الإسكندرية في قلب العاصفة.. ساعة من الرعب تهز عروس البحر المتوسط
السبت، 31 مايو 2025 12:06 م

شواطئ إسكندرية
ليست كل العواصف تُقاس بسرعة الرياح فقط، ففي ليلة الـ31 من مايو، هبت على الإسكندرية رياح اقتصادية مرعبة قبل أن تكون مناخية، فساعة واحدة من المطر والثلج والظلام، كانت كافية لتعطيل الحياة في مدينة يعيش فيها أكثر من 5 ملايين نسمة، وكشف خلالها أن عروس البحر المتوسط، تقف على شفا أزمة اقتصادية صامتة، عنوانها، تغير المناخ، وشيخوخة البنية التحتية، وغياب الرؤية الاستثمارية طويلة المدى.

60 دقيقة.. خسائر بعشرات الملايين
وبلغت الرياح سرعة وصلت لـ50 كم/ساعة، فيما هي والبرد الذي سقط على أسطح المنازل، لم يوقفا فقط امتحانات الشهادة الإعدادية، بل عجلة الاقتصاد المحلي بساعات حاسمة، في هذه الساعة، انهارت أعمدة إنارة، توقفت حركة المرور فيها، حيث غرقت الشوارع، وتحولت السيارات إلى قوارب.
فكل دقيقة تعطيل تعني تكلفة اقتصادية، من تأجيل العمليات الإنتاجية، إلى تعطيل المدارس، إلى إنقاذ الممتلكات، إلى أعمال الطوارئ التي تمول من ميزانية الدولة، ووفق تقديراتٍ أولية، يمكن أن تتراوح تكلفة هذه العاصفة القصيرة بين 10 إلى 50 مليون جنيه، اعتمادًا على حجم الأضرار التي ستتكشف لاحقًا.
اقرأ أيضًا:
الأرصاد تكشف آخر تطورات مسار الأمطار والمحافظات المتضررة بعد تقلبات الإسكندرية
الأرصاد الجوية تكشف لـ"إيجي إن" أسباب العاصفة في محافظة الإسكندرية
البنية التحتية أمام اختبار الطقس الجديد
وغرق نفق سيدي بشر حتى منسوب 1.5 متر، في الوقت الذي أعلنت المحافظة فيه عن إرسال 30 معدة صرف صحي ومضخات عملاقة، وتحريك طوارئ الكهرباء، وفرقًا للتدخل السريع، وهذه الاستجابة السريعة، تؤكد استعدادًا إداريًا، لكنها تفضح ضعف البنية التحتية الأساسية، التي لم تعد تناسب واقعًا مناخيًا يتغير بسرعة تفوق قدرة المدن وخاصة الساحلية على التكيف.
وإذا كانت الأمطار المفاجئة قد أربكت المدينة، فإن الأكثر رعبًا هو ما كشفته الدراسات الحديثة عن مستقبل الإسكندرية، فالعاصفة، كما وصفها البعض، ليست سوى تدريب عملي على الكارثة القادمة.

الإسكندرية تغرق اقتصاديًا قبل أن تغرق فعليًا
وكشفت دراسة دولية حديثة، تسجيل الإسكندرية انهيارًا في 40 مبنى بشكل سنوي، مقارنة بانهيار واحد فقط في السابق، ويعود السبب إلى تسرب المياه المالحة إلى التربة، وتآكل الأساسات، وتآكل الميزانيات العامة في مواجهة الصيانة والتطوير.
وإذا كان 280 مبنى قد انهار خلال العقدين الماضيين، فإن 7 آلاف مبنى آخر مهدد بالمصير ذاته، والكارثة لا تكمن فقط في الأرقام، بل في القيمة الاقتصادية لهذه المباني، عقارات، شركات، مساكن، منشآت تاريخية وسياحية.
وأي انهيار إضافي يعني خسارة أصول رأسمالية بمليارات الجنيهات، ويهدد سوق العقارات، والاستثمار السياحي، والتجارة الساحلية في المدينة.
اقرأ أيضًا:
كرات ثلج على مطروح والإسكندرية اليوم، رئيس مركز المناخ يُحذر المواطنين
الأرصاد الجوية تحذر من سقوط الأمطار الرعدية اليوم ببعض المحافظات
سياحة الإسكندرية تحت التهديد
وليست الإسكندرية مجرد مدينة صناعية أو سكنية، بل مركز سياحي تاريخي عريق، لكنها اليوم مهددة بفقدان أهم ما تملكه.. ساحلها، ومع زحف البحر بمعدل 3.6 أمتار سنويًا في بعض المناطق، فإن شواطئ ميامي، وقلعة قايتباي، ومنطقة عمود السواري، ومكتبة الإسكندرية الجديدة، كلها مرشحة لأن تكون في منطقة الخطر خلال العقدين القادمين.
وهذا يُربك حسابات الاستثمار السياحي في المدينة، ويجعل رؤوس الأموال تتردد في ضخ استثمارات طويلة الأجل، في ظل غياب خطة حماية ساحلية فعالة، وتحرك حكومي لا يزال جزئيًا.

رسالة إلى المستثمرين وصناع القرار.. التغير المناخي ليس رفاهية
ما شهدته الإسكندرية ليس حادث طقس عابر، بل ناقوس خطر اقتصادي، والاستثمارات في البنية التحتية الساحلية، وحماية الشواطئ، وتعزيز شبكات الصرف والكهرباء، لم تعد خيارًا، بل ضرورة للبقاء، ولا يمكن الحديث عن تنمية سياحية أو صناعية أو تجارية في مدينة تغرق كلما هطلت الأمطار لساعة واحدة.
والإسكندرية الآن أمام مفترق طرق، فإما أن تتحرك الآن نحو خطة استثمارية ذكية تحمي المدينة من آثار تغير المناخ، أو أن تدفع الثمن مستقبلًا على شكل انهيارات، ونزوح سكاني، وانهيار اقتصادي تدريجي.
العاصفة الأخيرة لم تكن مجرد عاصفة، بل كانت إنذارًا، فهل تسمع المدينة جيدًا؟
Short Url
"بنتائج مالية إيجابية واستحواز للقطاع الخاص" أحدث التطورات الاقتصادية الأخيرة بمصر
01 يونيو 2025 08:52 م
أين تكمن المشكلة؟، 35% من مشاريع الذكاء الاصطناعي تفشل بسبب تكاليف غير متوقعة
01 يونيو 2025 03:00 م
قمة G7 على الأبواب، الدول تجهز نفسها لمواجهة اقتصادية حامية
01 يونيو 2025 01:39 م


أكثر الكلمات انتشاراً