صناعة الرفاهية الأوروبية تحت الحصار الجمركي الأمريكي
الأحد، 08 يونيو 2025 09:36 م

السلع الفاخرة
تحليل/ ميرنا البكري
أصبحت صناعة السلع الفاخرة في أوروبا أمام اختبار صعب. ليس بسبب تغير أذواق المستهلكين فقط، بل بسبب التوترات التجارية المتزايدة بين أمريكا والاتحاد الأوروبي، ورسوم جمركية قد تصل لـ 50%، ذلك تهديد ليس بسيط خصوصًا حينما ندرك إن جزء كبير من الصناعة تعتمد على سمعة "صُنع في أوروبا" كعلامة للجودة والتاريخ.
والموضوع ليس نظري، هناك بلدة إسبانية صغيرة تُعرف بـ "أوبريكي" أصبحت في قلب العاصفة، رغم إنها رمز للحرفية الأوروبية.

أوبريكي،مدينة الجلود التي ينبض قلبها بالفخامة
هذه البلدة الإسبانية يوجد بها حوالي 16 ألف نسمة، وربعهم يعملوا في صناعة الجلود الفاخرة. أي حينما نقول إن ديور أو لوي فويتون أو شانيل لديهم حقائب، ففي احتمال كبير إن تصنيعها تم في أوبريكي.
ما يحدث الآن هو إن الضغط الأمريكي على أوروبا، وتهديد ترامب بالرسوم، بدأ يدفع العلامات الكبيرة تفكر تنقل مصانعها أو على الأقل جزء منها للولايات المتحدة. مما يهدد رزق أوبريكي وجودة الصناعة نفسها.
التهديد الحقيقي، هل "صُنع في أمريكا" يوازي "صُنع في أوروبا"؟
بعض الشركات فعلاً بدأت تنوع الإنتاج مثل لوي فويتون، التي فتجت ورشة في تكساس عام 2019، لكن التجربة لا تمشي بهذه السلاسة التي كانوا يتوقعوها، والسبب هو :
نقص المهارات: الحرفيين الأميركيين غير مدربين على نفس المستويات.
ثقافة صناعية مختلفة: الحرفة الأوروبية متورثة ولديها تاريخ، وتكاليف التدريب عالية، والنتائج غير مضمونة، أي باختصار، قد تنقل تنقل الماكينات، لكن الحرفية؟ من الصعب نقلها.
ما تملكه أوروبا، سحر "بلد المنشأ"
ورغم الضغط، أوبريكي مازالت لديها كروت رابحة، شبكات التوريد المستقرة، تقنيات حرفية متطورة، وعلاقات قديمة مع دور الأزياء.
وكل ذلك ليس من السهل إتمامه من جديد في أي بلد آخر،. الزبون من يدفع آلاف الدولارات ليس لا يريد ان يأخذ منتج فقط، بل قصة وتاريخ وشعور بالفخامة، وذلك يأتي من أوروبا.
اقرأ أيضًا:
ترامب يهدد بفرض رسوم بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي
صحيفة: ترامب يضغط على الاتحاد الأوروبي لخفض الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية
الطلب يتراجع، لكن الجودة هي الحصن الأخير
بعض الورش في أوبريكي بدأت تشعر إن الطلب يقل قليلًا، لكن مازالت أمل، والمراهنة الآن على الجودة.
إذا استطاعوا أن يحافظوا على معاييرهم، وأوروبا قد تظل المكان الذي يذهب إليه الناس عند شعورهم بالرغبة بشراء منتج فخم.

توقعات، ما الذي ممكن أن يحدث الفترة المقبلة؟
1.إذا زادت الرسوم الأمريكية بالفعل، سنواجه تسارع في نقل الإنتاج الجزئي لأمريكا، وذلك يقابله مقاومة من المصانع الأوروبية.
2.من المتوقع، أن تركز العلامات الفاخرة أكثر على السرد التسويقي، “حقيبتك تم تصنيعها بإيدي في جنوب إسبانيا” أي سيكون جزء من البيع.
3.قد نجد ضغط أوروبي مضاد، فالاتحاد الأوروبي قد يرد تجاريًا أو يقدم دعم للصناعات التقليدية، والمستهلك سيصبح الحكم، هل بالفعل يفضل الناس المنتج الأوروبي أم السعر هو من يربح في الآخر؟
نتائج التحليل، الصناعة في مفترق طرق
1. الرسوم الجمركية خطر مباشر على الصناعة الفاخرة.
2. الهوية الأوروبية جزء لا يتجزأ من قيمة المنتج.
3. نقل الإنتاج ليس دائمًا الحل، خصوصًا مع غياب المهارات.
4. المدن الحرفية مثل أوبريكي محتاجة دعم قوي علشان تفضل على الخريطة.
5. "بلد المنشأ" أصبحت سلاح تنافسي وليس بس علامة جغرافية.
ختامًا، السلع الفاخرة ليس مجرد حقيبة فخمة أو حذاء جلد، بل قصة تمثل تاريخ وثقافة وإبداع، والتهديدات التجارية التي تأتي من أمريكا لا تمس الاقتصاد الاقتصاد، بل تمس هوية أوروبا نفسها كقلب الصناعات الفاخرة. والمعركة المقبلة، لن تكون في المصانع، لكن في عقل وقلب المستهلك، هل سيستمر في شراء التاريخ؟ أم سيتجه إلى السعر؟
Short Url
الاقتصاد الرقمي الجديد، من لا يملك الكود لا يملك السيادة
09 يونيو 2025 06:10 ص
امتحانات الذكاء الاصطناعي بدأت، والطلبة هم ورقة الأسئلة
08 يونيو 2025 07:39 م
الولايات المتحدة والصين، مواجهة قضائية تعيد التوتر الاقتصادي العالمي
08 يونيو 2025 04:43 م


أكثر الكلمات انتشاراً