المدن الذكية بين التكنولوجيا والإنسان.. هل نعيد التفكير في تعريف الذكاء؟
الخميس، 17 يوليو 2025 06:58 م

المدن الذكية
في خضم الطفرات المتسارعة للذكاء الاصطناعي، وتقنيات إنترنت الأشياء، والحوسبة المتقدمة، يخيل للبعض أن المدن الذكية، هي ببساطة مزيج من السيارات ذاتية القيادة، والإشارات التفاعلية، والمباني التي تتحدث إلى الهواتف، لكن خلف هذا البريق، تبرز دعوة ملحة لإعادة صياغة المعادلة وتساؤل، هل الذكاء الحقيقي للمدن يقاس بالبنية التحتية الرقمية، أم بقدرتها على تمكين الإنسان والحفاظ على الكوكب؟
وهذا السؤال الجوهري، شكل محور دراسة حديثة لجامعة حمد بن خليفة، واستعرضت أداء 20 مدينة كبرى عبر 32 مؤشرًا متنوعًا، والنتائج كانت لافتة، حيث تصدرت مدن مثل تورونتو، أوساكا، وسيدني الترتيب، وليس بفضل استثماراتها التقنية فقط، بل لالتزامها بسياسات الاستدامة البيئية، وتعزيز العدالة الاجتماعية، والحوكمة المجتمعية.

التكنولوجيا لا تُغني عن الإنصاف
ورغم أن مدينة نيويورك تُعد قوة اقتصادية كبرى، إلا أنها جاءت في ترتيب متأخر بسبب الفجوة الاجتماعية العميقة وانعدام المساواة، وعلى النقيض، تصدرت تورونتو بفضل تخصيص 18% من أراضيها للمساحات الخضراء، ودمج الحوكمة بالمشاركة المجتمعية.
أما الدوحة، فرغم ناتجها المحلي المرتفع والمتمثل في 107% للفرد، فإن تحديات مثل تفاوت ظروف المعيشة والضغط البيئي، تفرض تساؤلات على نموذجها الحضري، كما تعد دبي مثال آخر، حيث جاءت تلك المدينة التي تبهر العالم بمزارع الطاقة الشمسية وشبكات المرور الذكية، في المرتبة 14، لأنها تركز على الحلول التقنية الفردية دون معالجة القضايا البنيوية، مثل ندرة المياه أو حقوق العمال.
اقرأ أيضًا:-
صناعة الكابلات، شريان التكنولوجيا الذكية ومستقبل النمو في الشرق الأوسط
الاقتصاد الأخلاقي، عندما تتحالف العدالة مع النمو
واحدة من أبرز خلاصات الدراسة كانت العلاقة الوثيقة بين الاستدامة البيئية والنجاح الاقتصادي:-
- ترابط بنسبة 97% بين كفاءة الطاقة والنمو الاقتصادي.
- ارتباط بنسبة 84% بين العدالة الاجتماعية والازدهار المالي.
تجربة أوساكا كانت مثالًا حيًا، الانتقال إلى الطاقة المتجددة لم يحسن فقط البيئة، بل وفر 15 ألف فرصة عمل وخفض الانبعاثات، أي أن البيئة لم تكن كلفة اقتصادية، بل محركًا للنمو.

المدن الذكية لا تُقاس بذكاء الآلات بل بذكاء المجتمعات
تؤكد الدراسة أن الذكاء التكنولوجي يفقد قيمته ما لم يُستخدم في خدمة الإنسان، حيث ساعدت أجهزة الاستشعار سيدني على تقليل هدر المياه بنسبة 30%، ولكن لم تكن التقنية وحدها من أحدث الفارق، بل النية السياسية والحوكمة التشاركية.
نموذج "الأسطح الخضراء" في تورونتو، ومبادرة "الانبعاثات الصفرية" في أوساكا، ومشاركة المواطنين في اتخاذ القرار في هلسنكي، كلها نماذج تعيد الاعتبار للإنسان كهدف، لا كبيانات.
اقرأ أيضًا:-
سوق المدن الذكية، ثورة تكنولوجية واقتصادية تُعيد تشكيل الحضرية العالمية
المدن الذكية الجديدة من التنافس الرقمي إلى التقدم الإنساني
ويدعو البحث إلى إعادة كتابة تعريف المدينة الذكية، بعيدًا عن الافتتان بالتكنولوجيا، عبر ثلاث مسارات:-
- دمج العدالة والاستدامة والرفاهية كمعايير مركزية.
- إضفاء طابع ديمقراطي على الابتكار من خلال إشراك المواطنين.
- الاستثمار في البنية التحتية غير المرئية مثل:- (المدارس، المستشفيات، الأماكن العامة، والثقافة).
مدن مثل كوبنهاجن، التي تخصص ربع ميزانيتها للخدمات الاجتماعية، تثبت أن الاستثمار في الإنسان، هو مفتاح الذكاء الحقيقي.

من يفوز في معركة المستقبل؟
والتكنولوجيا قادرة على تحويل المدن، لكن دون عدالة واستدامة، يتحول الذكاء إلى مجرد كفاءة فارغة، فالمدينة الذكية ليست تلك التي تحصي عدد الأجهزة المتصلة، بل التي تقلل زمن الانتظار في المستشفيات، وتتيح تذكرة الحافلة للجميع، وتزرع الأشجار حيث يلهو الأطفال.
المعادلة الجديدة تقول، الذكاء لا يقاس بالسيليكون، بل بمدى تحسينه لحياة الناس، وهذا ما يجعل مدينة، مثل تورونتو أذكى من نيويورك، رغم كل فارق القوة الاقتصادية، كما أن أكثر شبكات الجيل السادس، تحتاج إلى جيل جديد من السياسات العام،ة التي تضع الإنسان والكوكب قبل الأرباح، لأن المدن الذكية الحقيقية، لا تُبنى فقط بالخوارزميات، بل بالبوصلة الأخلاقية.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
"السفر عبر الزمن"، التوأم الرقمي يعيد تشكيل الصناعة
17 يوليو 2025 10:41 م
الذكاء الاصطناعي.. المحرك الجديد الذي يعيد تشكيل سلاسل الإمداد عالميًا
17 يوليو 2025 09:23 م
الفوسفات والذهب والنيوبوم، كنوز تحت رمال السعودية تصنع اقتصاد المستقبل
17 يوليو 2025 06:50 م
أكثر الكلمات انتشاراً