الأحد، 22 يونيو 2025

10:48 م

مضيق هرمز يتحول إلى فوهة بركان، والسياسة تشعل النفط

الأحد، 22 يونيو 2025 06:44 م

مضيق هرمز

مضيق هرمز

تحليل/ ميرنا البكري

في لحظة واحدة، العالم كله وقف على أطراف أصابعه، حيث أصبح مضيق هرمز الممر الضيق -الذي يمر منه أكثر من 20% من صادرات النفط العالمية- ساحة توتر بعدما وافق البرلمان الإيراني على إغلاقه، لتدخل الناقلات في حالة تجمد، والأسواق في حالة ذعر، من الخليج وأسيا لأوروبا، ليتسائل الكل: “ما الذي يحدث إذا تم غلق باب النفط العالمي بالفعل؟ ”.

هذا السيناريو ليس خيالًا علميًا، بل كابوسًا اقتصاديًا حقيقيًا، فالنفط سيشتعل، وتكلفة الشحن ستطير، وسلاسل التوريد ستتأثر، والدول المستوردة والمصدرة سينقلب حالها رأسًا على عقب، والضغوط ستزيد على اقتصاد الصين واليابان والهند، والدول الخليجية ستتخنق بالرغم من أنها منتجة، وإيران ستكون في قلب عاصفة هى التي فجرتها.

والموضوع ليس اقتصاديًا فقط، فالمشهد قد يتطور إلى ضربة عسكرية، أو سباق تسلح نووي جديد، وتحالفات عالمية تتشكل على نار هادئة، وفي هذا التحليل سنفكك المشهد، ونرصد من الخاسر؟ من الرابح؟ ومن المستعد للسيناريو الأسوأ ؟.

إيران تلوّح بإغلاق مضيق هرمز وسط تصعيد خطير مع إسرائيل - صحيفة درة  الالكترونية
البرلمان الإيراني يوافق على إغلاق مضيق هرمز

 

أزمة هرمز، النفط يحترق والاقتصادات تختنق

1.أسعار النفط تقفز

من المتوقع أن ترتفع الأسعار، لتسجل 130 دولار للبرميل في أول أسبوع من إغلاق المضيق، وإذا استمر الإغلاق، سيتعدى البرميل الـ150 دولار بسهولة.

والسبب؟ حوالي 20 مليون برميل نفط يوميًا يمر من المضيق، وأهم الدول التي تصدِّر من خلاله:- (السعودية، إيران، الإمارات، الكويت، العراق)، وفي حالة إغلاق المضيق، لن يكون هناك بديلًا فوريًا لإيصال هذه الكميات للأسواق.

وببساطة، إذا استمر التصعيد، فالأسعار سترتفع، والدول المستوردة ستتكلف الكثير للحصول على إمدادتها من الطاقة.

2. تكاليف الشحن تزداد بشكل جنوني

وستقوم شركات التأمين، برفع أسعار التأمين على السفن التي تمر من الخليج، وبعض الشركات ستمتنع عن المرور في المنطقة، حيث من الممكن أن يتم اللجوء إلى مسارات أطول، وبالتالي إهدار وقت وأموال أكثر، وأيضًا سترتفع أسعار كل المنتجات التي تعتمد على شحن نفط أو غاز أو حتى بتروكيماويات، وبالتالي تشهد التجارة العالمية، تراجعًا كبيرًا، وسيحدث ركود في سلاسل التوريد.

3. أسيا على صفيح ساخن، وهرمز يهدد اقتصادات الصين واليابان والهند

تعتبر الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، فحوالي نصف وارداتها تمر من مضيق هرمز، وأي تأخير أو زيادة في السعر، سيكون هناك ضغطًا تضخميًا كبيرًا على الاقتصاد الصيني، في الوقت الذي تعتمد على الخليج بنسبة تتجاوز 85% من وارداتها البترولية.

وسيؤدي ذلك إلى حدوث اختلال في ميزان التجارة الياباني، ما يؤثر تأثيرًا مباشر على الصناعات الثقيلة، أما بالنسبة للهند وكوريا الجنوبية، فسيواجهان نفس السيناريو، كـ “ارتفاع الفاتورة الطاقية، وبالتالي ضغط على العملة، والتضخم، ودعم الوقود”.

4. الدول المصدرة للنفط، أزمة في قلب الأزمة

حتى الدول التي تصدر نفط، ستتأثر بشكل كبير، كــ"السعودية والإمارات والكويت"، حيث يمر جزء ضخم من صادراتهم عبر المضيق، وصعوبة توصيل النفط تعني خسارة عملاء، وتأخير في العقود، وسمعة تجارية على المحك.

 

هل هناك بدائل؟

وتمتلك السعودية، خط أنابيب "شرق-غرب" بين الخليج والبحر الأحمر، لكن طاقته محدودة (بحوالي 5 ملايين برميل يوميًا)، أما الإمارات فلديها خط أنابيب "أبوظبي – الفجيرة"، والذي يصل حتى المحيط الهندي بدون المرور في هرمز، لكن هذه البدائل، لا تكفي لتعويض كل الكميات الضخمة التي تمر عبر المضيق.

 

إيران نفسها، الخاسر الأكبر أم الرابح؟

ومن الممكن أن تكون إيران صاحبة القرار في غلق المضيق، لكن في واقع الأمر ستدفع ثمنًا كبيرًا، فمن الممكن أن يخسر اقتصادها، وقد تقف صادرات النفط والغاز، تحديدًا مع العقوبات الأمريكية، كما ستواجه انكماشًا اقتصاديًا أعمق، وتدهورًا في سعر الريال الإيراني، لكن من الممكن أن تكسب سياسيًا، لتستخدم المضيق كورقة ضغط على الغرب، لتدفع المنطقة والعالم لإعادة التفاوض معها.

اقرأ أيضًا: 

عاجل| البرلمان الإيراني يوافق على غلق مضيق هرمز

ما بين التوترات الإقليمية وزيادة أسعار تأمين السفن، مضيق هرمز يضع دول الخليج في أزمة
 

أسعار النفط ترتفع بأكثر من 3% بعد الضربة الإيرانية على إسرائيل - إيجي إن
ارتفاع أسعار النفط

 

تداعيات جيوسياسية، السلاح يخرج من الجِراب

1. رد فعل عسكري فوري

ولن تصمت أمريكا، فلديها قواعد عسكرية في الخليج، ومن الممكن أن ترد فورًا عبر حاملات الطائرات وضرباتها الجوية، فيما قد تستغل إسرائيل الموقف، لشن هجمات على منشآت نووية إيرانية، ليتحول الخليج لـ"ساحة حرب مفتوحة".

2. سباق نحو التسلح النووي

دول مثل السعودية، قد تعيد النظر في “الردع النووي”، والتوتر سيزيد بين إيران وإسرائيل، وهذا معناه خطر انفجار إقليمي كبير.

3. تحالفات جديدة

روسيا والصين، قد يستغلوا الموقف لدعم إيران أو الضغط على الغرب، فيما أمريكا ستحاول تقوية تحالفها مع الهند واليابان وكوريا الجنوبية أكثر.

 

هل هناك خطوط بديلة للنفط والغاز؟

وبالفعل هناك بدائل، لكنها غير كافية لتعويض ما يمر من مضيق هرمز أبرزها:-

خط أنابيب شرق-غرب (السعودية):- من الخليج للبحر الأحمر، وتبلغ طاقته 5 ملايين برميل يوميًا.

خط أبوظبي – الفجيرة (الإمارات):- ويصل للمحيط الهندي بدون المرور بهرمز، وتصل طاقته إلى حوالي 1.5 لـ 2 مليون برميل يوميًا.

خط العراق – تركيا:- وقد يستخدم لنقل جزء من صادرات العراق، إجمالًا البدائل موجودة، لكن لا تستطيع تغطية احتياجات السوق بالكامل.

 

عُمان، صمام الأمان وسط العاصفة؟

وفي عز التوتر، قد تظهر سلطنة عُمان كلاعب هادئ لكنه مؤثر للغاية، فعُمان لا تملك نفوذًا عسكريًا ضخمًا، لكنها تمتلك شيئًا أهمًا وهو:- (الموقع، الحياد، والدبلوماسية الذكية).

ويقع ميناء "الدقم" العُماني على بحر العرب، وخارج مضيق هرمز تمامًا، ففي حالة الإغلاق، تلجأ الكثير من الشركات  لعُمان كميناء بديل لنقل البضائع والبترول، حتى لو جزئيًا، حيث تمتلك الدولة العربية علاقات متوازنة مع كل الأطراف العربية وغيرها أبرزها:-( إيران، السعودية، أمريكا، وحتى أوروبا)، ما يجعلها مرشحًا مثاليًا للوساطة، ولاحتواء التصعيد، أو على الأقل فتح قناة للحوار لمنع الانفجار الكبير.

 

المكاسب المحتملة

ارتفاع الطلب على الموانئ والخدمات اللوجستية، يزيد الفرص الاستثمارية لعُمان، ويعزز مكانتها كمركز عبور بديل في المنطقة، خاصةً إذا استغلت الأزمة، وفعلت خطط تطوير الدقم كـ"طريق لوجيستي دولي".

وبإختصار، عُمان لا تغلق  المضيق، لكن قدتفتحه سياسيًا، وتستفيد اقتصاديًا، إلا أنه وفي وسط كل هذا الزحام والتصعيد، قد يصبح صوت مسقط، الوحيد العاقل في الغرفة.

ختامًا، فإغلاق مضيق هرمز، ليس تهديدًا بتروليًا، بل قنبلة موقوتة قد تجر العالم كله لصراعٍ اقتصاديٍ وعسكريٍ، من أول المواطن الذي يدفع أكثر في فاتورة البنزين، وحتى المصانع التي ستتوقف، والأسواق التي ستنهار، كما أن إدارة الأزمة، لا تكون في يد العساكر فقط، لكن في يد من يفكرون في بدائل للطاقة، وتحالفات جديدة، ومرونة اقتصادية، تجعلنا نتحمل الزلازل القادمة.

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

 

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search