الخميس، 26 يونيو 2025

10:52 م

بـ1.6 مليار دولار استثمارات، السعودية وبريطانيا يعيدان رسم خريطة التعاون الاقتصادي

الخميس، 26 يونيو 2025 01:43 م

 السعودية وبريطانيا

السعودية وبريطانيا

في الوقت الذي يشهد فيه العالم تحولات جيوسياسية واقتصادية جذرية تعيد رسم خرائط التحالفات، تتصدر الشراكة بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة مشهد التعاون الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط. هذه العلاقة تتجاوز النمو التقليدي في حجم التبادل التجاري، لتشهد تطورًا نوعيًا يعكس عمق التفاهم والمصالح المشتركة.

يُلاحظ هذا التحول النوعي في التوسع نحو الاستثمار في مجالات حيوية مثل التكنولوجيا، التعليم، والمجالات الثقافية. هذا التوافق الملحوظ يتماشى بشكل مباشر مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 الطموحة لتنويع اقتصادها وتعزيز مكانتها العالمية، وفي الوقت ذاته، يدعم التوجهات البريطانية لتعزيز علاقاتها التجارية والاستثمارية عالميًا في مرحلة ما بعد "بريكست".

من خلال مبادرات طموحة مثل حملة GREAT FUTURES، لم تعد العلاقة بين الرياض ولندن مقتصرة على مجرد تجارة السلع والخدمات.

 بل امتدت لتشمل آفاقًا أرحب تتضمن توطين المعرفة، تبادل الخبرات، وتعزيز الابتكار المشترك. هذا التوسع يعكس تحولًا جذريًا في فلسفة التعاون بين البلدين، نحو شراكة استراتيجية أكثر عمقًا، تهدف إلى بناء قدرات مستدامة وخلق قيمة مضافة في اقتصاداتهما.

نمو تجاري.. 15.8 مليار جنيه إسترليني خلال عام واحد

تشير الأرقام إلى تطور ملموس في العلاقات الاقتصادية الثنائية، إذ نمت التجارة بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية بنسبة 30% بالقيمة الجارية منذ عام 2018، لتصل إلى 15.8 مليار جنيه إسترليني خلال الاثني عشر شهرًا المنتهية في سبتمبر 2024، وفقًا لتقرير نشرته منصة الإقتصادية.

 

وتعتبر السعودية حاليًا أحد أسرع الشركاء التجاريين نموًا للمملكة المتحدة، وقد بلغت صادرات بريطانيا إلى الممكلة نحو 12.4 مليار جنيه إسترليني، شكلت الخدمات منها نحو 64% ، ما يدل على انتقال التعاون إلى مستوى أعلى من حيث القيمة المضافة والخبرات التقنية.

حملة GREAT FUTURES منصة شاملة للاستثمار في المستقبل

في مايو 2024، أطلقت بريطانيا حملة GREAT FUTURES بوصفها أداة جديدة لتوسيع الشراكة مع السعودية، ودعم جهود المملكة لتحقيق تحولها الاقتصادي الطموح، وتغطي الحملة مجالات متعددة، من بينها التجارة، والاستثمار، والسياحة، والتعليم، والثقافة.

وقد تميزت الحملة بإيفاد أكبر بعثة تجارية بريطانية إلى السعودية منذ عقد، حيث ضمت أكثر من 450 شركة، ما يعكس الرغبة البريطانية الجادة في توسيع حضورها داخل الاقتصاد السعودي المتطور، خاصة في ظل الزخم الذي تشهده المملكة ضمن برامج رؤية 2030.

ابتكار بريطاني في قلب الصناعة السعودية

من أبرز نماذج هذا التعاون التحويلي، تأتي شراكة Graphene Innovations Manchester (GIM)، التي أطلقت في أغسطس 2024 مشروع GIM GrapheneFibre في المملكة العربية السعودية، وهو كيان صناعي سعودي متخصص في ألياف الكربون المدعمة بالجرافين، أحد أكثر المواد تقدمًا في العالم من حيث الكفاءة وخفة الوزن والاستدامة.

استثمار أكثر من 1.6 مليار دولار  و4 آلاف وظيفة جديدة

ويعتبر المشروع استثمارًا استراتيجيًا بريطانيًا في مستقبل الصناعات المتقدمة في المملكة، إذ تخطط GIM لاستثمار أكثر من 1.6 مليار دولار وخلق أكثر من 4 آلاف وظيفة بحلول عام 2030، وهو تجسيد عملي للتكامل بين الابتكار البريطاني والرؤية السعودية للتحول الصناعي المستدام.

وفي هذا السياق، قال الدكتور فيفيك كونشيري، رئيس مجلس إدارة GIM، أن هذه الشراكة مع السعودية من خلال GIM GrapheneFibre تمثل محطة محورية في تسخير الابتكار البريطاني لدعم رؤية المملكة 2030، وأنهم ملتزمون بالاستثمار طويل الأمد والنمو المستدام، وفقًا لتقرير الاقتصادية.

التحول الرقمي في السعودية

التعليم ركيزة للتقارب الثقافي والمعرفي.. مدرسة ريغيت جرامر في الرياض

لا تقتصر الشراكة على التكنولوجيا، بل تمتد إلى التعليم كعنصر محوري في بناء مستقبل مشترك، فقد كانت مدرسة ريغيت جرامر البريطانية (RGS) من أوائل المؤسسات التعليمية البريطانية التي باشرت العمل في المملكة.

وتعتبر RGS الرياض نموذجًا مميزًا في المزج بين التميز الأكاديمي البريطاني والقيم الثقافية السعودية، وتسهم في إعداد أجيال من الطلاب يتمتعون برؤية عالمية ومهارات تناسب سوق العمل الحديث.

الاستثمار البريطاني في السعودية

تعزز الشراكات الجديدة ثقة المستثمرين البريطانيين بالسوق السعودية، وقد بلغ حجم الاستثمار البريطاني المباشر في السعودية 6.2 مليار جنيه إسترليني بنهاية عام 2023، في مؤشر واضح على إيمان بريطانيا بجدوى الاستثمار في المشاريع السعودية، خاصة تلك المتعلقة بالبنية التحتية، والتصنيع، والاقتصاد الأخضر.

هذا التوجه يتقاطع مع سعي بريطانيا إلى تنويع تحالفاتها التجارية والاستثمارية عالميًا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وتوجهها المتزايد نحو أسواق الشرق الأوسط وآسيا ذات النمو الديناميكي.

شراكة تتجاوز الأرقام.. نحو تحالف استراتيجي طويل الأمد

لا تنحصر أهمية التعاون السعودي البريطاني في حجم التبادل التجاري أو عدد الشراكات، بل في التحول الاستراتيجي الذي يشهده، فالمملكة العربية السعودية باتت شريكًا محوريًا لبريطانيا في ملفات المستقبل، مثل الاقتصاد المعرفي، والاستدامة، والتعليم الرقمي، والطاقة النظيفة.

تُجسد الشراكة بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة نموذجًا واعدًا لما يمكن أن تثمر عنه التحالفات الاقتصادية المبنية على الطموح المشترك والتكامل المعرفي.

اقرأ أيضًا: السعودية تحلق عاليًا، المملكة تعلن تدشين مدينة متكاملة لتصنيع الطائرات

اقرأ ايضًا:

كيف قفزت «الخطوط السعودية» إلى المركز الـ17 (انفوجراف)

السعودية تتصدر قائمة الدول الأكثر استيرادًا للسيارات من مصر


 

Short Url

showcase
showcase
search