الرمال السوداء.. كنز مصر الاستراتيجي في حرب المعادن النادرة

الجمعة، 18 يوليو 2025 02:03 م

الرمال السوداء

في خضم الصراع العالمي المحتدم بين الولايات المتحدة والصين على الهيمنة على المعادن النادرة، تبرز مصر كلاعب جديد وواعد على الساحة. هذه القفزة تأتي مدفوعة بثروة دفينة ظلت مهمشة لعقود: الرمال السوداء.

وإذا كانت بكين تملك مفاتيح الإنتاج، وواشنطن تسعى لبناء سلاسل توريد بديلة، فإن القاهرة تملك المورد نفسه.. بل واحدًا من أغنى احتياطياته عالميًا.

من مورد مهمل إلى أداة نفوذ

تنتشر الرمال السوداء بطول الساحل الشمالي المصري من رشيد إلى رفح، وتمتد احتياطاتها الجيولوجية إلى نحو 1.3 مليار متر مكعب، وفق المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة.

ورغم أن هذا المورد ظل يصدر كخامة أولية لعقود بأثمان بخسة، فإن إنشاء الشركة المصرية للرمال السوداء عام 2016، وتدشين أول مصنع للفصل والمعالجة في كفر الشيخ، يعد أول نقطة تحول في استغلال هذه الثروة.

ومع دخول مصر في سلسلة القيمة الصناعية للمعادن النادرة، تفتح الرمال السوداء أمام القاهرة بوابة اقتصادية واستراتيجية واعدة، تمهد لتحولها من مصدر خام إلى منتج استراتيجي.

الفوسفات والذهب والنيوبوم، كنوز تحت رمال السعودية تصنع اقتصاد المستقبل

معادن نادرة وصناعات لا غنى عنها

تحتوي الرمال السوداء على 41 عنصرًا معدنيًا يدخل في أكثر من 49 صناعة، من أبرزها:

الطائرات والغواصات والصواريخ
السيارات الكهربائية
الهواتف الذكية والمفاعلات النووية

ويُعد التيتانيوم، الزركونيوم، الهافنيوم، والثوريوم من بين أبرز هذه المعادن النادرة، التي تُستخدم في الصناعات الدفاعية والتكنولوجيا المتقدمة، وهي ذاتها التي تدور حولها المنافسة الشرسة بين بكين وواشنطن.

في هذا السياق، يمكن اعتبار الاستثمار في الرمال السوداء فرصة مصرية فريدة للاندماج في الصناعات التكنولوجية العالمية، خصوصًا مع تنامي الحاجة الدولية إلى تنويع مصادر المعادن النادرة بعيدًا عن الاحتكار الصيني.

أثر مباشر على الميزان التجاري

من المتوقع أن توفر صناعة الرمال السوداء في مصر نحو 50 مليون دولار سنويًا من الواردات، وتعزز الصادرات بنحو 100 مليون دولار سنويًا، مما يدعم الميزان التجاري ويقلل الاعتماد على النقد الأجنبي في شراء مكونات صناعية استراتيجية.

ورغم أن هذه الأرقام لا تزال متواضعة مقارنة بحجم التجارة العالمية في المعادن النادرة، إلا أنها تمثل نقطة انطلاق استراتيجية نحو بناء قاعدة صناعية جديدة قائمة على المواد المتقدمة، ما قد يعيد تشكيل الخريطة الاستثمارية لمصر على المدى المتوسط.

"الرمال السوداء"، بوابة مصر نحو اقتصاد متقدم ومكانة دولية في المعادن النادرة

بين الجغرافيا والسياسة

الأهمية الجيوسياسية للرمال السوداء تتجاوز الاقتصاد، وفي عالم تتسارع فيه التحولات التكنولوجية والسباق نحو الطاقة النظيفة، باتت المعادن النادرة أحد مفاتيح السيادة الصناعية.

ومع اتجاه القوى الكبرى إلى إعادة رسم خريطة الإمدادات، قد تجد مصر نفسها محط أنظار تحالفات صناعية واستراتيجية تسعى إلى تقليص الاعتماد على آسيا.

هذا يعني أن القاهرة لا تستثمر فقط في الرمال، بل تستثمر في موقعها الجيوسياسي كقوة توازن في زمن الندرة، وكلاعب محوري في قلب القوى الاقتصادية العالمية.

فرصة مصرية نادرة في زمن المعادن النادرة

في معركة المعادن التي تعيد تشكيل التحالفات الاقتصادية والصناعية في القرن الـ21، تملك مصر ورقة رابحة لم تُستخدم بعد بكامل طاقتها.

الرمال السوداء قد لا تكون مجرد مورد اقتصادي، بل قد تتحول إلى أداة نفوذ جيواقتصادي تعزز مكانة مصر في سلاسل التوريد العالمية وتفتح الباب أمام شراكات تكنولوجية واستثمارية كبرى، والسؤال الحقيقي الآن يكمن في، هل تمتلك القاهرة الرؤية والإرادة لتحويل الرمال إلى ذهب استراتيجي؟

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.