الخميس، 26 يونيو 2025

10:15 م

أجندة ترامب التجارية ودول مجلس التعاون الخليجي بين الفرص والتحولات والاختبارات الصعبة

الخميس، 26 يونيو 2025 06:58 م

ترامب ودول مجلس التعاون الخليجي

ترامب ودول مجلس التعاون الخليجي

بينما تعصف الرياح التجارية بعالم ما بعد العولمة، تتخذ دول مجلس التعاون الخليجي، موقعًا محوريًا في قلب عاصفة السياسات الحمائية، والتي تبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الثانية.

فرغم التصريحات الصاخبة والقرارات المفاجئة، تلوح في الأفق فرصًا إستراتيجية، قد تعزز مكانة الخليج في النظام التجاري العالمي، دون أن تغيب عنها التحديات الجسيمة المرتبطة بانكماش الطلب العالمي، وتقلبات أسعار الطاقة، وتغيرات موازين القوى الاقتصادية.

ترامب ودول مجلس التعاون الخليج

الرسوم الجمركية سيف ذو حدين لا يصيب الخليج مباشرة

ورغم أن خطة ترامب للرسوم الجمركية التي وُصفت بيوم التحرير التجاري، طالت معظم شركاء واشنطن التجاريين، فإن دول مجلس التعاون الخليجي، وجدت نفسها في موقع مختلف. 

وبدلًا من رسوم عقابية، فُرضت عليها معدلات منخفضة، تماشيًا مع المعدل العام الذي لا يقل عن 10%، حتى البحرين وسلطنة عمان، رغم ارتباطهما باتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة، لم تُعفَ من المعدل، لكن تم استثناؤهما من أسوأ ما حملته خطة ترامب للدول التي تعاني من فوائض تجارية كبيرة.

والمفارقة أن بعض القطاعات الخليجية كصادرات الطاقة والبتروكيماويات، حظيت بموقع شبه محصن من الرسوم، بينما تعرضت صادرات المعادن، أمثال الفولاذ والألمنيوم لضغوط كبيرة، مع فرض رسوم تصل إلى 25%. 

ومع صدور حكمٍ قضائي أمريكي في مايو 2025، يُقيد استخدام قانون الطوارئ الاقتصادية لفرض رسوم جديدة، فإن مآلات السياسة الجمركية، تبقى معلقة على قرارات سياسية وقضائية متشابكة، تُبقي دول الخليج في حالة ترقب.

اقرأ أيضًا:

محللو صندوق النقد الدولي يتوقعون 3.5% نمواً لاقتصاد منطقة الخليج خلال 2025‏

صدمات الطاقة.. ترامب يدفع الأسواق للتقلب والنفط في مهب التوترات

الهزة الأكبر التي تلقتها المنطقة لم تأتي من الرسوم الجمركية، بل من انعكاساتها على أسعار النفط، ففي الأسبوع الذي تلا إعلان يوم التحرير، فقد خام برنت 12 دولارًا من قيمته، مسجلًا أدنى مستوياته منذ أربع سنوات. 

ولم تكن هذه مجرد ضربة لسوق الطاقة، بل إن المؤسسات الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، خفضت توقعاتها للنمو العالمي، ما زاد من ضغط الطلب على النفط.

أما التقلبات في سعر صرف الدولار الأمريكي، فبدورها زادت من تعقيد المعادلة الخليجية، في حين ارتفع الدولار لحظة انتخاب ترامب، ما لبث أن انخفض بنسبة قاربت 9% منذ تنصيبه. 

ومع ارتباط عملات الخليج بالدولار، فإن ضعف العملة الأميركية زاد من تكاليف الواردات، ما أثر سلبًا على الموازنة العامة للدول التي تعتمد بشكل كبير على العائدات الدولارية.

الإيرادات النفطية

 

ارتفاع تكلفة الاقتراض.. عبء مضاعف على اقتصادات تبحث عن تنويع

ومع تراجع الإيرادات النفطية، وارتفاع كلفة الاستيراد، وازدياد تكلفة الدين، أصبحت السياسات النقدية أكثر تشددًا، فارتفاع عائدات سندات الخزينة الأمريكية، بفعل سياسات ترامب المالية ومنها خفض الضرائب وزيادة الإنفاق الدفاعي، انعكس تلقائيًا على عوائد السندات الخليجية المرتبطة بها. 

بل إن دولًا ذات تصنيف ائتماني أدنى، كالبحرين وعُمان، شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في مقايضات تعثر الائتمان، ما يشير إلى تنامي المخاطر السيادية.

اقرأ أيضًا:

نيوزيلاندا ودول مجلس التعاون الخليجي يوقعان اتفاقية لإتاحة الفرص للمصدرين

الذكاء الاصطناعي.. البعد الجديد في العلاقات الخليجية الأمريكية

وسط كل هذا التقلب، برز بُعد جديد في العلاقات بين واشنطن والخليج، فقد أصبحت تقنية الذكاء الاصطناعي، جنبًا إلى جنب مع الطيران والدفاع، من أعمدة العلاقات الاقتصادية بين الطرفين. 

وزيارة ترامب الأخيرة إلى الخليج، والتي شملت السعودية، والإمارات، وقطر حيث كانت مليئة بالإعلانات الضخمة، من استثمارات تفوق تريليون دولار، إلى شراكات مع عمالقة التقنية الأميركية.

من الاستثمارات الضخمة التي أعلنتها داماك في مراكز بيانات داخل الولايات المتحدة، إلى مشاريع جي 42 الإماراتية وهيومين السعودية في مجال تطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، يتضح أن الخليجيين يستثمرون في العمق الإستراتيجي لمستقبل الاقتصاد العالمي. 

شركات مثل OpenAI وNVIDIA، أصبحت شريكًا رئيسيًا في هذا التحول، في وقت بات فيه الذكاء الاصطناعي، يشكل بوضوح ركيزة جديدة في المعادلة.

الغاز الأمريكي

 

الغاز الأمريكي تحت المجهر بين التنافس والتعاون

ورغم دعم ترامب، لإنتاج الغاز الأمريكي وتوسيع صادراته، إلا أن تصريحاته الجمركية المثيرة، أضرت بالمناخ الاستثماري، فالصين، على سبيل المثال، أوقفت وارداتها من الغاز الطبيعي المسال الأميركي في مارس. 

وهذا الفتور دفع العديد من الدول، للبحث عن شركاء بديلين، ومنهم الخليج، فقد أبرمت أدنوك اتفاقيات جديدة، وقطر للطاقة تخوض مفاوضات طويلة الأمد مع أطراف أسيوية، كانت في السابق أكثر تحفظًا تجاه عروضها.

اقرأ أيضًا:

الإمارات والسعودية وقطر، ثلاثية خليجية تعيد تشكيل العلاقة مع واشنطن

ماذا بعد؟ الخليج كقوة صاعدة تتقاطع مصالحها مع الجميع

قد يكون ترامب قد ساهم في زعزعة النظام التجاري الليبرالي، لكنه أيضًا كشف النقاب عن عالم جديد متعدد الأقطاب، تلعب فيه دول مجلس التعاون الخليجي دورًا أكبر مما مضى. 

وبفضل احتياطاتها المالية، وموقعها الجغرافي، واستثماراتها المتزايدة في التكنولوجيا، تتحول المنطقة من مجرد مورد للطاقة، إلى لاعب إستراتيجي على الساحة العالمية.

صحيح أن المخاطر لم تختف من تقلبات النفط إلى مخاطر الإفراط في الاعتماد على الاقتصاد الأمريكي، لكن دول الخليج تملك اليوم، القدرة والوسائل لتوجيه بوصلتها التجارية والاستثمارية نحو آفاقٍ جديدة، متسلحةً بتحولات الاقتصاد العالمي، وبتزايد التنافس بين القوى الكبرى.

دول مجلس التعاون الخليجي

 

الخليج على مفترق طرق عالمي

وتُظهر الوقائع أن دول مجلس التعاون الخليجي، ليست مجرد متلقٍ سلبي لتقلبات السياسة الأمريكية، بل إنها اليوم تمسك بخيوط مهمة في شبكة التوازنات الدولية، وأجندة ترامب، بكل ما تحمله من تناقضات، فتحت نوافذ جديدة للنفوذ الخليجي اقتصاديًا، وتجاريًا، وتكنولوجيًا.

لكن السؤال يبقى، هل تنجح دول الخليج في تحويل هذه الفرص إلى إنجازات استراتيجية مستدامة؟ أم أن رياح السياسة الدولية قد تعيد تشكيل اللعبة في أي لحظة؟ الإجابة، كما يبدو، لا تزال قيد التشكل.

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

showcase
showcase
search