كروت طوكيو التفاوضية.. كيف تواجه اليابان ضغوط التعريفات الأمريكية؟
الخميس، 29 مايو 2025 09:45 ص

اليابان والولايات المتحدة
بينما تتصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وطوكيو، تدخل اليابان إلى مائدة المفاوضات مع الولايات المتحدة ليس فقط كطرف يسعى لتجنب الرسوم، بل كلاعب ذكي يحمل في جعبته أوراقًا تفاوضية ثقيلة قادرة على قلب المعادلة.

ففي ظل فرض إدارة ترامب تعريفات جمركية تصل إلى 25% على السيارات والفولاذ و10% على جميع السلع اليابانية، تجد طوكيو نفسها أمام تحدي مزدوج، حماية اقتصادها المُعتمد على التصدير، خصوصًا في قطاع السيارات، دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الحليف الأمريكي الأقرب في آسيا.
لكن اليابان لا تأتي إلى طاولة الحوار خالية الوفاض، بل تلوح بترسانة اقتصادية ودبلوماسية تتراوح بين النفوذ التكنولوجي، والثقل الاستثماري داخل السوق الأمريكية، وصولاً إلى أوراق ناعمة في مجال الأمن والطاقة.
استثمارات بمليارات الدولارات.. الضغط الناعم
اليابان، ولخمس سنوات متتالية، هى أكبر مستثمر أجنبي في الولايات المتحدة، من مصانع السيارات في أوهايو، إلى شراكات الصلب بين نيبون ستيل ويونايتد ستايتس ستيل، خلقت طوكيو عشرات الآلاف من الوظائف الأمريكية، ما يجعل أي تصعيد تجاري مغامرة سياسية واقتصادية لواشنطن قبل الانتخابات.
وهذا ما يدركه جيدًا صانع القرار الأمريكي، الذي يرى أن الضغط على اليابان قد يرتد محليًا، خصوصًا في ولايات صناعية حساسة.
اقرأ أيضًا:
الين الضعيف والتجارة المتراجعة، ما الذي أضاع على اليابان صدارة الدائنين؟
الهند تتجاوز اليابان، صعود اقتصادي يعيد تشكيل الخريطة العالمية
رقائق ومعادن نادرة، نفوذ تكنولوجي يحسب له ألف حساب
في عالم يقف على أعتاب سباق تكنولوجي محموم، تمسك اليابان بمفاتيح رئيسية في صناعة الرقائق الإلكترونية والروبوتات، وهي صناعات تعتمد عليها الولايات المتحدة بشكل متزايد.
كما تملك طوكيو وصولاً استراتيجيًا إلى معادن نادرة أساسية لصناعة الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، وهذا النفوذ يجعل من اليابان شريكًا لا يمكن تعويضه في سباق التفوق الصناعي والتكنولوجي العالمي.

غاز ألاسكا وكاسحات الجليد، مساهمات ذكية بدلًا من التصعيد
بدلًا من الرد بالمثل، تبنت طوكيو استراتيجية المساهمة مقابل الإعفاء، فبجانب استعدادها للاستثمار في مشروع غاز طبيعي مسال في ألاسكا بتكلفة تتجاوز 44 مليار دولار، عرضت اليابان خبراتها في بناء كاسحات الجليد لدعم الحضور الأميركي المتنامي في القطب الشمالي.
ولم تقف عند هذا الحد، بل أبدت استعدادًا لإصلاح السفن الحربية الأمريكية في منطقة المحيط الهادئ، مما يعكس حرصها على الدمج بين المصالح الاقتصادية والأمنية في مسار المفاوضات.
اقرأ أيضًا:
كفاءة الشحن وسرعة التوصيل، اليابان أكثر الدول تطورًا بمجال الخدمات اللوجستية
مفاوضات اليابان مع أمريكا على حافة الانهيار وطوكيو تصمم على "إلغاء الجمارك"
ورقة السيارات ومرونة زراعية
ورغم الحساسية العالية لقطاع السيارات الذي يشكل نحو ثلث الصادرات اليابانية إلى أميركا ألمحت اليابان إلى إمكانية تسهيل دخول السيارات الأمريكية إلى أسواقها عبر تبسيط اختبارات الأمان، وربما زيادة وارداتها من الذرة وفول الصويا، وهي ملفات تهم المزارعين الأميركيين وتُستخدم كورقة ضغط انتخابية من قبل ترامب.

هدوء استراتيجي لا يخلو من تحالفات
ما يميز الموقف الياباني هو الهدوء الاستراتيجي، فرغم التهديدات الجمركية، لم تلجأ طوكيو إلى التصعيد أو الرد الانتقامي، بل حرصت على التنسيق مع شركاء آخرين متضررين من سياسات ترامب الحمائية مثل الصين وكوريا الجنوبية وبريطانيا.
وبهذا، تبني اليابان جبهة تفاوضية غير معلنة تضغط بشكل غير مباشر على واشنطن للعودة إلى اتفاقات أكثر توازنًا.
شريك لا يمكن التضحية به
بينما يستمر الجدل داخل أروقة الإدارة الأمريكية حول سبل إعادة رسم خارطة التجارة العالمية، تظهر اليابان كواحدة من الدول القليلة التي تمتلك أوراق ضغط ناعمة وقوية في آنٍ واحد.
من التكنولوجيا إلى الطاقة، ومن الاستثمارات إلى الأمن، تبرهن طوكيو أنها ليست مجرد طرف في مفاوضات، بل شريك استراتيجي لا يمكن تجاهله، مهما علت نبرة التعريفات الجمركية.
Short Url
«أفلام تتصدر ووثائقيات تشتعل»، صراع المنصات يشتعل فمن يربح معركة الشاشة الصغيرة
30 مايو 2025 01:58 م
بين المطرقة والتبعية، الصين تواجه تحديات التقنية والعمالة في معركة الرسوم
30 مايو 2025 12:49 م
السماء ليست صافية، عواصف تجارية وجيوسياسية تهدد مستقبل الطيران العالمي
30 مايو 2025 10:25 ص


أكثر الكلمات انتشاراً