الأحد، 15 يونيو 2025

01:10 م

بعد التصعيد الإيراني الإسرائيلي، مخاوف جيوسياسية تعيد رسم خريطة الطيران وتربك موسم السياحة

السبت، 14 يونيو 2025 02:08 م

التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران

التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران

تتصاعد تداعيات التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، لتلقي بظلال ثقيلة على الأسواق العالمية، وبالأخص على قطاعات السياحة والسفر والطيران والنقل البحري، التي باتت تتأثر مباشرة بقرارات الإغلاق الجوي وارتفاع أسعار الوقود واضطرابات حركة الملاحة الجوية.

فمع تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران، تواجه شركات الطيران تحديات تشغيلية ومالية متزايدة، وسط حالة من الترقب والقلق لدى المسافرين والمستثمرين على حد سواء.

ضربة مزدوجة.. أسعار النفط تقفز وأسهم الطيران تهوي

وسجلت أسعار النفط ارتفاعًا حادًا بنسبة تجاوزت 9% عقب الغارات الجوية الإسرائيلية الواسعة على إيران، وهو ما انعكس فورًا على أداء شركات الطيران العالمية، وفقًا لرويترز.

وهبطت أسهم شركات كبرى في أوروبا وآسيا وأميركا، حيث خسرت "إير فرانس - كيه إل إم"، و"لوفتهانزا"، و"آي إيه جي" المالكة للخطوط البريطانية أكثر من 3% من قيمتها السوقية، وفقًا لما ذكرته وكالة "بلومبرج".

كما تأثرت شركات الطيران منخفضة التكلفة مثل "رايان إير"، و"إيزي جت"، و"ويز إير"، بتراجعات مماثلة، فيما سجلت الخطوط الجوية اليابانية انخفاضًا بنسبة 3.7%، وشركة "إيه إن إيه" تراجعت بـ2.8%.

وفي السوق الأمريكية، انخفض سهم "أمريكان إيرلاينز" بنسبة 4.86%، و"دلتا إيرلاينز" بـ4.1%، و"يونايتد إيرلاينز" بـ5.2%. وكانت هذه الشركات قد علّقت رحلاتها إلى الشرق الأوسط بسبب الأوضاع المتفجرة، ما أسهم في تراجع الإيرادات وتزايد الضغوط التشغيلية، وفقًا لتقرير نشرته منصة MarketWatch المتخصصة في أخبار الأعمال والأسواق المالية.

قطاع الرحلات البحرية ليس بمنأى عن التأثير

وامتدت تداعيات الأزمة إلى قطاع الرحلات البحرية، حيث تراجعت أسهم شركات مثل "كارنيفال كورب" بنسبة 5.4%، وانخفض سهم شركة "نرويجيان كروز لاين" بـ5.02%، و"رويال كاريبيان" بـ4.2%.

ويأتي هذا الانخفاض في وقت حساس، إذ تتزامن هذه الضغوط مع موسم السفر الصيفي الذي يفترض أن يكون ذروة الطلب، ما ينذر بانخفاض كبير في الإشغالات والعائدات المتوقعة.

إغلاق المجالات الجوية.. خريطة الطيران تتغير فجأة

أغلقت إيران وإسرائيل والعراق والأردن مجالاتها الجوية عقب التصعيد العسكري، ما تسبب في شلل مؤقت لحركة الطيران في مسارات رئيسية بين الشرق والغرب.

ووفقًا لتقرير نشرته وكالة "رويترز"، تم إلغاء أو تحويل مسار نحو 1800 رحلة جوية، بينها 650 رحلة ملغاة من وإلى أوروبا فقط حتى يوم الجمعة 13 يونيو.

وحولت الخطوط الجوية الهندية وحدها 12 مسارًا دوليًا، بما في ذلك رحلات عبر الأطلسي إلى أوروبا، في حين اضطرت شركات أخرى إلى تحويل الرحلات عبر مسارات أطول تمر بمدن مثل فيينا وجدة وفرانكفورت، بالإضافة إلى انخفاض في الربط على الخطوط الرئيسية.

مصر تعيد ترتيب رحلاتها وتحويلها إلى مطارات بديلة

استجابت مصر سريعًا لتداعيات الإغلاق الجوي، حيث علّقت عددًا من الرحلات المتجهة إلى الأردن والعراق ولبنان، في انتظار انتظام الأوضاع الجوية.

كما استقبل مطار شرم الشيخ الدولي عددًا من الرحلات المحولة، بعد أن قررت 5 شركات طيران أردنية تغيير مسارات طائراتها والهبوط في شرم الشيخ كبديل آمن.

من جانبها، أعلنت شركة "إير كايرو" تأجيل رحلاتها إلى عمّان من مطارات شرم الشيخ والغردقة وبرج العرب وأسيوط، حتى إعادة فتح الأجواء المغلقة.

تراجع في السفر الدولي والمحلي.. والمسافر في قلب العاصفة

حتى قبل التصعيد الأخير، كان موسم السفر لصيف 2025 يتجه نحو التباطؤ، بحسب مجموعة "نيو إنجلاند" الاستشارية،  New England Consulting Group التي توقعت انخفاضًا بنسبة 6% في عدد الوافدين الدوليين إلى المطارات الأمريكية الكبرى.

وتراجعت الحجوزات المحلية أيضًا بنسبة 10% رغم انخفاض الأسعار، ما يعكس حالة من الحذر والقلق بين المسافرين بشأن الأوضاع الجيوسياسية وسلامة الرحلات.

وذكرت المجموعة في بيان أن الضغوط الاقتصادية، وضعف الدولار، وعدم اليقين الاقتصادي والسياسي، دفعت العديد من الشركات المعتمدة على السياحة سواء الطيران أو المنتجعات أو الفنادق إلى تقديم خصومات أكبر وتقليص فترات الحجز.

وفي منطقة الخليج، هبطت أسهم شركة "العربية للطيران"، وهي شركة الطيران الوحيدة المدرجة في البورصات الخليجية، بنسبة تقارب 10%، في أكبر انخفاض لها منذ الأزمة المالية العالمية.

كما انخفضت أسهم "الخطوط الجوية التركية" في بورصة إسطنبول بنسبة 7%، بينما تراجعت أسهم شركة "بيغاسوس" للطيران منخفض التكلفة بنسبة 6.4%.

وترتبط هذه الخسائر بارتفاع تكاليف وقود الطائرات، إضافة إلى الأعباء الناجمة عن اضطرار شركات الطيران إلى التحليق عبر مسارات أطول وأقل كفاءة، نتيجة إغلاق عدد من الأجواء بسبب النزاعات المسلحة، ما يؤدي إلى زيادة استهلاك الوقود، وتمديد أوقات الرحلات، وإرباك الجداول التشغيلية، وهو ما يثقل كاهل القطاع في وقت يعاني فيه بالفعل من تحديات متعددة.

الشركات تتأقلم.. لكن التحديات تتفاقم

وتواجه شركات الطيران، خصوصًا منخفضة التكلفة، ضغوطًا غير مسبوقة مع اضطرارها لاتخاذ قرارات سريعة للتكيف مع خريطة جوية متغيرة، ومسافر متردد، وسوق مضطربة.

كما يتزايد اعتماد الشركات على سيناريوهات بديلة للتشغيل، بما في ذلك التحليق عبر ممرات ضيقة أو أقل كفاءة، ما يؤدي إلى مزيد من استهلاك الوقود وارتفاع التكلفة التشغيلية.

قطاع السفر في اختبار صعب

في ظل الغموض الذي يكتنف مصير الأزمة بين إسرائيل وإيران، وتوالي الأزمات الجيوسياسية في مناطق مختلفة، يبدو أن قطاع السفر العالمي يواجه اختبارًا صعبًا.

فالخسائر الفادحة في أسواق المال، وارتفاع أسعار الوقود، واضطراب حركة الملاحة الجوية، تضع صناعة السفر بأكملها أمام تحديات تتطلب مرونة عالية وقدرة استثنائية على الصمود.

وفي النهاية، يظل المستهلك والمسافر في صدارة من يدفع ثمن هذه الأزمات، وسط غموض في الأفق، وقلق متزايد من مستقبل السفر في عالم باتت السياسة فيه تتحكم في الطيران أكثر من الطقس.

اقرأ أيضًا: الشرق الأوسط على صفيح ساخن، إيران تصعد وتتوعد بضربات موجعة لإسرائيل

اقرأ أيضًأ: التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران يربك أسواق الطاقة ويرفع تكاليف الشحن عالميًا
 

Short Url

search