إندونيسيا على خريطة المعادن النادرة، هل تجد أميركا مخرجًا من قبضة الصين؟
الخميس، 22 مايو 2025 11:32 م

المعادن النادرة
كتب/ كريم قنديل
في ظل اشتداد سباق التكنولوجيا النظيفة والتحول العالمي نحو السيارات الكهربائية، تجد الولايات المتحدة نفسها في سباق محموم لتأمين سلاسل إمداد المعادن النادرة بعيدًا عن قبضة الصين، التي تهيمن على نحو 90% من سوق بطاريات الليثيوم عالميًا.

وفي هذا السياق، تبرز إندونيسيا كرقم صاعد في معادلة المعادن الاستراتيجية، وسط تساؤلات جوهرية، هل تكون هذه الدولة الآسيوية الجسر الذي تعبر منه أميركا إلى استقلالها المعدني؟
من مصدر خام إلى مركز عالمي للنيكل
نجحت إندونيسيا خلال عقد واحد في تغيير موقعها من مجرد مصدر للنيكل الخام إلى مركز متكامل للتصنيع والمعالجة، بعد أن فرضت حظرًا على تصدير الخام في عام 2014، جذبت استثمارات ضخمة لإنشاء مصاهر ومعامل تحويل، ما أدى إلى تضاعف عائدات صادرات النيكل أكثر من عشر مرات، لتبلغ 30 مليار دولار في 2022.
ولا تقتصر الأرقام على النيكل فقط، بل أصبحت جاكرتا مركزًا ناميًا في إنتاج الفولاذ المقاوم للصدأ، وبدأت تتجه بقوة نحو تصنيع المواد الكيميائية اللازمة لبطاريات السيارات الكهربائية، في تحول استراتيجي يدعم طموحها لتصبح من أكبر ثلاث دول منتجة لبطاريات السيارات الكهربائية بحلول 2027.
اقرأ أيضًا:
أزمة المعادن النادرة، الصين تُبطئ التصدير وتُربك الأسواق العالمية (فيديو)
معادن الصين النادرة، بين الهيمنة التجارية وحرب الرسوم الجمركية
فرصة ذهبية وأميركا غائبة
رغم أن هذه القفزة الإندونيسية تمثل فرصة نادرة للولايات المتحدة لفك ارتباطها بالهيمنة الصينية على المعادن النادرة، إلا أن الشركات الأميركية ما تزال متأخرة في دخول هذا السوق الحيوي.
الغلبة الاستثمارية ما زالت لصالح الشركات الصينية، تليها الكورية واليابانية، بينما يبرز الغياب الأميركي كعلامة استفهام اقتصادية واستراتيجية.
المفارقة أن النيكل الإندونيسي يُستخدم فعليًا في صناعة بطاريات سيارات تسلا الأميركية، لكن دون وجود أميركي يُذكر في مراحل الإنتاج والمعالجة، ما يهدد الاستقلال الاستراتيجي الأميركي على المدى البعيد.

معضلة الاستدامة.. النيكل المُعالج يلوث
لكن هذا الطموح الإندونيسي لا يخلو من تحديات بيئية جسيمة، إذ تعتمد البلاد بشكل رئيسي على الفحم في تشغيل معامل معالجة النيكل، ما يؤدي إلى إطلاق نحو 58.6 طنًا من ثاني أكسيد الكربون لكل طن نيكل معالج، وهي نسبة تضع الصناعة برمتها تحت ضغط متزايد من المؤسسات البيئية والأسواق المستوردة التي أصبحت تشترط معادن نظيفة.
ومن هنا، تبرز فرصة أميركية خضراء، بإمكان واشنطن أن تلعب دورًا قياديًا في تطوير تقنيات إنتاج النيكل الأخضر في إندونيسيا، عبر استثمارات مشتركة في مصادر الطاقة المتجددة، وتقنيات احتجاز الكربون، وتوفير بدائل صديقة للبيئة في أفران الصهر.
اقرأ أيضًا:
تريليوني طن من المعادن النادرة في أعماق البحار، هل بدأ سباق الذهب الجديد؟
«المعادن النادرة» صراع عالمي على كنوز التكنولوجيا الحديثة
نيكل إندونيسيا مفتاح لسباق الجيوسياسة الصناعية
إن السيطرة على النيكل عالي النقاء الضروري لإنتاج بطاريات الليثيوم المتقدمة، لم تعد مجرد رهان اقتصادي، بل أصبحت سلاحًا استراتيجيًا في الحرب التجارية والتكنولوجية بين واشنطن وبكين.
وفي وقت أنتجت فيه الصين 480 جيجاواط/ساعة من بطاريات السيارات الكهربائية عام 2023، مقارنة بـ58 فقط للولايات المتحدة، تبدو الحاجة الأميركية إلى توسيع قاعدتها الصناعية في المحيطين الهندي والهادئ أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
وإذا استمرت الولايات المتحدة في التغاضي عن التحول الإندونيسي، فإنها تخاطر بأن تُستبعد من وضع المعايير، والتسعير، وحتى مسارات التدفق التجاري لأحد أكثر الموارد الاستراتيجية تأثيرًا في اقتصاد المستقبل.

إندونيسيا ليست فقط فرصة إنها جبهة استراتيجية
يبدو أن إندونيسيا لم تعد فقط لاعبًا صاعدًا في أسواق المعادن، بل بوابة استراتيجية حاسمة في صراع سلاسل الإمداد العالمي، وإذا أرادت الولايات المتحدة تجنب الوقوع في فخ الهيمنة الصينية، فإن الطريق يمر عبر شراكة خضراء، منتجة، واستراتيجية مع جاكرتا.
فالنيكل الإندونيسي ليس مجرد معدن، بل محور جيوسياسي جديد، ومن يدرك هذه الحقيقة الآن سيكون هو الرابح في سباق المستقبل.
Short Url
الأمراض الفيروسية تعبث بأسواق المستلزمات الطبية، ما القصة؟
23 مايو 2025 12:58 ص
الاقتصاد الأوروبي في خطر، منطقة اليورو تعود إلى الانكماش رغم محاولات التعافي
22 مايو 2025 02:01 م
«من وول ستريت إلى النفط» الأسواق تهتز بعد خفض التصنيف الائتماني لأمريكا
22 مايو 2025 12:32 م


أكثر الكلمات انتشاراً