إكسبو أوساكا 2025.. الرهان الاقتصادي على المستقبل

الجمعة، 18 يوليو 2025 07:16 م

معرض إكسبو

بينما تتجه أنظار العالم نحو جزيرة يوميشيما الاصطناعية بمدينة أوساكا اليابانية، استعدادًا لانطلاق فعاليات "إكسبو 2025"، تتكشف أبعاد اقتصادية عميقة لهذا الحدث العالمي. يتجاوز "إكسبو 2025" كونه مجرد معرض دولي ليُصبح محفلاً استراتيجيًا له تبعات اقتصادية بعيدة المدى، ليس فقط على المستوى المحلي في اليابان، بل على الصعيد العالمي أيضًا. إنه تجمع يرسم ملامح مستقبل اقتصادي يعتمد على الابتكار والتعاون الدولي.

معارض "إكسبو": محركات اقتصادية تاريخية وساحات للابتكار العالمي

منذ انطلاق أول معرض عالمي عام 1851 في لندن، تحت عنوان "المعرض العظيم"، مثلت معارض "إكسبو" منصات فريدة لـإبراز قدرات الأمم في الابتكار والتكنولوجيا.

لكن في العمق، لم تكن هذه المعارض مجرد استعراض للإنجازات؛ بل لعبت دورًا بارزًا كـمحركات قوية للاقتصاد العالمي. لقد كانت ولا تزال محفزات للاستثمار، ومولدات ضخمة للفرص التجارية والسياحية، مما يؤكد تأثيرها الاقتصادي العميق والمستمر على مر العصور.

اقتصاد المعارض.. من فيلادلفيا إلى أوساكا

ليست هذه المرة الأولى التي تستضيف فيها أوساكا هذا الحدث العالمي، فقد سبقتها نسخة عام 1970، والتي تجاوز عدد زوارها 64 مليون شخص، ما شكل في حينه دفعة هائلة للاقتصاد الياباني بعد الحرب العالمية الثانية.

حينها، لم يكن إكسبو مجرد معرض تقني، بل رافعة اقتصادية، حفزت الإنفاق السياحي، وولدت الوظائف، وأسهمت في بناء سمعة دولية متميزة لليابان كمركز للإبداع.

اليوم، وبعد أكثر من خمسين عامًا، تعود أوساكا من جديد لاستضافة إكسبو، لكن ضمن ظروف عالمية أكثر تعقيدًا، وتحديات اقتصادية كبرى، من التغير المناخي، إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، والاضطرابات الجيوسياسية، إلى التحولات الرقمية السريعة.

وزير العمل: جاهزون بالكوادر المُدربة للعمل في معرض «إكسبو 2027» الدولي

استثمار في المستقبل

يقام إكسبو أوساكا 2025 تحت شعار "تصميم مجتمع الغد لحياة أفضل"، ويهدف إلى دفع الابتكار وتعزيز التعاون الدولي، عبر مشاركة أكثر من 150 دولة ومنظمة، في مساحة تفوق 1.5 مليون متر مربع.

ومن المتوقع أن يستقطب أكثر من 28 مليون زائر من مختلف أنحاء العالم، وهو ما يعني تدفقات هائلة في قطاعات السياحة، الضيافة، النقل، والتجزئة.

تتوقع الحكومة اليابانية أن يضخ المعرض ما يزيد عن 2 تريليون ين (نحو 13 مليار دولار) في الاقتصاد الوطني، من خلال الإنفاق المباشر وغير المباشر، وهو رقم قد يرتفع بالنظر إلى الفرص التي تتيحها فعاليات "أسابيع الثيمات" وابتكارات الجناح الياباني، إلى جانب البنية التحتية الداعمة التي تُطور خصيصًا لهذا الحدث.

اقتصاد المعرفة والابتكار

تحت مظلة ثلاثة محاور رئيسية:

ربط الحياة
تمكين الحياة
إنقاذ الأرواح

يسعى المعرض إلى تعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة، عبر تبادل أحدث التقنيات والابتكارات في مجالات مثل الصحة العامة، الذكاء الصناعي، الطاقة المتجددة، وإدارة الكوارث.

ومن خلال الجمع بين الحكومات، الشركات العالمية، والباحثين في مكان واحد، تتحول منصات المعرض إلى ورش تفكير استراتيجية لإنتاج حلول واقعية للتحديات الاقتصادية العالمية، ما قد يؤدي إلى إطلاق شراكات تجارية واستثمارات عابرة للحدود، تترجم لاحقًا إلى مشاريع على الأرض.

مصر تشارك في «أكسبو أوساكا» للترويج المكثف للاقتصاد المصري في اليابان

البعد السياحي والعوائد غير المباشرة

يُقام المعرض في أوساكا، ثالث أكبر مدينة يابانية، التي تستعد لاستقبال موجات من السياح والمستثمرين، ما يستدعي توسعة المرافق الفندقية، وتحسين شبكات النقل، وزيادة الخدمات السياحية، وكل ذلك يعني عوائد غير مباشرة ستستمر بعد انتهاء الحدث.

فكما ساهم معرض دبي إكسبو 2020 في رفع إشغال الفنادق بنسبة تجاوزت 80%، فإن أوساكا، التي تمثل بوابة غربية لليابان، تعول على الزخم السياحي والمعرفي المصاحب للمعرض كجزء من خطتها لإنعاش الاقتصاد المحلي، خصوصًا بعد التداعيات الكبيرة لجائحة كوفيد-19 على قطاع السياحة اليابانية.

الاستدامة كمحور اقتصادي جديد

الجناح الياباني في المعرض، والمصمم بأسلوب دائري يجمع بين الخشب والتكنولوجيا، لا يعبر فقط عن البعد الجمالي أو الثقافي، بل يؤكد على التزام اليابان بمفاهيم الاقتصاد المستدام، والاقتصاد الدائري، وتقليل البصمة الكربونية.

فالتوجه العالمي اليوم نحو الاقتصاد الأخضر يجعل من معارض إكسبو مختبرات حية لاختبار الحلول البيئية، وهو ما قد يدفع بالمزيد من الاستثمارات الخضراء، خاصة في قطاعات مثل الطاقة الحيوية، وإعادة التدوير، والبنية التحتية الصديقة للبيئة، بما ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.

«إكسبو أوساكا 2025» هيكل خشبي عملاق يعزز مفهوم الاستدامة في اليابان

تأثير طويل الأمد

لا تقتصر الآثار الاقتصادية لمعارض إكسبو على فترة انعقادها، بل تمتد لما بعدها بسنوات، سواء من خلال البنية التحتية المتبقية، أو السمعة الدولية التي يكتسبها البلد المستضيف، أو من خلال الفرص الاستثمارية التي تبدأ في التبلور بعد التقاء الأفكار والمصالح في أرض المعرض.

ومن المتوقع أن تستخدم اليابان نتائج المعرض كمنصة لتسويق قدراتها التكنولوجية للعالم، خصوصًا مع اقتراب موعد معرض أوساكا كانساي الدولي المقبل في 2030، ما يُعد استثمارًا طويل الأمد في السمعة الاقتصادية والابتكار.

إكسبو أوساكا 2025 ليس مجرد تجمع دولي

إن إكسبو أوساكا 2025 ليس مجرد تجمع دولي لعرض تقنيات ومنتجات، بل حدث اقتصادي من الطراز الأول، يتداخل فيه الابتكار بالاستثمار، والثقافة بالتجارة، والمستقبل بالحاضر.

وهو فرصة نادرة لإعادة تعريف العلاقة بين الاقتصاد والمجتمع والتكنولوجيا، عبر نموذج حيّ لاقتصاد قائم على التعاون والمرونة والاستدامة، ووسط عالم متغير، يحمل إكسبو رسالة اقتصادية واضحة.. المستقبل لا يُنتظر، بل يُصنع، ومن هنا تبدأ قصته.

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.