الخميس، 05 يونيو 2025

07:45 ص

مصافي التكرير على مفترق طرق بين أزمة الصيف القادم ومجهول الاقتصاد العالمي

الثلاثاء، 03 يونيو 2025 01:31 م

قطاع تكرير النفط

قطاع تكرير النفط

تحليل/ ميرنا البكري

رغم كل التحديات التي يواجهها العالم حاليًا من حروب تجارية وركود اقتصادي إلى سياسات إنتاج غير مستقرة من تحالف أوبك+، يبرز قطاع تكرير النفط كعامل مفاجئ وغير متوقع في المشهد الاقتصادي العالمي، ويحقق أرباح مرتفعة جدَا في الفترة الحالية. وذلك حدث في وقت أسعار الخام به متراجعة، والطلب على الوقود ثابت أو يزداد، فذلك وفر هوامش ربح جيدة للمصافي، سنوضح في هذا التحليل الأسباب خلف ربح المصافي، وهل ذلك سيدوم أم لا، أم نحن على مشارف أزمة في النصف الثاني من 2025؟

خسائر مصافي النفط الأميركية تتواصل.. 3 شركات تفقد 20 مليار دولار - الطاقة
مصافي تكرير النفط

الخام يهبط والوقود يصمد، والمصافي تدخل موسم الأرباح

ما يحدث الآن هو خليط غريب من عدة عوامل:

أسعار النفط الخام هبطت لمستويات منخفضة جداً (الأقل من 4 سنوات) بسبب تفكك جزئي في اتفاق "أوبك+"، الذي وقف فجأة تخفيضات الإنتاج.

في المقابل، أسعار الوقود مثل البنزين والديزل لم تنخفض بنفس النسبة، لأن الطلب مازال قوي، خصوصًا مع دخول الصيف، وزيادة السفر البري والجوي.

والنتيجة؟ زادت الفجوة ما بين سعر الخام وسعر الوقود (وذلك اسمه "هامش التكرير")، وخذا يعني أرباح جيدة للمصافي.

على سبيل المثال، سجل متوسط هوامش التكرير عالميًا وصل في مايو 8.37 دولار للبرميل، وهو أعلى رقم من مارس 2024، برغم  إنهمازال  أقل بكثير من القمة التاريخية في 2022 وقت الأزمة الأوكرانية.

إغلاقات متتالية للمصافي تُشعل سوق الوقود عالميًا

هناك عدة عوامل جعلت المعروض من الوقود أضعف:

1.غلق الكثير من مصافي كثيرة في أوروبا وأمريكا، مثل مصفاة "جرانيجماوث" في أسكتلندا و"ويسلينج" في ألمانيا. مما خفض القدرة التكريرية في الغرب.

2.كما إن هناك مصافي أخرى ستغلق قريبًا في مدن أمريكية كبيرة مثل "هيوستن" و"لوس أنجلوس"، مما سيضغط على الإمدادات أكثر.

3.انقطاعات مفاجئة مثل قطع الكهرباء في شبه الجزيرة الإيبيرية التي خفضت الإنتاج بنحو 1.5 مليون برميل يوميًا.

كل ذلك سبب ندرة في المعروض، ومع ثبات الطلب (أو زيادته في الصيف)، أصبح لدينا سوق مشتعلة ومصافي تحقق أرباح ضخمة.

اقرأ أيضًا: 

وزير البترول يناقش مع وفد شركة هاني ويل تطوير مصافي التكرير وزيادة إنتاجيتها

الاتحاد الأوروبي يقدم منحة بـ13 مليون يورو لتطوير مصفاة تكرير السويس

بين الانتعاش الموسمي والضغوط طويلة الأجل، مستقبل المصافي على المحك

الصيف دائمًا يكون موسم ذهب للمصافي، ففي الدول الغربية السفر يزداد واستهلاك الوقود يرتفع، ويزيد الطلب على زيت الوقود الثقيل للتكييف والتبريد في الخليج والشرق الأوسط. أي بإختصار، الطلب دائمًا يرتفع في الصيف. لكن السؤال اللي بيطرح نفسه: هل ذلك انتعاش مؤقت؟ أم بداية دورة جديدة؟

الكل متفق تقريبًا إن ما يحدث الآن ليس دائم، بل هو "نفس قصير" في سوق يواجه تحديات ثقيلة، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية  انخفاض نمو الطلب العالمي على النفط لباقي 2025، ليكون حوالي 650 ألف برميل يوميًا فقط، بعد ما كان مليون برميل يوميًا في أول العام.

والتباطؤ الاقتصادي يضغط فرامل على استهلاك الوقود، خصوصًا في أوروبا والصين، والسيارات الكهربائية تكسب أرض، وتسحب جزء من الطلب على البنزين.

كما إن هناك مصافي جديدة في آسيا وأفريقيا تدخل السوق وبتزود المنافسة، مما يؤثر على هوامش التكرير في المستقبل، وومع وجود توترات تجارية عالمية، قد يحدث تباطؤ أكثر وأكثر في حركة البضائع والسفر.

اقرا أيضًا:

البترول:بدء التشغيل التجريبي لمصفاة تكرير النصر للبترول بالسويس باستثمارات تتجاوز ملياري جنيه
 

6 أسباب لزيادة استهلاك الوقود في السيارة - تليجراف مصر
استهلاك الوقود

هوامش اليوم، فخ الغد؟ التحذيرات تطرق الأبواب

1.الهوامش القوية حاليًا فرصة مؤقتة، وليس اتجاه دائم.

2.لابد أن تتحوط المصافي وتظبط إنتاجها، لكي لا تتفاجىء بانهيار في السوق في الشهور المقبلة.

3.التحديات على المدى المتوسط والبعيد أكبر بكثير من هذا الانتعاش القصير، وتفرض إعادة تفكير في استثمارات التكرير.

ختامًا، سوق تكرير النفط يمر بـ "لحظة نادرة" من الأرباح العالية رغم إن الدنيا كلها تمشي ضد التيار. لكن هذه اللحظة قد تنتهي فجأة مع دخول مصافي جديدة، أو هبوط في الطلب، أو رجوع أسعار النفط للارتفاع. فالمهم حاليًا هو التحوط والتخطيط الذكي، وليس الانخداع بالبريق المؤقت.

Short Url

search