الإثنين، 09 يونيو 2025

10:00 ص

الاقتصاد الرقمي الجديد، من لا يملك الكود لا يملك السيادة

الإثنين، 09 يونيو 2025 06:10 ص

الاقتصاد الرقمي

الاقتصاد الرقمي

في زمن تتراجع فيه أهمية الحدود الجغرافية لصالح حدود رقمية تُرسم بخطوط الكود، يتغير تعريف السيادة ذاته، لم يعد الاكتفاء الذاتي مقصورًا على الغذاء أو الصناعة الثقيلة، بل أصبح امتلاك التكنولوجيا شرطًا للنجاة، بل للقيادة.

الاقتصاد الرقمي

لم يعد العالم يتحرك بفعل الجغرافيا أو الجيوش، بل بالخوارزميات، والسيادة الرقمية لم تعد رفاهية فكرية، بل مسألة أمن قومي واقتصادي.

تكنولوجيا أم تبعية؟

الأزمات العالمية الأخيرة، من الحرب التجارية بين واشنطن وبكين إلى الحرب في أوكرانيا، كشفت هشاشة الاعتماد المفرط على الخارج في قطاع التكنولوجيا، حين تُقيد صادرات الرقائق، تتجمد الصناعات، حين تهتز سلاسل التوريد البرمجية، تتوقف الحكومات عن العمل.

الصين، كوريا الجنوبية، الهند، أوروبا كلها دخلت سباق السيادة التكنولوجية بضخ المليارات، أما الدول التي تنتظر الحلول الجاهزة، فهي على الأغلب تنتظر تبعيتها القادمة.

اقرأ أيضًا:

الاقتصاد الرقمي السعودي، صعود متسارع يرسخ مكانة المملكة في العصر الرقمي

لتعزيز التجارة الإلكترونية، إطلاق الخطة الاستراتيجية للاقتصاد الرقمي 2025-2030

الذكاء الاصطناعي سلطة ناعمة أم احتلال صامت؟

الذكاء الاصطناعي تجاوز كونه أداة تقنية، ليصبح عقلًا غير مرئيًا يدير قرارات الحياة اليومية، من تصنيف القروض إلى قيادة السيارات. 

المفارقة؟ أكثر من 90% من نماذج الذكاء الاصطناعي العالمية تديرها شركات أميركية، ومن لا يمتلك التكنولوجيا لا يمتلك حتى حق الفهم أو الاعتراض.

فهل نريد أن نستمر كمجرد مستخدمين في نظام لا نفهمه؟ أم نصبح مُنتجين لصناعة تكتب شكل العالم القادم؟

الأكواد

الحكومات الذكية.. من تشريع القوانين إلى تشغيل الكود

لم يعد يُقاس نجاح الحكومات بكم القوانين التي تُسن، بل بكم البرمجيات التي تُنتج وتُدير بها شؤون الدولة. إستونيا باتت نموذجًا عالميًا، والإمارات بنت واحدة من أكثر الهويات الرقمية تطورًا، السعودية أيضًا قطعت أشواطًا بإنشاء سدايا واستثماراتها الضخمة في الذكاء الاصطناعي.

هنا، لا يكفي استيراد الحلول، السيادة التقنية تحتاج عقولًا محلية، وتكاملًا بين الحكومة والقطاع الخاص والجامعات.

اقرأ أيضًا:

السعودية 2024، قفزات نوعية في ريادة الأعمال والتحول الرقمي

10 مهارات جديدة في الذكاء الاصطناعي ستغير مستقبل الوظائف خلال 2025

نفط المستقبل.. العقول لا البراميل

في اقتصاد الكود، العُملة الصعبة هي المطورون، ومهندسو البرمجيات، ومطورو النماذج الذكية، الهند تُخرج 1.5 مليون مهندس سنويًا، والصين جعلت نصف خريجيها من التخصصات التقنية، أما العالم العربي، فما زال أمامه تحدي في بناء كتلة حرجة من صُناع الخوارزميات.

الرهان اليوم ليس على بناء ناطحات سحاب رقمية مستوردة، بل على تعليم برمجة تُنتج هذه الناطحات من داخل المجتمعات.

التكنولوجيا الحديثة

شراكة لا تبعية

الاكتفاء الذاتي التكنولوجي لا يعني الانعزال، بل التفاوض من موقع قوة، امتلاك التكنولوجيا هو شرط لأي شراكة متوازنة، فالشريك الذي لا يمتلك شيئًا على الطاولة، سرعان ما يتحول إلى تابع.

وفي الخليج، تتحرك الدول الكبرى نحو هذا الهدف، السعودية والإمارات تقودان قفزة نوعية، ليست فقط بتحديث الخدمات، بل بتأسيس قواعد سيادة رقمية عربية، تبدأ بتوطين البنية الرقمية وتنتهي بتطوير نماذج لغوية مستقلة.

من لا يملك الكود لن يكتب مستقبله

السيادة القادمة تُكتب بالكود، والاقتصاد الجديد لا يرحم الدول التي تكتفي بالاستهلاك، من يريد مكانًا في الخريطة الرقمية العالمية، عليه أن يمتلك أدوات الإنتاج التكنولوجي، التعليم، البنية، والعقول.

اللحظة الآن هي لحظة قرار: هل نريد أن نكون مجرد مستخدمين في عصر الذكاء الاصطناعي؟ أم نُعيد رسم حدودنا الرقمية بأيدينا؟

Short Url

search