صفقات تحت المجهر.. كيف يغير ترامب قواعد الدمج والاستحواذ في أمريكا؟
الأحد، 20 يوليو 2025 12:35 م

ترامب وقواعد الدمج والاستحواذ
منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مطلع 2025، عاد الجدل الاقتصادي إلى الساحة الأمريكية، ليس فقط حول سياسات التجارة أو الهجرة، بل حول ما إذا كانت البيئة الجديدة قادرة على إنعاش سوق صفقات الدمج والاستحواذ، أم أنها تعيد رسمه وفق منطق سياسي سيادي يخلط ما بين المصالح الاقتصادية والمزايدات الانتخابية.

ففي الوقت الذي يتحدث فيه أنصار الإدارة الجمهورية عن تحفيز السوق، وخلق بيئة أكثر مرونة للشركات، خصوصًا من خلال تخفيف القيود التنظيمية والضرائب، تكشف بيانات السوق وسلوك البيت الأبيض عن صورة أكثر تعقيدًا، تعج بالمفارقات والتدخلات التي باتت تضع السياسة فوق المنطق التجاري البحت.
بيئتان متوازيتان.. وليستا متناغمتين
المشهد العام لصفقات الدمج والاستحواذ في الولايات المتحدة اليوم أقرب ما يكون إلى ساحة مزدوجة الاتجاهات:
من جهة، تفتح إدارة ترامب الأبواب أمام تسهيلات تنظيمية للبنوك الإقليمية وتلغي بعض العقبات القديمة، وهو ما شجع موجة أولية من الصفقات في القطاع المصرفي.
ومن جهة أخرى، باتت صفقات كبرى مثل استحواذ "نيبون ستيل" اليابانية على "يو إس ستيل" خاضعة لحسابات سيادية وسياسية تتجاوز منطق السوق، حيث تم إجبار المشتري على قبول الحصة الذهبية التي تمنح الحكومة الأمريكية حق الفيتو على القرارات الاستراتيجية.
ما بين هذين القطبين، يعيش المستثمرون حالة من عدم اليقين، إذ ينظر إلى البيت الأبيض باعتباره لاعبًا مباشرًا في توجيه بوصلة الاستحواذات، لا سيما عندما يتعلق الأمر بقطاعات حساسة كالصناعات الثقيلة أو التكنولوجيا المتقدمة.
اقرأ أيضًا:
ترامب: أتمنى إلغاء عطلة مجلس الشيوخ في أغسطس
أرقام تنذر.. وتوجهات تراوغ
تشير التقارير إلى أن عدد الصفقات المعلنة في الربع الثاني من 2025 لم يتجاوز 10,900 صفقة، وهو أدنى مستوى ربع سنوي منذ عام 2015 باستثناء فترة الجائحة.
وهذه الأرقام تدق ناقوس الخطر، حيث يرى صانعو الصفقات أن كثيرًا من قرارات الموافقة باتت تُبنى على اعتبارات سياسية مثل القومية الاقتصادية أو مواقف ضد سياسات التنوع والمساواة، وهذا يفقد السوق أحد أهم ركائزه، ألا وهو الحياد التنظيمي.
كما أن بعض صانعي الصفقات باتوا يتلقون توجيهات مباشرة من مسؤولين داخل البيت الأبيض، وهو ما لم يكن مألوفًا حتى في فترات التوتر السياسي السابقة، ما يعكس مناخًا غير مسبوق من التسييس التجاري.

البنوك الإقليمية.. فرصة ذهبية أم رهانات مضخمة؟
ورغم الصورة المتباينة، فإن ثمة بوادر انتعاش في قطاع البنوك الإقليمية، حيث تم إبرام 57 صفقة خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025، مقارنة بـ56 صفقة في الفترة نفسها من العام السابق.
هذه الزيادة المتواضعة تعكس تأثير التعديلات التنظيمية التي أدخلها ترامب، خاصة ما يتعلق بتخفيف شروط تصنيف البنوك المدارة جيدًا، ما يسمح لها بالدخول في عمليات دمج جديدة.
وبينما يرى البعض في هذا التوجه خطوة إيجابية لإعادة هيكلة القطاع المالي، يحذر آخرون من أن الصفقات الكبرى لاسيما بين بنوك تتقاطع في مناطق جغرافية قد تواجه تدقيقًا حكوميًا متزايدًا، خاصة في ظل اهتمام سلطات مكافحة الاحتكار والإدارة الحالية بمراقبة مآلات السيطرة السوقية.
اقرأ أيضًا:
بلومبرج: «المركزي الأوروبي» لن يتراجع بسبب رسوم ترامب الجمركية
بين الحوافز والقيود.. هل تعود السوق الأمريكية إلى زخمها؟
إن سياسات ترامب تشتمل على قرارات مزدوجة التأثير:
من جهة، تعزز تخفيف الضرائب والرقابة التنظيمية قدرة الشركات على الدخول في صفقات دمج كبرى، وهو ما يشجع النشاط في قطاعات مثل التكنولوجيا الحيوية والخدمات المالية.
ومن جهة أخرى، تظل البيئة السياسية المتقلبة، خاصة ما يتعلق بالسياسات الحمائية، والتشكيك في الاستثمارات الأجنبية، كابحًا أمام الصفقات العابرة للحدود، ويزيد من حالة الغموض لدى المستثمرين الدوليين.
وفي هذا الإطار، يبدو أن الحذر الأمريكي من دخول رؤوس أموال أجنبية إلى قطاعات استراتيجية مثل الذكاء الاصطناعي والدفاع سيبقى عائقًا أمام بعض الاستحواذات، حتى في ظل إدارة توصف بأنها صديقة للأعمال.

زخم مشروط بمزاج البيت الأبيض
ليس من الدقة القول إن عهد ترامب الحالي يعيد الزخم إلى سوق الدمج والاستحواذ، ولا من الواقعية الزعم بأنه يخنقه.
الصورة الأقرب إلى الحقيقة هي أن النشاط بات مرهونًا بمزاج سياسي متقلب، حيث تتحرك قرارات السوق وفق اعتبارات تتراوح بين الجاذبية الاستثمارية والتوجهات السيادية.
وإذا ما استمرت هذه الازدواجية، فإن مستقبل هذا السوق قد يتسم بنشاط انتقائي، مزدهر محليًا ومتحفظ تجاه الخارج مع زيادة الاعتماد على المفاوضات السياسية بجانب الشروط المالية التقليدية.
وفي ظل تلك السياسات، والصراع السياسي الداخلي والخارجي، فإن السؤال لم يعد، هل يخفت زخم الدمج والاستحواذ؟ بل من يملك مفاتيحه في واشنطن؟
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تغلق مشاريع المياه، أزمة مستمرة وتأثيرات كارثية
20 يوليو 2025 05:18 م
ترامب VS ماسك.. هل تهدد السياسة مستقبل ناسا الفضائي؟
20 يوليو 2025 03:45 م
تحليل سوق بذور الطماطم العالمي 2025 - 2032
20 يوليو 2025 02:11 ص
أكثر الكلمات انتشاراً