الخميس، 29 مايو 2025

10:43 ص

«موديز» تحذر: الاقتصاد الصيني على مفترق طرق بين النمو والتحديات الهيكلية

الإثنين، 26 مايو 2025 02:41 م

جمهورية الصين الشعبية

جمهورية الصين الشعبية

تحليل/ ميرنا البكري

قررت وكالة «موديز» للتصنيفات الائتمانية تترك تصنيف الصين الائتماني طويل الأجل عند مستوى A1، سواء بالعملة المحلية أو الأجنبية، والأهم إنها ظلت محافظة على النظرة المستقبلية السلبية، وهذا يعني إن هناك قلق حقيقي بخصوص مستقبل الاقتصاد الصيني، رغم إن الصين مازالت اقتصاد ضخم ومستقر نسبياً، مما يجعلنا نسأل: لماذا لا تزال النظرة سلبية؟وما هي التحديات التي تواجه التنين الصيني؟ وهل هناك خطر حقيقي على استقرار اقتصاد الصين؟ سنوضح كل ذلك في التحليل.

وكالة موديز تخفض توقعاتها الائتمانية للصين إلى سلبية - جريدة حابي

 النمو ليس كما في الماضي، وموديز ترى إن القادم أصعب

موديز ترى إن معدل النمو المحتمل للاقتصاد الصيني قد يصل بين 3.5% لـ 4% بحلول عام 2030 وهو رقم ضئيل جداً مقارنة بما كانت تحققه الصين والسبب؟ إن النمط القديم الذي يعتمد على الصادرات والبناء لا يعمل كما كان في الأول، وأيضًا الضغوط التجارية أصبحت أكثر والصين تحاول أن تنقل اقتصادها لنمط جديد مبني على القطاعات عالية الإنتاجية مثل التكنولوجيا والخدمات المتطورة، لكن ذلك يستغرق وقت، ويصاحبه تحديات كبيرة.

التجارة أصبحت معركة، ورسوم ترامب تشتعل

رغم محاولات التهدئة، موديز لازالت ترى إن الرسوم الجمركية العالية على الصادرات الصينية، خاصةً في أمريكا، تؤثر بشكل كبير على قدرة الصين على النمو من خلال التجارة وهذه مخاطرة كبيرة لأن أي صدمة في التجارة العالمية قد تجعل الحكومة تضطر تدخل بسياسات تحفيزية قوية، لكن هذا التحفيز ليس مجاني، بل يزود العجز المالي والدين العام، وهو ما يعني إن الفاتورة تكبر كل ما المشاكل تزداد.

اقرأ أيضًا: 

ترامب يحارب العالم ويخاف من دمية صينية! (فيديو)

بين التفاؤل والحذر، الصين تواجه تحديات اقتصادية ضخمة رغم نمو الإنتاج الصناعي

ترامب يطلق الرصاصة الأولى في حرب تجارية عالمية - جريدة الجريدة الكويتية
رسوم ترامب

الدين  يتصاعد بسرعة، لكن مازال تحت السيطرة

تتوقع موديز  إن الدين الحكومي العام للصين سيصل لـ 86% من الناتج المحلي بحلول 2028، وهو ارتفاع ضخم مقارنة بنسبة أقل من 38%،  لكن عام 2019، السبب الرئيسي هو إن الحكومة تنفق أكثر لتعوض نقص إيرادات بيع الأراضي (التي كانت مصدر دخل كبير للمدن الصينية)، وأيضًا تستخدم أدوات مالية معقدة مثل تبادل ديون الهيئات.

والمثير للاهتمام إن موديز ترى أن الوضع مازال "قابل للاحتواء"، لأن الصين لديها، تكلفة اقتراض منخفضة، قاعدة ادخار محلية ضخمة، وسيطرة قوية على العملة المحلية (اليوان)، أي باختصار الحكومة الصينية تستطيع الاستلاف بسعر كويس من الشعب نفسه، وهو ما يخفف الضغط.

الاستهلاك المحلي ضعيف، والناس لا تنفق

من أكبر المشاكل التي تواجه الاقتصاد الصيني الآن هي ضعف الاستهلاك المحلي الناس لا تنفق بنفس المستوى قديمًا، مما يجعل الطلب المحلي ضعيف، وبالتالي النمو يفقد واحد من أهم محركاته، كما إن الصين تحاول تحفز الطلب، لكن هناك عدة تحديات هيكلية شبكة الأمان الاجتماعي غير كافية، خدمات الصحة مازالت بعيدة عن الشمول، الناس لن تثق في المستقبل الاقتصادي، أي الحكومة لابد أن تغير في البنية الأساسية للسياسات، وليس تحفيز الاستهلاك بالأموال.

اقرأ ايضًا: 

الصين تتصدر قائمة الدول الأكثر إنتاجًا للذهب حول العالم، تفاصيل

تثبيت التصنيف عند A1، مرونة اقتصادية وسط تحذيرات من مخاطر محتملة

رغم كل الأحداث الفترة السابقة، تثبيت التصنيف عند A1 معناه إن الصين مازال لديها مرونة اقتصادية قوية، وذلك بفضل قدراتها الابتكارية الكبيرة، استقرار النظام المالين والهيمنة على الدين المحلي، ولكن النظرة السلبية معناها إن الوضع حساس، وأي تغيير كبير في التجارة أو الاستهلاك قد يجعل موديز تراجع موقفها وتبدأ في تخفيض التصنيف.

ختامًا، الرسالة الواضحة من تقرير موديز إن الصين ليس في أزمة حالياً، لكنها تقف في منطقة خطرة بها تحديات ضخمة تهدد نموذجها الاقتصادي، سواء من ضعف التجارة، أو ديون تزداد، أو استهلاك غير كافي، وإذا لم تتمكن الصين من التعامل مع هذه المشاكل بطريقة هيكلية وجذرية، فمن الممكن أن يتغير التصنيف ويبدأ العالم ينظر للصين كاقتصاد يفقد بريقه.

لكن في الوقت نفسه، لا ننسى أن الصين تمتلك العديد من الأدوات ولديها أوراق ضغط قوية، وهذا ما يجعل وكالة موديز تحتفظ بتصنيفها A1 حتى الآن.

Short Url

search