حينما تصبح المعامل جبهات حرب، إسرائيل وإيران ومعركة استهداف العقول
السبت، 21 يونيو 2025 05:20 م

إيران وإسرائيل
تحليل/ ميرنا البكري
في ظل الحرب بين إسرائيل وإيران، الذي كان قديمًا مجرد صراع صواريخ وطائرات، تغير المشهد تمامًا الآن، فالمعركة ليست على الأرض فقط، لكنها أيضًا في المعامل والجامعات ومراكز الأبحاث، فتحول معهد "وايزمان" في إسرائيل وجامعة الإمام الحسين في إيران لأهداف عسكرية. السؤال هنا: لماذا؟ ولماذا أصبح العلم والمعرفة في مرمى النيران؟
ما يحدث يدل إن الصراع داخل مرحلة جديدة: "حرب على العقول". ومن يتحكم في التكنولوجيا والبحث العلمي، لا يتفوق في المعركة فقط، لكن أيضًا يكسب اقتصادياً وسياسياً.

المعرفة أصبحت سلاح، والابتكار في ساحة معركة
استهداف إيران لمعهد "وايزمان"، الذي يساهم في تطوير تقنيات الطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعي، وضرب إسرائيل لجامعة الإمام الحسين، المرتبطة بالحرس الثوري وبرامج الطاقة النووية، ليس صدفة. الهدف واضح، تعطيل التطور التكنولوجي للطرف الثاني، وهذا معناه ببساطة تقليل فرصه في إنتاج أسلحة ذكية أو أنظمة دفاع إلكتروني متقدمة.
وذلك ينعكس اقتصاديًا، لأن كل مركز علمي هو محرك لعشرات الشركات، ويخلق سلاسل توريد، ووظائف، وتطبيقات صناعية وتجارية، من الطب للتكنولوجيا العسكرية. أي حينما يتدمر مركز بحثي، ليس العلم وحده يتأثر، لكن أيضًا الاقتصاد يخسر.
اغتيال العلماء، ضربة في صميم الاستثمار المعرفي
اتهمت إسرائيل إيران بمحاولات اغتيال علماء في أوروبا وآسيا، وإيران اتهمت إسرائيل بقتل علماء نوويين من 2010 حتى الآن، زي محسن فخري زاده ومجيد شهرياري.
وذلك ليس مجرد عمليات تصفية، لكن تدمير مباشر لاستثمار سنوات طويلة في العقول البشرية. كل عالم يتم قتله يساوي خسارة بملايين الدولارات من تعليم، تدريب، أبحاث، وتجارب.
والأخطر؟ فقدان الثقة. أي مستثمر يفكر الدخول في مجال تكنولوجيا حساس في إيران أو إسرائيل الآن، سيحسب ألف حساب قبل المغامرة في بيئة لا يوجد بها أمان علمي ولا حماية للكوادر.
المراكز العلمية، قلاع اقتصادية ليس جامعات فقط
معهد “وايزمان” ليس مكان أكاديمي فقط، بل مصنع أفكار يدعم الجيش الإسرائيلي بأنظمة ذكية، ويعمل في تطوير أدوات التشفير، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الطبية.
وفي إيران، جامعات مثل "شريف" و"سمنان" و"الإمام الحسين" لا تخرج علماء فقط، لكن تعمل جنبًا إلى جنب مع الحرس الثوري ومجمعات إنتاج عسكري. أي كل منشأة علمية عبارة عن حلقة في سلسلة اقتصاد الدفاع.
وبالتالي، استهدافها ليس ضربة رمزية، بل ضربة في قلب الاقتصاد العسكري والمعرفي، وستؤثر على صادرات التكنولوجيا، عقود التعاون الدولي، وحتى جودة التعليم والبحث في البلد المستهدف.
النتائج الاقتصادية التي تكلف الطرفين
1. خسائر فادحة في رأس المال البشري، حيث يعتبر موت عالم نووي، ذهاب سنوات من التدريب والبحث، مما يؤخر مشاريع استراتيجية بميزانيات ضخمة.
2. هروب المستثمرين من القطاعات البحثية الحساسة، لا أحد سيغامر بمليارات في بيئة غير مستقرة أو معرضة للقصف.
3. نقص في الكوادر المستقبلية، فالطلاب والباحثين لا يتحمسوا للعمل في مراكز علمية مستهدفة عسكريًا.
4. تأثر سلاسل الابتكار والاقتصاد المعرفي، الشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي أو التقنيات الحيوية تعتمد على البحث الأكاديمي، وضرب هذه المراكز يشل نموها.
اقرأ أيضًا:
الاقتصاد تحت النار، إسرائيل تنزف مليار شيكل يوميًا بسبب المواجهة مع إيران
منها منشأة نووية، إيران تُعلن تفعيل الدفاعات الجوية في بوشهر

التوقعات، حرب العقول مازالت في بدايتها
1.إذا استمر التصعيد، سنواجه استهداف متزايد للمراكز العلمية المتقدمة، ليس في إسرائيل وإيران فقط، لكن في الدول الداعمة لهم أيضًا.
2.سيزيد الإنفاق العسكري على تأمين البنية التحتية العلمية، وسيتحول التمويل من الابتكار لـ الحماية.
3.قد نشهد تحالفات علمية جديدة، بعيدًا عن مناطق التوتر، مثل شركات إسرائيلية تنقل مراكز أبحاثها لسنغافورة أو أوروبا الشرقية.
4.إيران قد تنقل جزء من برامجها الأكاديمية والعلمية خارج البلاد، في دول حليفة مثل روسيا أو الصين.
ختامًا، ما حدث الآن ليس حرب بين جيوش، لكنه صراع بين أفكار وأنظمة علمية واقتصادية. وكل قصف لمعمل أو جامعة هو قصف لمستقبل اقتصادي كامل، وفي عالم يتسارع به الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، أصبح العلم فيه هو خط الدفاع الأول. وإذا استمرت الحرب على المراكز البحثية، العالم لا يخسر الأمن فقط، لكن أيضًا في التنمية، والابتكار، ومستقبل الاقتصاد المعرفي.
Short Url
«تعليم مالي» في «المواد الدراسية»، هل نجحت بريطانيا في سد الفجوة؟
20 يونيو 2025 10:46 م
"القهوة"، سلعة استراتيجية تُحرك اقتصادات الدول النامية
20 يونيو 2025 04:44 م
الشرق الأوسط على حافة الهاوية، تصعيد إيران وإسرائيل يربك الاقتصاد العالمي
20 يونيو 2025 04:11 م


أكثر الكلمات انتشاراً