امتحانات الذكاء الاصطناعي بدأت، والطلبة هم ورقة الأسئلة
الأحد، 08 يونيو 2025 07:39 م

الذكاء الاصطناعي في التعليم
تحليل/ ميرنا البكري
في عز موسم الامتحانات، قررت شركات الذكاء الاصطناعي أن تكرم الطلبة بعروض مجانية لحد كبير للغاية، من OpenAI لشهرين، وصولًا إلى عروض جوجل التي وصلت لطلاب المدارس والأطفال أيضًا، لكن السؤال هنا، هل هذه العروض بريئة؟ أم هناك خطة اقتصادية كبيرة خلفها؟
سنفكك هذا المشهد في هذا التحليل، وسنوضح السبب في تحول التعليم لـ ساحة منافسة بين عمالقة التكنولوجيا، وتوقعات ما يحدث الفترة المقبلة إذا كملنا بدون تنظيم.

الشباب هم الكنز الحقيقي،“ من يتحكم في هذا الجيل، كأنه تحكم في المستقبل”
تعتقد شركات الذكاء الاصطناعي إن الفئة العمرية من 18 لـ 24 سنة هم الفئة الذهبية، وهم الأكثر استخدامًا لهذه الأدوات أسبوعيًا، وهم من يمثلوا المستقبل الرقمي، سواء كـ مستخدمين أو كمطورين.
ويُتوقع إن الشركات تستثمر فيهم الآن، لكي تربطهم بأدواتها، وتحولهم لمستخدمين دائمين عند دخولهم سوق العمل، هذا يُعرف بـ “استثمار في الولاء الرقمي”.
التعليم تحول لـ سوق، وليس رسالة
ما جرى مع السوشيال ميديا يتكرر مع الذكاء الاصطناعي، لكن بشكل أذكى، والتعليم في الوقت الحالي يتحول لسوق مربح جدًا، والطلبة يجربوا هذه الأدوات ليس في المذاكرة فقط، لكن في كتابة الأبحاث، وحل المسائل، والتخطيط للمستقبل.
ودخول الشركات العملاقة مجال التعليم بدون ضوابط قد يجعلها تتحكم في عقول الجيل الجديد، مثل ما حدث من قبل في سوق الإعلانات والخصوصية.
لماذا الآن؟، "فرصة ذهبية على صحن امتحانات"
اختيار موسم الامتحانات ليس صدفة، فالطلاب في أقصى درجات التوتر، ويبحثوا عن مساعدات سريعة، كما إن العروض المجانية تجعلهم يجربوا أدوات كانوا يترددوا في استخدامها بسبب التكلفة.
وإذا ارتاح الطلاب لاستخدام الذكاء الاصطناعي، الشركات ستكسب قاعدة بيانات ضخمة من الاستخدامات التعليمية، وتستطيع أن تطور منتجات مخصصة للتعليم ثم تقوم ببيعها في وقت لاحق.
الإدارة الأمريكية، دعم أم تضارب مصالح
ترامب وقع أمر تنفيذي لتعليم الذكاء الاصطناعي، لكن في نفس الوقت يحاول إلغاء وزارة التعليم، المفارقة هنا إن الإدارة تدعم الذكاء الاصطناعي، لكن تقلل من دور الدولة في تنظيمه، قد يفتح الباب لهيمنة الشركات على التعليم بدون رقابة.
الدولة تسلم مفاتيح التعليم لمصانع الذكاء الاصطناعي، وهو ما قد يضر بجودة التعليم واستقلاليته على المدى البعيد.
اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي التوليدي المحرك الجديد للابتكار والتحول الاقتصادي

مبادئ أساسية لكي لا يتحول التعليم لـ تجربة اجتماعية على الطلاب
لكي ندمج الذكاء الاصطناعي في التعليم بأمان وفعالية، لابد أن نلتزم بخمس قواعد:
1.ضبط الحوافز: اي لا يتمحور الهدف حول الأموال
2.الأمان أولًا: خصوصًا للأطفال.
3.محو الأمية الرقمية: تعليم الطلاب مبادىء التكنولوجيا وليس استخدامها فقط.
4.المعلم شريك وليس متفرج: لابد أن يكون له دور في تطوير الأدوات.
5.تفاعل حقيقي ليس مجرد شاشات: التعليم ليس فيلم كارتون، فمن الضروري أن يتوافر به تفكير وإبداع.
إذا التزمت الشركات بهذه المبادىء، ستخلق سوق تعليم رقمي آمن ومربح في نفس الوقت، وسيكون به توازن بين الربح والمسؤولية الاجتماعية.
ختامًا، ما نشهده اليوم في مجال التعليم ليس موجة عابرة، بل بداية لتحول اقتصادي كبير يجعل من التعليم صناعة مربحة،لكن الفارق الجوهري هو أن التعليم يتعامل مع العقول، لا مع الجيوب فقط، وإذا تركنا الشركات تتحكم دون ضوابط واضحة، سنجد أنفسنا أمام جيل تعلم من أدوات صُممت لخدمة مصالح تلك الشركات، لا لمستقبله.
اللحظة الحالية هي لحظة مفصلية: إما أن نبني نموذجًا تعليميًا عادلًا وآمنًا يُسهم فيه الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول. إما أن نعيد تكرار الأخطاء التي ارتكبناها مع وسائل التواصل الاجتماعي، وندفع الثمن لاحقًا.
Short Url
كيف تفوقت "أمواج العُمانية" على ديور وكريد؟ عطر بنكهة التراث
09 يونيو 2025 10:40 ص
الاقتصاد الرقمي الجديد، من لا يملك الكود لا يملك السيادة
09 يونيو 2025 06:10 ص
صناعة الرفاهية الأوروبية تحت الحصار الجمركي الأمريكي
08 يونيو 2025 09:36 م


أكثر الكلمات انتشاراً