نحو التأمين الصحي الذاتي، الشركات الصغيرة تقود ثورة جديدة بسوق الرعاية الأمريكية

الجمعة، 15 أغسطس 2025 02:58 م

التأمين الصحي

في مشهد يتغير بهدوء لكنه بثبات، بدأت أعداد متزايدة من أصحاب العمل في الولايات المتحدة، لا سيما الشركات الصغيرة، بالتخلي عن النماذج التقليدية للتأمين الصحي الجماعي، مقابل مقاربة أكثر مرونة وتحكمًا في التكاليف، عن طريق تقديم مبالغ مالية غير خاضعة للضريبة للموظفين ليشتروا بها تأمينهم الصحي بأنفسهم.

هذه التحولات تستند إلى ما يعرف بترتيبات تعويض تغطية التأمين الفردية ICHRAs، وهي صيغة قانونية أُقرت في عام 2019 خلال إدارة ترامب، وتمنح أصحاب العمل وسيلة لتقديم دعم مالي مباشر للموظف بدلاً من الاشتراك في خطط جماعية.

نمو لافت ولكن بطيء

تشير البيانات إلى أن عدد المستفيدين من هذا النموذج ارتفع بنسبة 50% بين عامي 2024 و2025 ليصل إلى نحو 450 ألف شخص، في سوق يضم حوالي 154 مليون يعتمدون على التغطية الصحية عبر وظائفهم، بحسب مؤسسة KFF غير الربحية.

ورغم أن الأرقام لا تزال صغيرة نسبيًا، إلا أن الاتجاه واضح، الشركات الصغيرة، وخصوصًا تلك التي لم تقدم من قبل تأمينًا صحيًا لموظفيها، هي المحرك الأساسي لهذا النمو.

إنه تطور من مجموعة من أصحاب العمل الذين لم يكونوا يقدمون من الأصل أي مزايا صحية، بحسب بول فرونستين، مدير أبحاث الفوائد الصحية في معهد أبحاث مزايا الموظفين EBRI، ونحن لا نتحدث هنا عن استبدال خطط جماعية، بل عن توسيع نطاق التغطية لمن لم يكن يملكها من قبل.

المستشفى الذكي، من محاكاة «تسينغهوا» إلى ثورة عالمية في الرعاية الصحية

كيف يعمل هذا النظام؟

تتعاقد الشركات عادةً مع وسيط أو مزود خارجي يساعد الموظفين على شراء خطط تأمين فردية عبر الأسواق المتاحة، وبدلاً من تقديم خطتين أو ثلاث عبر شركة واحدة، يصبح لدى الموظف حرية الاختيار من بين عشرات الخطط، مما قد يحسن تجربة المستهلك ويوفر تغطية ملائمة أكثر لاحتياجاته.

الدعم المالي الشهري الذي تقدمه الشركات يراوح عادةً بين 500 و1,000 دولار، ويعتمد على مكان الإقامة ونوع التغطية سواء فردية أو عائلية.

والأهم أن الخطة قابلة للنقل، حيث يمكن للموظف الاحتفاظ بها حتى بعد ترك العمل، لكن دون مساهمة صاحب العمل بالطبع.

لماذا يلقى هذا النموذج رواجًا؟

السبب الأول هو التحكم في التكاليف، ومع توقع ارتفاع تكاليف التأمين الصحي بنسبة 6% في 2026 لدى الشركات الكبرى، وازدياد الضغوط لخفض النفقات، فإن نموذج ICHRA يتيح لأصحاب الأعمال إمكانية تحديد إنفاقهم السنوي بدقة أكبر، بدلاً من مواجهة زيادات غير متوقعة في الأقساط السنوية لخطة التأمين الجماعية.

وتعد هذه المساهمة المالية خصمًا ضريبيًا للشركات الصغيرة، إذ تتيح الحكومة رصيدًا ضريبيًا يصل إلى 50% من مساهمة الشركة، ولمدة عامين.

15 مليار دولار ، استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي الطبي تفتح آفاقاً جديدة للرعاية الصحية

ليست كل الطرق ممهدة

رغم ما يبدو من مزايا، إلا أن التوسع في هذه الترتيبات لا يخلو من عوائق، أبرزها:

تعقيد الاختيار والإدارة بالنسبة للموظف، خاصة في حال غياب التوجيه أو الخبرة.
تفاوت جودة الأسواق التأمينية من ولاية لأخرى.
عدم استعداد الشركات الكبرى حتى الآن لاعتماد هذا النموذج، في ظل بيئة تنافسية شرسة على استقطاب الكفاءات.

لكن ماذا لو حدث ركود اقتصادي؟

يعتقد فرونستين أن الركود المقبل قد يسرع هذا الانتقال، قائلاً: "عندما ترتفع البطالة إلى 10%، سيتوقف الكثير من أصحاب الأعمال عن اعتبار التأمين الصحي وسيلة ضرورية لجذب الموظفين، وسينظرون بجدية في خيارات بديلة أقل تكلفة."

قراءة في الأفق

نحن أمام تحول قد يعيد تشكيل العلاقة بين الموظف وصاحب العمل في ما يخص الرعاية الصحية، كما حدث مع المعاشات التي حلت محلها حسابات الادخار التقاعدي الفردية، لكن إلى أن تتبنى الشركات الكبرى هذا النموذج، سيبقى التطور تدريجيًا ومحفوفًا بالحذر.

ورغم ذلك، فإن التوسع في ICHRAs قد يكون أحد أدوات إصلاح النظام الصحي الأمريكي، بإعادة توزيع الأدوار بين الدولة، أصحاب العمل، والأفراد، في نظام كثيرًا ما وُصف بالتعقيد واللاعدالة.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.