«من لندن إلى دبي»، كيف فشلت الحكومة البريطانية في الحفاظ على الأثرياء
الأحد، 15 يونيو 2025 01:23 م

بريطانيا
تحليل/ ميرنا البكري
دائمًا كانت هجرة الأغنياء فكرة تُقال في الكواليس كتحذير أو "تكهن"، لكن ما يحدث الآن في بريطانيا وليس تحذير، بل أرقام تقول بوضوح إن البلد تخسر الطبقات الأغنى، والنتيجة؟ اقتصاد على الحافة، واستثمارات تنهار، وأموال تتحول لدبي وسنغافورة بدلًا ما كانت تدخل لندن.

من لندن لدبي، هجرة مليونيرات بالآلاف
في 2023، حوالي 11 ألف مليونير غادروا بريطانيا، حسب شركة "هينلي وشركاه".وذلك ليس رقم عادي، بل يعني إن بريطانيا أصبحت على وشك إنها تكون أكثر دولة في العالم يهرب منها الأغنياء بحلول 2028، حسب توقعات بنك UBS.
لكن ذلك ليس مجرد هروب شخصي، بل هناك أيضًا 4400 عضو مجلس إدارة نقلوا إقامتهم خارج بريطانيا في عام واحد، والكثير من الطبقة الثرية بدأت تبيع ممتلكاتها وتنقل عملها للخارج، كل ذلك يحدث قبل ما حزب العمال يصل للسلطة، أي الأزمة بدأت حتى قبل التغيير السياسي الكبير.
الضرائب، القشة التي كسرت ظهر المليونير
السبب الأساسي خلف هذا الهروب هو تغييرات الضرائب التي قامت بها الحكومة، وخاصةً إلغاء نظام "غير المقيمين" الذي استمر أكثر من 200 سنة، والنظام القديم كان يعطي إعفاء ضريبي للذي عندهم دخل أو أرباح خارج بريطانيا.
كما يعطي النظام الجديد إعفاء 4 سنوات فقط، وأي أصل تمتلكه في أي مكان في العالم، حتى لو شركة عائلية، تدخل تحت ضريبة الميراث البريطانية، وذلك لمدة تصل لـ 10 سنوات بعد الخروج من بريطانيا. أي حتى بعد خروجك من البلد الضرائب ستخرج معك، والنتيجة؟ الأغنياء قالوا: شكرًا، إلى اللقاء.
دبي، الملاذ الجديد للمليونيرات الهاربين
أصبحت دبي هي الوجهة الأولى للهاربين من بريطانيا، وذلك واضح فالبريطانيين أصبحوا ثاني أكبر مشترين أجانب للعقارات في دبي في 2023، كما إن إنشاء شركة في دبي يأخذ من يومين لـ 5 أيام فقط. والمدارس العالمية؟ متاحة، بل أفضل من بعض مدارس بريطانيا، وإذا كان هناك أسر تذهب لتعليم أولادهم في بريطانيا، الآن يذهبوا إلى دبي.
اقتصاد بريطانيا يدفع الثمن
بريطانيا معتمدة بشكل كبير جدًا على الضرائب من الأغنياء:
إذا نظرنا على الأرقام، سنجد إن أغنى 1% من الناس يمثلوا 1% من عدد السكان، لكنهم يدفعوا حوالي 28% من إجمالي ضريبة الدخل. وأيضًا أغنى 10% يمثلوا 10% من السكان، ويتحملوا 60% من الضرائب، ببساطة إذا غادر الأغنياء المملكة المتحدة، الميزانية ستنهار.
وبحسب مكتب مسؤولية الميزانية البريطاني (OBR)، إذا خرج 25% من دافعي الضرائب الأغنياء، الحكومة ستخسر جزء كبير من المتوقع. وإذا خرج نصفهم، قد يصل العجز لـ 12.2 مليار جنيه إسترليني سنويًا في أسوأ سيناريو، أي بدلًا من إن التغييرات الضريبية تزود دخل الدولة، قد تقلبه عجز مالي ضخم.
اقرأ أيضًا:
بعد ثلاثة عقود، بريطانيا تعترف بفشل خصخصة شبكة القطارات
كل 45 دقيقة يغادرها مليونير، الأثرياء يهربون من بريطانيا، ما القصة

توقعات وسيناريوهات محتملة
السيناريو الإيجابي (إذا عدلت الحكومة قراراتها)
1.سيقل نزيف رأس المال.
2.جذب مستثمرين جدد إذا تمت تعديلات في النظام الضريبي.
3.تقوية لندن كمركز مالي عالمي بدلًا ما تفقد مكانتها.
السيناريو السلبي (إذا استمر الحال كما هو)
1.تسارع خروج الأثرياء والشركات.
2.انخفاض في الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
3.تراجع القوة التنافسية للندن أمام دبي وسنغافورة وهونغ كونج.
4.عجز في الميزانية، وذلك قد يدفع الحكومة لفرض ضرائب أكثر على الطبقة المتوسطة.
ختامًا، ما يحدث في بريطانيا ليس تغيير في قوانين ضريبة، بل تحول جذري في ديناميكية الاقتصاد، عندما يقرر الناس الأغنى الخروج من البلد، فيخرج مع خروجهم استثمارات، خبرات، وتمويل لشركات كثير تعتمد عليهم.
ودبي مستعدة لاستقبالهم.
فإذا لم تأخذ الحكومة خطوة تصحيح، قد تخسر لندن لقبها كعاصمة المال، والنتيجة تكون مؤلمة لكل البريطانيين، وليس للأغنياء فقط.
Short Url
الإنفاق العسكري بين إسرائيل وإيران، صراع الأرقام وسط لهب المواجهة
15 يونيو 2025 02:29 م
إسرائيل تقاتل بدعم مالي ضخم، وإيران تواجه التحديات بموارد محدودة
15 يونيو 2025 11:28 ص
ترامب يعيد إحياء الطاقة النووية، رهان محفوف بالمخاطر وسط طفرة الذكاء الاصطناعي
13 يونيو 2025 09:41 م


أكثر الكلمات انتشاراً