الخميس، 29 مايو 2025

10:51 ص

من 6.9 مليار إلى 689 مليون، انهيار صادرات الموبايلات الصينية يفضح اشتعال الحرب التجارية

الإثنين، 26 مايو 2025 10:29 ص

صادرات الهواتف الصينية إلى أمريكا

صادرات الهواتف الصينية إلى أمريكا

تحليل/ ميرنا البكري

في كثير من الأحيان، نسمع عن أرقام تتعلق بالتبادل التجاري بين الدول، مثل صادرات الصين إلى الولايات المتحدة. وغالبًا ما يتجاوز الناس هذه الأرقام دون أن يتوقفوا للتفكير: "وما شأننا بذلك؟"، لكن الحقيقة أن هناك قصصًا اقتصادية كبيرة تدور خلف الكواليس وتؤثر على الأسواق العالمية، فمثلًا الهواتف من الصين لأمريكا. 

الموضوع ليس مجرد أرقام تصعد وتهبط، بل مرآة لتغيرات ضخمة في شكل العالم التجاري، من أول الصراع بين القوى الكبرى، حتى إعادة تشكيل سلاسل التوريد التي كانت ثابتة لعقود، سنوضح في هذا التحليل ملخص الأحداث في 15 عام، خصوصًا بعد 2020.

الصين وأمريكا تتفقان على إدارة المخاطر البحرية

من صفر لنجم الشباك، صعود الصادرات الصينية حتى القمة

في عام 2010، كانت صادرات الصين من الموبايلات لأمريكا تبدأ من رقم بسيط حوالي نصف مليار دولار شهريًا. ومع انفجار سوق الموبايلات الذكية وخصوصًا الآيفون، فأمريكا أصبحت متعطشة للهواتف، والصين كانت المورد الأول الذي يشبع ذلك الطلب.

جاءت الذروة في نوفمبر 2020، حينما وصلت صادرات الصين لأمريكا لـ 6.9 مليار دولار في شهر واحد، وذلك ليس رقم صغير، بل تقريبًا 14 مرة أعلى من التي بدأت به الصين في 2010. وكان دائمًا يحدث ذلك قبل الكريسماس، عندما يزيد الطلب على الإلكترونيات.

انهيار غير طبيعي، من القمة للقاع في أقل من 5 سنوات

من بعد 2020، الدنيا بدأت تتقلب. ففي 2021، الانخفاض بدأ، لكن الذي حدث في أبريل 2025 كان صدمة، حيث إن  الصادرات هبطت لـ 689 مليون دولار فقط، وذلك أقل رقم من 2011، أي الصين خسرت 72% من صادراتها في شهر واحد (من مارس لأبريل)، الموضوع  ليس مجرد تراجع مؤقت، بل بداية مرحلة جديدة.

اقرأ ايضًا: 

بين الصين وأمريكا، أبل تلعب على حبل السياسة والتقنية

أسباب الانهيار، ليس شحنة بل حرب اقتصادية كاملة

الأحداث ليست صدفة، بل هناك أكثر من عامل خلف ذلك التراجع الكبير:

1. الرسوم الجمركية والعقوبات: بدءًا من الحرب التجارية بين أمريكا والصين، خاصةً بعد ما ترامب فرض تعريفات جمركية، العلاقة بين البلدين وهي على صفيح ساخن. شركات صينية مثل "هواوي" تعرضت لعقوبات منعت تصدير منتجاتها بحريًا.

2. كوفيد-19: الوباء ضرب سلاسل التوريد وجعل الإنتاج والشحن يتأخر. الصين التي كانت دائمًا مصدر ثابت، أصبحت تعاني من اضطرابات في سلاسل التوريد.

3. اتجاه أمريكا نحو التصنيع المحلي: واشنطن بدأت تقول: ولماذا نعتمد على الصين؟ فبدأت تشجع التصنيع الأمريكي، وتدعم شركات محلية لكي تقلل اعتمادها على بكين.

4. دخول منافسين جدد: دول مثل فيتنام والهند دخلوا المعادلة، وأصبحوا بدائل حقيقية للصين في تصنيع الإلكترونيات.

اقرأ أيضًا: 

من الطائرة إلى الباخرة، الإعفاء الجمركي يغير خريطة الشحن والتجارة بين الصين وأمريكا

تداعيات خطيرة، كيف تسببت الحرب التجارية في هزة مدوية لصادرات الصين من الهواتف؟

بين الصين وأمريكا، أبل تلعب على حبل السياسة والتقنية - إيجي إن

توقعات، الخريطة تتغير والصين لن ترجع كما كانت في الماضي

1.الصين ستركز على أسواق بديلة، وبعد خسارة السوق الأمريكي، الصين قد تزود صادراتها لأفريقيا، أمريكا الجنوبية، وروسيا.

2.هواوي وغيرها سيركزوا على السوق المحلي، والشركات الصينية ستحاول أن تعتمد على الطلب الداخلي، وتطور تقنياتها لكي تقلل اعتمادها على المكونات الأمريكية.

3.فيتنام والهند  يحصلوا على حصة أكبر، والشركات الأمريكية بالفعل بدأت تنقل مصانعها للهند، مثل ما فعلت مع آبل.

4.سلاسل التوريد العالمية تظل متقلبة، فمن غير السهل أن ترجع الامور كما كانت، فالعالم دخل مرحلة "التنويع الجغرافي" في التصنيع.

ختامًا، ما جرى في صادرات الموبايلات من الصين لأمريكا خلال الـ 15 عام الماضيين ليس مجرد تجارة، بل انعكاس لتحولات عميقة في الاقتصاد العالمي، وخصوصًا الصراع بين أمريكا والصين. من 6.9 مليار دولار في قمة المجد لـ 689 مليون فقط في أقل من 5 سنوات، هذه القصة ليس عن الهواتف فقط، بل عن سياسة، اقتصاد، وصراع على من يقود العالم في عصر التكنولوجيا.

والقادم؟ سيكون مليء بالمفاجآ خصوصًا  حينما يدخل الذكاء الاصطناعي على الخط، وسلاسل التوريد تذهب لـ أفريقيا والهند بدلًا من آسيا. الصين لن تصمت، وأمريكا لن تنتظر، ويجب علينا أن نتابع ونحلل؛ لأن ما يحدث هناك. يصل في نهاية المطاف إلى جيوبنا هنا.

Short Url

search