الشرق الأوسط يترنّح تحت الضربات، فهل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد؟
الجمعة، 13 يونيو 2025 02:20 م

الهجوم على إيران
في لحظة فارقة من تاريخ المنطقة، قبل شروق الشمس، دوى صوت الحرب فوق سماء إيران، وتغيرت المعادلة الاستراتيجية في الشرق الأوسط بشكل يصعب التراجع عنه.

هجوم جوي مكثف نفذته طائرات العدو استهدف منشآت نووية وعسكرية إيرانية شديدة التحصين، في مقدمتها منشأة نطنز، قلب المشروع النووي الإيراني.
وسرعان ما خرج رئيس وزراء العدو ليؤكد أن العملية تحمل اسمًا واضحًا ودلالة صريحة، الأسد الصاعد، وهدفها إرجاع إيران لعصر ما قبل النووي، حيث لم تعد الشكوك واردة، إنها الحرب.
لكن ما جرى لم يكن ضربة مفاجئة فقط، بل خديعة استراتيجية مزدوجة حيكت على نار دبلوماسية هادئة، قبيل الضربة، كانت طهران تخوض محادثات في مسقط مع واشنطن لبحث إحياء الاتفاق النووي، في ظل أجواء توحي بانفراجة سياسية.
تصريحات من ترامب توحي بعدم نية الحرب، وفي الوقت نفسه سحب للبعثات الأميركية من مناطق التوتر، إيران انشغلت بالمفاوضات، بينما كانت طائرات العدو تستعد لاقتحام سماءها.
اقرأ أيضًا:
عملية «الأسد الصاعد» تشعل المنطقة، وتحذيرات من تداعيات اقتصادية كارثية
إيران وحيدة في ساحة مفتوحة
الهجوم لم يكن فقط على منشآت، بل على هيبة إيران العسكرية والسياسية، دفاعاتها الجوية لم تصمد، وأجواؤها اخترقت في عمق 1600 كلم، والأخطر اغتيال وجوه عليا في الحرس الثوري والعلماء النوويين، في عملية يبدو أن تفاصيلها الاستخباراتية لم تكن لتتم إلا بتعاون أمريكي مباشر أو غير مباشر.
رغم النفي الأمريكي، تشير دلائل واضحة إلى دور واشنطن، على الأقل عبر الدعم الفني والتزويد بالوقود والمعلومات.
لكن واشنطن تلعب بالنار بهدوء مريب، فهي تحاول النأي بنفسها عن مشهد المعركة، لتجنب الرد الإيراني على مصالحها، ولحصر أي تصعيد في إطار مواجهة إسرائيل وإيران فقط.
لماذا؟ لأن إيران، تاريخيًا، لم تدخل مواجهة مباشرة مع أميركا، فكل ما جرى خلال أربعة عقود من توتر كان في إطار الحروب بالوكالة، من بيروت إلى العراق إلى الخليج.

الإيرانيون في عزلة استراتيجية
الواقع أن إيران تخسر الآن أوراقها الواحدة تلو الأخرى، فقدت نفوذها في دمشق وبيروت، حلفاؤها محاصرون أو عاجزون، وكُشف الضعف الفعلي لدفاعاتها، ما تبقى هو مشروعها النووي، الذي تلقى ضربة قاصمة.
لكنها تملك ورقة أخيرة، ألا وهى خرائط مفاعل ديمونة، حيث أعلن الإيرانيون امتلاكها، ووضعوا بذلك المعادلة المتمثلة في "منشأة مقابل منشأة".
هذا هو الممر الإجباري الوحيد أمام طهران إذا ما أرادت الإبقاء على الحد الأدنى من الردع الاستراتيجي، ضربة موجعة ومباشرة إلى قلب البرنامج النووي للعدو.
غير ذلك، ستتوالى الضربات من العدو، وقد يتخطى الهجوم الحدود النووية إلى إسقاط النظام الإيراني نفسه، مدعومًا بشهية أمريكية مفتوحة وإغراءات خليجية لتقسيم النفوذ بعد سقوط طهران.
اقرأ أيضًا:
إيران: أمريكا وإسرائيل ستدفعان الثمن وردنا سيكون مؤلم
الخليج.. شريك الحرب ووريث إيران
التحول لا يتوقف هنا، فالعدو ولأول مرة منذ تأسيس كيانه، بات يمتلك الغطاء الإقليمي والدولي لضرب خمس دول دون رادع.
ليس هذا فقط، بل يجد شراكة خليجية علنية أو ضمنية لتقاسم الكعكة بعد إيران، السعودية والإمارات في قلب هذه التفاهمات، حيث يتعهدان بمهمات ضبط الإقليم، وتطويع الدول الممانعة، مقابل إطلاق يديهما في الزعامة.
إن تحقق هذا السيناريو، فنحن على أعتاب شرق أوسط جديد بخريطة نفوذ مختلفة، عدو استراتيجي واحد في مركز اللعبة، ودول خليجية على يمين ويسار الخريطة تدير مشهد الهيمنة الجديد.

المستقبل القريب زلزال أو إعادة توازن
المنطقة على أبواب زلزال جيوسياسي لم تشهده منذ نصف قرن، إيران الآن في الزاوية، محاطة بالخسائر، ومعها فرصة وحيدة لإعادة ترتيب المشهد، ضربة ردع حاسمة أو الغرق في دوامة السقوط التدريجي، وفي المقابل العدو يمتلك الآن ما يشبه تفويضًا مفتوحًا بترتيب الإقليم على مقاسه، في ظل غياب أي قوة ردع دولية حقيقية.
في قادم الأيام، سنشهد أحد أمرين، إما ضربة إيرانية تهز ديمونا، وتعيد التوازن المختل، أو شرق أوسط جديد، يُدار من تل أبيب والرياض وواشنطن، على أنقاض طهران وبيروت، وربما عواصم أخرى لاحقًا.
مهما كانت الإجابة.. ما جرى لن يكون حدثًا عابرًا، بل بداية لعصر جديد يُعاد فيه تعريف من هو العدو، ومن هو الحليف، ومن يملك قرار الحرب والسلام في منطقتنا.
Short Url
ترامب يعيد إحياء الطاقة النووية، رهان محفوف بالمخاطر وسط طفرة الذكاء الاصطناعي
13 يونيو 2025 09:41 م
الجنرال الخفي، كيف يحكم الذكاء الاصطناعي ميدان الحرب واقتصادها؟
13 يونيو 2025 03:49 م
الممرات المائية، شرايين التجارة العالمية تحت ضغط الجغرافيا والتوترات
13 يونيو 2025 12:46 م


أكثر الكلمات انتشاراً