ترامب يقنن العملات المشفرة.. ثورة مالية أم مقامرة محسوبة؟

السبت، 19 يوليو 2025 02:37 م

ترامب والعملات الرقمية

في خطوة وصفت بالتحول التاريخي، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على قانون "GENIUS ACT"، أول تشريع فيدرالي ينظم العملات المستقرة في الولايات المتحدة، ليشكل بذلك محطة فارقة في مسار العملات الرقمية ويعيد تشكيل معالم القطاع المالي العالمي.

هذه المصادقة التشريعية ليست فقط حدثًا قانونيًا أو سياسيًا، بل تمثل لحظة نضج اقتصادية لصناعة لطالما وصفت بالفوضوية وغير المنظمة.

وبحسب تصريحات ترامب خلال حفل التوقيع، فإن القانون يشكل ثورة مالية بحجم اختراع الإنترنت، ويهدف إلى ترسيخ الهيمنة الأمريكية في عالم التمويل الرقمي والتكنولوجيا المالية.

تشريع العملات المستقرة.. بين التحفيز الاقتصادي والرقابة التنظيمية

ينص القانون على إلزام الشركات التي تصدر عملات مستقرة مدعومة بالدولار، مثل USDC وUSDT، بالاحتفاظ باحتياطيات كاملة على شكل أدوات دين حكومية قصيرة الأجل أو منتجات مالية خاضعة للرقابة الفيدرالية أو الولائية.

هذه الصيغة التنظيمية توفر إطارًا محكمًا للثقة والشفافية، وتمنع الانهيارات المحتملة التي شهدناها مع كيانات مثل FTX في الماضي القريب.

من الناحية الاقتصادية، يهدف القانون إلى جذب رأس المال المؤسسي، وتحفيز الابتكار في قطاع المدفوعات، وتوفير بدائل مالية أكثر كفاءة وأقل كلفة للأفراد والشركات، خاصة في مجالات تحويل الأموال العابرة للحدود.

العملات المشفرة تحقّق رقمًا تاريخيًا بقيمة أربعة تريليونات دولار في أسبوع

أرقام تتحدث.. الأسواق ترد بإيجابية

رد الفعل السوقي لم يتأخر، وفور إعلان توقيع القانون، قفزت القيمة السوقية للعملات المشفرة فوق حاجز 4 تريليونات دولار، مسجلة رقمًا قياسيًا بل وتاريخيًا.

كما ارتفع سعر البيتكوين إلى 123,205 دولارات، في حين صعد الإيثريوم بنسبة 22% خلال خمسة أيام فقط. كذلك سجلت العملات البديلة، مثل "يونيسواب" و"سولانا"، زيادات كبيرة.

تشير توقعات بنك سيتي جروب إلى أن سوق العملات المستقرة وحدها قد تنمو من 265 مليار دولار حاليًا إلى 3.7 تريليون دولار بحلول 2030، مما يبرز مدى رهانات المستثمرين على مستقبل هذا القطاع.

فرص وتحديات.. هل تزيح العملات المستقرة النظام المصرفي التقليدي؟

في العمق، يمثل القانون تهديدًا حقيقيًا للبنية التحتية المصرفية التقليدية، خاصة في مجال المدفوعات وحفظ الودائع.

مع إمكانية أن يحتفظ الأفراد والمؤسسات بأموالهم في شكل عملات مستقرة، قد تواجه البنوك التقليدية تراجعاً في ودائعها وتحولاً في هيكل العوائد.

وهذا ما أقر به رؤساء بنوك كبرى مثل جي بي مورجان وسيتي جروب، الذين وصفوا هذا التحول بـاللحظة المصرفية الحرجة، مؤكدين في اتصالات مع المستثمرين أنهم يدرسون دخول السوق بأنفسهم لإصدار عملات مستقرة خاصة.

القيمة السوقية للعملات المشفرة تتخطى 4 تريليونات دولار للمرة الأولى

اعتبارات سياسية وتجارية.. تقاطع المصالح الشخصية والعامة؟

ورغم الخطاب الرسمي الذي يركز على المصلحة القومية، لا يمكن تجاهل البعد السياسي والشخصي خلف هذا الإنجاز، فترامب وعائلته على علاقة مباشرة بمشاريع رقمية مثل "وورلد ليبرتي فاينانشال"، التي تملك رموزها الخاصة وعملات مستقرة.

هذا ما أثار انتقادات من خصوم ديمقراطيين اعتبروا أن القانون قد يخدم مصالح خاصة، لا سيما بعد أن أضاف أكثر من 620 مليون دولار إلى ثروته الشخصية بفضل استثماراته الرقمية.

وقد فشل الديمقراطيون في تمرير بند يمنع المسؤولين المنتخبين من الاستفادة من هذه المشاريع، مما يفتح الباب أمام جدل أخلاقي محتدم حول تضارب المصالح في السياسات الاقتصادية.

ما الذي يعنيه قانون ترامب للعملات المستقرة؟

ببساطة، ما حدث ليس مجرد تنظيم تقني، بل ولادة مرحلة جديدة من الاقتصاد الرقمي الأمريكي، مدفوعة بإرادة سياسية وغطاء قانوني قوي، وللمرة الأولى، تبدو الولايات المتحدة جادة في احتضان الأصول الرقمية، لا محاربتها.

لكن يبقى السؤال الأكبر، هل هذا القانون بايدة عصر مالي جديد أم فقاعة تمتلئ بمصالح ضيقة ورهانات محفوفة بالمخاطر؟.. الجواب، كما في معظم الثورات المالية، سيكون في كيفية تنفيذ القانون، لا في نصوصه فقط.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.