين والمساعدات، أما الغرب، فيدفع فاتورة مالية هائلة دون نهاية واضحة.

وفي ظل هذا الواقع، يبقى السؤال الأهم، هل يمكن أن يتحقق سلام اقتصادي؟ 

أي تسوية لا تبنى فقط على الخرائط السياسية، بل على حسابات الربح والخسارة التي تحدد مصير الشعوب، واستقرار الأسواق، وحتى موازين القوى العالمية لعقود مقبلة.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search