الهند تتجاوز اليابان، صعود اقتصادي يعيد تشكيل الخريطة العالمية
الإثنين، 26 مايو 2025 09:16 م

الاقتصاد الهندي
في لحظة رمزية تعكس تغيرًا عميقًا في موازين الاقتصاد العالمي، أعلنت الهند رسميًا تجاوزها لليابان، لتصبح رابع أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، بقيمة تقدر بنحو 4 تريليونات دولار، وفق بيانات صندوق النقد الدولي.

هذه الخطوة ليست مجرد إنجاز رقمي، بل عنوان لمرحلة جديدة تدخلها نيودلهي بثقة، وسط تحولات جيوسياسية عالمية تعيد رسم خطوط الإنتاج والاستثمار والنفوذ.
الهند الجديدة، طموح يصعد على أنقاض الأزمات
التقدم الهندي لم يأي من فراغ، بل من بيئة محلية متسارعة النمو، وسياسات اقتصادية استباقية استطاعت استغلال الفراغات التي خلفتها التوترات بين الولايات المتحدة والصين، ففي الوقت الذي تواجه فيه بكين تحديات جيوسياسية وتشديدًا رقابيًا، تقدمت نيودلهي كمركز بديل للتصنيع وجذب الاستثمار.
إن الهند لا تنوي التوقف عند المرتبة الرابعة، بل تطمح لتصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم خلال أقل من ثلاث سنوات، متجاوزة ألمانيا.
اقرأ أيضًا:
الهند، على طريق القمة، حققت نمو اقتصادي مستمر وتستعد للتفوق على ألمانيا
رويترز: الاقتصاد الهندي مُهدد بالانهيار بسبب تصاعد التوترات مع باكستان
القطاع الخدمي هو القاطرة الخفية
تشير بيانات حديثة إلى أن القطاع الخدمي لاسيما التكنولوجيا والمالية والاتصالات هو المحرك الأكبر للنمو الهندي، مستفيدًا من الطبقة الوسطى المتوسعة وتزايد الطلب المحلي.
وفي مايو وحده، أظهر المؤشر الخدمي نموًا قويًا رغم التحديات التضخمية، ما يعكس قدرة الاقتصاد على الحفاظ على زخمه حتى في بيئات نقدية متشددة.

تصنيع الآيفون بين ترامب ودهاليز التجارة العالمية
ردًا على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن نقل تصنيع هواتف آيفون إلى الولايات المتحدة، قلل سوبراهمانيام من تأثير مثل هذه التهديدات، مؤكدًا أن الهند تظل وجهة مغرية للمصنعين بفضل انخفاض التكاليف وتوفر العمالة والبيئة الاستثمارية المحفزة.
ففي مواجهة الرسوم الجمركية المحتملة، تواصل الهند لعب ورقتها الرابحة، سوق عملاقة + تكلفة منخفضة + إصلاحات تنظيمية.
وهذا ما تدركه الشركات الكبرى مثل آبل، التي بدأت بالفعل في توسيع خطوط إنتاجها داخل الهند، جزئيًا بسبب مخاطر الاعتماد الكامل على الصين.
اقرأ أيضًا:
الاقتصاد الهندي مرشح لانتعاش قوي في الربع الرابع من 2025
المعادن تنتعش والروبية تتنفس، ارتياح هندي بعد خطوة ترامب
برنامج الحوافز الإنتاجية.. القاعدة الصناعية تتوسع
أطلقت الهند في عام 2020 برنامج الحوافز الإنتاجية (PLI) لجذب الاستثمار الصناعي الأجنبي، وقد جذب البرنامج استثمارات تجاوزت 19 مليار دولار حتى نوفمبر 2024، بحسب وزارة التجارة.
هذا البرنامج يشكل حجر الزاوية في إستراتيجية نيودلهي للتحول إلى مركز عالمي للتصنيع، بالتوازي مع التحول الرقمي السريع الذي تشهده البلاد.

الموقع الجيوسياسي من التوازن إلى النفوذ
الهند اليوم تقف على تقاطع طرق مهم بين الشرق والغرب، فهي تحافظ على توازن سياسي ذكي مع كل من الولايات المتحدة وروسيا، وتبني علاقات اقتصادية واسعة مع أوروبا ودول الخليج، ما يمنحها موقعًا فريدًا في هندسة اقتصادات المستقبل.
ومع اتساع التباعد بين واشنطن وبكين، تزداد أهمية نيودلهي كشريك اقتصادي واستراتيجي بديل، ليس فقط في التصنيع، بل في الابتكار والتكنولوجيا والأسواق الناشئة.
اقرأ أيضًا:
الصين والهند وباكستان، صراع سياسي ونفوذ اقتصادي يتشكل في جنوب آسيا
«الهند» القوة الصاعدة في قطاع اللوجستيات العالمية
هل نشهد تحولاً هيكليًا في النظام الاقتصادي العالمي؟
تخطي الهند لليابان ليس حدثًا عرضيًا، فهو يعكس تحولاً هيكليًا تشهده مراكز النمو العالمية. فبينما تشهد اقتصادات أوروبا واليابان تباطؤًا ديموغرافيًا، تتقدم الهند بسرعة اعتمادًا على شبابها، وطاقتها الاستهلاكية، ومرونتها السياسية والاقتصادية.
وإذا ما نجحت في تجاوز التحديات الداخلية مثل البنية التحتية، وعدم المساواة، والتعليم، فقد تكون الهند إلى جانب فيتنام وإندونيسيا من أكبر الرابحين في عصر ما بعد الصين في سلاسل التوريد.
الهند اليوم ليست فقط رابع أكبر اقتصاد في العالم، بل مرشحة بقوة لقيادة موجة النمو التالية في الاقتصاد العالمي.
وبينما تنظر الدول الكبرى نحو الداخل لحماية صناعاتها، تتوسع نيودلهي بهدوء وبخطط مدروسة، لتُرسخ مكانتها كلاعب محوري في عالم يتغير كل يوم.
Short Url
طفرة التجزئة الحديثة تقود ثورة التسوق عالميًا.. وأسيا في المقدمة
31 مايو 2025 02:39 م
«أفلام تتصدر ووثائقيات تشتعل»، صراع المنصات يشتعل فمن يربح معركة الشاشة الصغيرة
30 مايو 2025 01:58 م
بين المطرقة والتبعية، الصين تواجه تحديات التقنية والعمالة في معركة الرسوم
30 مايو 2025 12:49 م


أكثر الكلمات انتشاراً