الجمعة، 15 أغسطس 2025

01:20 ص

من «شخصنة السياسات» لمبدأ الصفقة، ترامب يواجه العالم بأسلوب «أنا أولًا»

الخميس، 14 أغسطس 2025 08:04 م

دونالد ترامب الرئيس الأمريكي

دونالد ترامب الرئيس الأمريكي

منذ عودته إلى البيت الأبيض، أعاد دونالد ترامب رسم خريطة السياسة الخارجية الأمريكية بأسلوب شخصي، لا يشبه أيًّا من أسلافه، حتى أولئك الذين تبنوا نهجًا قوميًا أو انعزاليًا. 

دونالد ترامب

وفي عالم ترامب، لا يوجد فارق كبير بين الحليف والخصم، طالما أن الطرف الآخر يقف على الجانب المقابل من طاولة المفاوضات، هذه النظرة القائمة على “أمريكا مقابل البقية” قلبت قواعد اللعبة، ودفعت الولايات المتحدة إلى مواجهة مفتوحة مع الجميع تقريبًا، من البرازيل إلى الاتحاد الأوروبي، ومن الصين إلى كندا.

سياسة تحكمها الصفقات لا المبادئ

في الماضي، كانت واشنطن تضع وزنًا كبيرًا للتحالفات طويلة الأمد والقيم المشتركة، حتى مع وجود خلافات في المصالح، لكن ترامب ألغى هذا المنطق، فبالنسبة له، الصفقة الجيدة تبرر كل شيء، سواء كان الشريك ديمقراطية غربية أو نظامًا سلطويًا. 

سجل الدولة في حقوق الإنسان أو نزاهة الانتخابات ليس أولوية على طاولة المفاوضات، بل المهم، ماذا ستعطيني الآن؟

هذا النهج يفسر كيف يمكن أن يضغط ترامب على البرازيل الحليف التاريخي بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على منتجاتها، ليس لتحقيق مكاسب اقتصادية مباشرة، بل لحماية صديقه جايير بولسونارو من الملاحقة القضائية.

لكنه سرعان ما تراجع جزئيًا، مستثنيًا صادرات حيوية مثل الطائرات والأسمدة والنفط الخام، في مزيج من التصعيد والتخفيف، يعكس فهمه الدقيق لأوراق الضغط ومتى يلوح بها.

ترامب

اقتصاديات العقوبات.. نتائج عكسية أحيانًا

اقتصاديًا، سياسات الرسوم الجمركية التي يعتمدها ترامب تمثل سلاحًا ذا حدين، صحيح أنها تمنح الولايات المتحدة أوراق تفاوضية قوية، كما حدث مع الاتحاد الأوروبي واليابان، حيث قبلت بروكسل رسومًا جمركية بنسبة 15% على صادراتها.

لكنها في المقابل تدفع شركاءها إلى البحث عن بدائل استراتيجية، كما بدأ الأوروبيون في تنويع أسواقهم نحو آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية لتقليل اعتمادهم على السوق الأمريكية.

أما في حالة البرازيل، فقد جاءت النتيجة عكس ما أراده ترامب، إذ ارتفعت شعبية الرئيس لولا دا سيلفا، بعد أن ظهر بمظهر المدافع عن سيادة بلاده في مواجهة الضغوط الأمريكية، بينما لم ينجوا بولسونارو من المحاكمة، وبقي قيد الإقامة الجبرية.

اقرأ أيضًا:

الفيزياء تطمئنك والاقتصاد يخدعك، من يدفع ثمن رسوم ترامب الجمركية؟

مكاسب سريعة وخسائر استراتيجية

من منظور قصير الأمد، يستطيع ترامب أن يحقق مكاسب واضحة، رفع إنفاق حلف الناتو الدفاعي، وإبرام صفقات تجارية بشروط تفضيلية، وإجبار أطراف مترددة على تقديم تنازلات. 

لكن على المدى الطويل، هذا النهج قد يضعف الثقة في الشراكة مع الولايات المتحدة، ويخلق فراغًا تستغله قوى منافسة مثل الصين وروسيا لبناء نفوذها في الأسواق العالمية.

كما أن شخصنة السياسة الخارجية، بحيث تتحول القرارات الكبرى إلى أدوات لحماية أصدقاء أو تصفية حسابات، تثير قلق المستثمرين والشركات الدولية، التي تفضل استقرار القواعد على تقلبات المواقف.

ترامب

ترامب.. الغموض كأداة تفاوض

ميزة ترامب الكبرى، وفق بعض المحللين، تكمن في صعوبة التنبؤ بخطواته، ما يمنحه قدرة على إرباك الخصوم ودفعهم لتقديم تنازلات خشية تصعيد مفاجئ. 

إيران، على سبيل المثال، تلقت رسائل متناقضة بين التهديد المباشر والدعوات للتفاوض، ما جعلها تتحرك بحذر أكبر، لكن هذا الغموض نفسه قد يؤدي إلى فقدان الثقة بين الحلفاء، الذين لا يعرفون إن كانوا سيجدون في واشنطن شريكًا مستقرًا أم خصمًا مؤقتًا.

 

اقرأ أيضًا:

قمة مرتقبة بين ترامب وبوتين الجمعة القادمة لمناقشة طرق وقف الحرب

 

خلاصة اقتصادية

ترامب يطبق في السياسة الخارجية ما مارسه في عالم الأعمال، اللعب على حافة المخاطرة، قلب الطاولة حين يحتاج، وتجاهل القواعد إذا لم تخدم مصلحته المباشرة. 

هذا قد ينجح في انتزاع تنازلات سريعة، لكنه يزرع بذور شك طويلة الأمد في النظام الاقتصادي والسياسي العالمي تجاه الولايات المتحدة.

يمكن القول إن سياسة “أمريكا أولاً” ليست عزلة ولا تدخلاً كاملاً، بل هو أمر شديد الشخصنة، يحول كل علاقة خارجية إلى صفقة قابلة للمساومة، مهما كان الثمن على صورة ومصالح واشنطن المستقبلية.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search