أين تكمن المشكلة؟، 35% من مشاريع الذكاء الاصطناعي تفشل بسبب تكاليف غير متوقعة
الأحد، 01 يونيو 2025 03:00 م

الذكاء الاصطناعي التوليدي
مع اشتداد السباق العالمي نحو تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، يبدو أن المعركة الحقيقية لا تُخاض في واجهات الاستخدام ولا في واجهات التطبيقات البراقة، بل في الكواليس داخل غرف الخوادم، وسعات التخزين، ووحدات المعالجة التي قد تُحدد من سيتصدر مشهد الذكاء الاصطناعي ومن سيتخلف عنه.

هذا ما تؤكده دراسة "Voice of the Enterprise: AI & Machine Learning, Infrastructure 2024" الصادرة عن مؤسسة 451 Research، والتي استندت إلى استطلاع آراء أكثر من 700 من مديري تكنولوجيا المعلومات وخبراء الأعمال في مؤسسات متعددة القطاعات.
الدراسة ترسم صورة دقيقة للصراعات التي تعيشها الشركات بين طموح استثمار الذكاء الاصطناعي ومحدودية البنية التحتية القائمة.
الطلب يتجاوز القدرة: البنية التحتية تحت الضغط
تتوقع 83% من المؤسسات أن تشهد أعباء العمل المتعلقة بالذكاء الاصطناعي ازديادًا هذا العام، هذا النمو لا يرتبط فقط بزيادة عدد المستخدمين أو التطبيقات، بل بتعقيد البيانات المستخدمة، وارتفاع الحاجة إلى نماذج أكثر دقة وسرعة واستجابة.
ولعل أبرز ما يُفاقم التحديات هو تحول المؤسسات من مرحلة التجريب إلى التشغيل الفعلي لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث لم تعد المسألة تتعلق بكتابة فقرة أو توليد صورة، بل بدمج هذه القدرات في العمليات اليومية الحساسة، من خدمة العملاء إلى اتخاذ القرار.

رواد الذكاء الاصطناعي.. ما الذي يميزهم؟
رغم الاهتمام الواسع، إلا أن عدد المؤسسات التي نجحت فعليًا في نشر تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي على نطاق واسع لا يتجاوز 18%.
هؤلاء يمثلون النخبة التقنية التي سبقت غيرها بخطوات، ليس فقط في استخدام النماذج، بل في توفير بيئة تشغيل قادرة على دعمها.
هؤلاء الرواد يتميزون بعدة سمات:
- تنوع بيئات التشغيل: فهم يستخدمون السحابة، والحوسبة الطرفية، ومراكز البيانات الخاصة بمرونة.
- استثمارات موجهة في وحدات المعالجة والتخزين: مما يقلل تعرضهم لنقص الموارد.
- ثقة أعلى في الأمن والجودة: بفضل قدرتهم على دمج أدوات الرقابة والحماية بشكل متكامل.
الدرس هنا واضح، لا يمكن القفز مباشرة إلى النتائج دون المرور عبر عنق الزجاجة الخاص بالبنية التحتية.
اقرأ أيضًا:
الذكاء الاصطناعي التوليدي، تحول الابتكار إلى جوهر الاقتصاد الجديد
الذكاء الاصطناعي التوليدي المحرك الجديد للابتكار والتحول الاقتصادي
تكاليف متضخمة تُفشل المشاريع
واحدة من المفاجآت التي تكشفها الدراسة هي أن الميزانية باتت العائق الأكبر أمام مشاريع الذكاء الاصطناعي، متقدمة حتى على التحديات التقليدية مثل نقص الدعم التنفيذي أو ضعف الأدوات التقنية.
أكثر من ثلث المؤسسات أي ما يعادل 35% اضطرت لإلغاء مشاريع ذكاء اصطناعي خلال العام الماضي بسبب التكلفة، وهو مؤشر على حجم الفجوة بين التطلعات والقدرة على التنفيذ.
وفي الوقت نفسه، فإن 37% من المشاركين يرون أن محدودية البنية التحتية تمنعهم من مواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي، بينما يعتقد 36% أن هذه القيود تؤثر بشكل مباشر على أداء النماذج التي يعملون بها.

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل قرارات الشراء في المؤسسات
مع تضخم أهمية الذكاء الاصطناعي، لم تعد قرارات شراء البنية التحتية حكرًا على فرق تكنولوجيا المعلومات، بل بدأ صناع القرار في أقسام العمليات، والأمن السيبراني، والمالية، يشاركون بشكل فعال في صياغة التوجهات التقنية، مما يعكس طبيعة الذكاء الاصطناعي كعامل تمكين شامل، وليس مجرد أداة تقنية.
وهذا التحول في مراكز التأثير أدى إلى تغير في الأولويات، فأصبحت الاعتبارات الأمنية والمرونة والخصوصية تتفوق على عوامل مثل الاستدامة البيئية، والتي تراجعت أهميتها في اختيارات مواقع استضافة الخدمات السحابية من 64% العام الماضي إلى 48% فقط هذا العام.
اقرأ أيضًا:
«الذكاء الاصطناعي» ثورة في الاقتصاد أم تهديد للموارد البيئية؟
9 نماذج من الذكاء الاصطناعي التوليدي غيّرت قواعد اللعبة في 2024
البيانات، الكنز الذي يتطلب بنية مختلفة
توضح الدراسة أن المؤسسات لا تكتفي فقط بزيادة حجم البيانات، بل تنفتح على أنواع جديدة منها، خصوصًا الوسائط الغنية مثل الصور والفيديو والنصوص غير المنظمة.
هذا التنوع يتطلب إعادة هيكلة كاملة لاستراتيجيات التخزين والمعالجة، وهو ما قد يمثل تحديًا ضخمًا للشركات التقليدية التي لا تزال تعتمد على أنظمة قديمة غير مهيأة لهذه الطفرات.

المشهد المستقبلي، لا مجال للمناورة دون استثمار جريء
الدراسة لا تدق ناقوس الخطر فقط، بل ترسم خارطة طريق للمؤسسات التي تسعى للاستفادة الفعلية من الذكاء الاصطناعي التوليدي.
الرسالة الأساسية واضحة، من لا يمتلك بنية تحتية قابلة للتوسع، وآمنة، ومرنة، سيظل محصورًا في مرحلة التجريب، مهما كانت قدراته التقنية أو طموحاته.
وبينما تتوقع نسبة ضئيلة فقط أي ما يعادل 11% من المؤسسات أن تنخفض نفقاتها على الذكاء الاصطناعي، فإن نحو 10% منها تستعد لزيادة الإنفاق بأكثر من 50% خلال العام القادم، ما يؤكد على أن السباق نحو الريادة في الذكاء الاصطناعي لم يعد تقنيًا فقط، بل ماليًا واستراتيجيًا أيضًا.
البنية التحتية أولًا، ثم الابتكار
الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس مجرد موجة تقنية عابرة، بل هو تحول جذري في طريقة عمل الشركات، إلا أن ما يفصل بين من يركب الموجة ومن يلاحقها، ليس الفكرة أو الرؤية، بل الأساسات.
المؤسسات التي تفهم أن الابتكار يبدأ من تحت الأرض، وتستثمر في البنية التحتية بذكاء وجرأة، هي من ستحدد شكل الاقتصاد الرقمي القادم.
Short Url
في إطار تحسين أمن الطاقة، القطاع الخاص في صدارة مشروعات تغويز الغاز في مصر
02 يونيو 2025 02:36 م
بين الدبلوماسية والتجارة، سويسرا توازن المخاطر في ظل التصعيد الأمريكي
02 يونيو 2025 02:08 م
«الزوارق الكهربائية»، رفاهية صديقة للبيئة تُعيد تشكيل سوق بحرية بـ57.7 مليار دولار
02 يونيو 2025 01:01 م


أكثر الكلمات انتشاراً